على الرغم من معاهدة كامب ديفيد ومطالبات مصر بالانسحاب الإسرائيلي من محور فيلادلفيا، إلا أن إسرائيل تضرب بكل ذلك عرض الحائط، وتتحدى مصر بعنجهية واستهانة بموقفها وجيشها ورئيسها، تواصل إسرائيل بحرية تامة كسر كل القواعد والتحرك بحرية في احتلال محور فيلادلفيا، وسط صمت مصري، رسمي وشعبي، بعد عدة تحركات مسرحية مصرية في أوقات سابقة.
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي أعمال تعبيد الطرق على طول محور صلاح الدين، المعروف إسرائيليًا بـ “فيلادلفيا”، والذي يمتد بين قطاع غزة والحدود المصرية، بدءًا من ساحل البحر المتوسط وحتى معبر كرم أبو سالم.
وبحسب مصادر قبلية من مدينة رفح المصرية، فإن جيش الاحتلال قام بتركيب أعمدة إنارة ضخمة مزودة بكاميرات مراقبة وأبراج عسكرية في عدة مواقع على طول المحور.
وأشارت المصادر إلى أن الجيش المصري أجرى إصلاحات على الأضرار التي لحقت بالمنطقة الحدودية نتيجة تفجير جيش الاحتلال لأنفاق مهجورة بالقرب من الحدود مع مصر.
فيما تستمر قوات الاحتلال في قصف المناطق المتاخمة لمحور “صلاح الدين” ومعبر رفح البري، ما أدى إلى توقف تام لدخول أي مساعدات إنسانية للسكان المحاصرين في قطاع غزة.
وقد تم تحويل حركة نقل الإمدادات إلى معبر كرم أبو سالم، الذي يعمل فقط ليوم أو يومين في الأسبوع، ولا يتم خلالهما إدخال أكثر من 15 إلى 50 شاحنة كحد أقصى.
في تصعيد جديد، أعادت قوات الاحتلال يوم الأربعاء الماضي 35 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية من منظمات دولية مثل اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية والأونروا، كانت متجهة إلى معبر كرم أبو سالم من الجانب المصري دون تفريغها، بسبب عراقيل ومماطلة من الاحتلال. كما تم إغلاق المعبر بشكل كامل الخميس الماضي دون توضيح الأسباب.
خلافات حول فيلادلفيا
يُذكر أن خلافًا أُثير حول وضع محور صلاح الدين الحدودي الذي احتلته إسرائيل خلافًا للمعاهدات الموقعة بين الطرفين، مما أدى إلى توتر في العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإسرائيل.
في الوقت ذاته، لم تتسلم مصر بعد الخطاب الرسمي لترشيح السفير الإسرائيلي الجديد في القاهرة، أوري روثمان، رغم انتهاء فترة عمل السفيرة السابقة أميرة أورون منذ ثلاثة أسابيع.
ولم تتلقَ مصر بعد خطاب تكليف السفير الجديد رغم أن إسرائيل قامت بالإجراءات الرسمية المعتادة في مثل هذه الحالات.
بقاء طويل لإسرائيل
أعادت إنشاءات الاحتلال الإسرائيلي الجديدة على محور فيلادلفيا الحدودي بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، والتي جرى الكشف عنها خلال الأيام الأخيرة، إثارة المزيد من التكهنات حول طول فترة إبقاء السيطرة الإسرائيلية عليه، لا سيما أنها المسألة الأساسية التي فجّرت مفاوضات وقف إطلاق النار وعقد صفقة لتبادل الأسرى.
خلال الاجتياح البري لمدينة رفح، قامت قوات الاحتلال بعمليات نسف هائلة للمنازل القريبة من المحور الحدودي بهدف إنشاء منطقة عازلة، فيما كشفت صور الأقمار الصناعية عن طرق جديدة مصممة على ما يبدو لبقاء القوات الإسرائيلية في المحور لفترة طويلة.
وقال مراقبون إن نتنياهو سعى لتضخيم أهمية السيطرة على محور فيلادلفيا، ووصل ذلك ذروته في مؤتمر صحفي تحدث فيه لمدة ستين دقيقة مدافعًا عن الأهمية الاستراتيجية للبقاء هناك، معتبرًا إياه “صخرة وجود” للاحتلال، وأنه كان أنبوب الأكسجين (شريان حياة) لحماس.
لم يُجب نتنياهو عن سبب البروز المفاجئ للأهمية الاستراتيجية للمحور، إذ إنه لم ينتبه له إلا في الشهر الثامن للحرب، بالرغم من وجود وزراء أثاروا الأمر في اليوم الأول، بحسب ما ذكر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق آيزنكوت.
ولتخفيف حدة التوتر مع مصر، اقترح الاحتلال الإسرائيلي بناء ثمانية أبراج مراقبة على طول محور فيلادلفيا، لكن في ظل الرفض المصري وإصرار المقاومة على الانسحاب الكامل من قطاع غزة بما فيه المحور للتوصل إلى أي صفقة، لجأت الولايات المتحدة إلى اقتراح إنشاء برجي مراقبة فقط.
وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن “القاهرة رفضت كلا الاقتراحين على أساس أن كل برج مراقبة يسمح للجيش الإسرائيلي بالتواجد الدائم في المحور.”
وأمام هذه التطورات المتعلقة بالمحور، لا يزال جيش الاحتلال يواصل عمليات الهدم والتجريف والتشييد على طول المنطقة الحدودية الفاصلة بين قطاع غزة ومصر، وسط أنباء عن مخططات لبناء جدار تحت أرضي ومحاولات لتنفيذ مخططات سابقة منها إنشاء قناة مائية.