كشف وزير الصحة خالد عبد الغفار بحكومة الانقلاب ، يوم الاثنين الماضي، أن معدل الإنجاب الكلي انخفض في مصر من 3.5 مولود لكل سيدة في عام 2014 إلى 2.5 مولود في 2024، بتراجع نسبته 28.5%، موضحًا أن المعدل الحالي للمواليد لم تشهده مصر عبر تاريخها، بينما المستهدف هو النزول بهذا المعدل إلى 2.1 مولود لكل سيدة خلال ست سنوات.
وأضاف عبد الغفار، خلال استعراضه خطط وسياسات وزارة الصحة للفترة المقبلة، أن معدل الإنجاب لكل سيدة مصرية كان يتراوح بين أربعة وخمسة أطفال في عهود سابقة، وكان الوصول إلى ثلاثة مواليد لكل سيدة أفضل معدل إنجاب حققته الدولة.
إملاءات صندوق النقد
ويربط مراقبون بين تراجع معدل الإنجاب في مصر واتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي على تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، وما رافقه من قرارات تعويم الجنيه خمس مرات منذ عام 2016، وتحرير أسعار الوقود والطاقة، وفرض المزيد من الضرائب والرسوم، الأمر الذي أدى إلى عزوف الشباب عن الزواج وارتفاع نسب الطلاق، بسبب الخلافات الأسرية الناجمة عن الغلاء والتضخم.
وسجلت محافظات أسيوط وسوهاج وقنا والمنيا والأقصر أعلى معدلات للمواليد في مصر على الترتيب، بينما سجلت محافظات بورسعيد ودمياط والدقهلية والسويس والغربية أقل معدلات للمواليد، وفق أحدث إحصائيات صادرة عن جهاز التعبئة والإحصاء الحكومي.
اضطرار وليس قناعة
وأظهرت دراسة إحصائية أجراها مركز “تكامل مصر” لدراسات الإعلام والرأي العام نهاية العام الماضي، لرصد وفهم اتجاهات الإنجاب وعواملها المختلفة، أن انخفاض عدد المواليد في مصر بدأ في منتصف عام 2013، حيث كان 31.2 طفلاً لكل ألف مواطن، واستمر بوتيرة شبه متقاربة في الأعوام التالية، حتى وصل إلى 19.4 طفلاً لكل ألف مواطن مصري في نهاية 2023، وهكذا بلغت نسبة الانخفاض في معدل المواليد نحو 30.5% بين عامي 2013 و2023.
وتُظهر دراسة أُجريت حول أسباب انخفاض المواليد خلال هذه الفترة ارتباط الظاهرة بعوامل اجتماعية واقتصادية تؤثر بشكلٍ مباشر أو غير مباشر على المعدلات، وأهم هذه العوامل:
1- ارتباط انخفاض معدلات الزواج بمعدل انخفاض المواليد.
2- ارتباط أعمار النساء عند الزواج الأول بمعدل المواليد.
3- ارتباط معدلات إصابة النساء بأمراض الكبد والسرطان بمعدل المواليد.
4- ارتباط معدلات البطالة بمعدل المواليد.
5- ارتباط معدلات التضخم بمعدل المواليد.
6- ارتباط نسب العاملين بالقطاع الحكومي بمعدل المواليد.
7- ارتباط قيمة صرف الدولار في السوق السوداء بمعدل المواليد.
8- ارتباط حجم حسابات النساء المصريات على مواقع التواصل الاجتماعي بمعدل المواليد.
9- ارتباط عدد السجناء والمعتقلين سياسيًا بمعدل المواليد.
10- ارتباط معدلات الهجرة الرسمية وغير الشرعية بمعدل المواليد.
الهروب من الزواج
من جهته، يرجع أستاذ الاقتصاد رشاد عبده انخفاض معدلات المواليد إلى اضطرار الشباب لتأجيل سن الزواج بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع تكاليفه، واعتبر في تصريحات صحفية أن الأزمة الاجتماعية تحرم الشباب من حقهم الطبيعي في الزواج والإنجاب، ما قد يدفع بعضهم إلى اللجوء إلى خيارات بديلة مثل الزواج العرفي.
وهكذا، يحقق السيسي أهدافه بالقسر والتفقير والبطالة، وتقليص الدعم، وغلاء الأسعار، وتعظيم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، التي تصرف المصريين عن حياتهم الطبيعية.