وفقًا لسياسات العسكرة والهيمنة على اقتصاد وأراضي مصر ومواردها الاقتصادية، وبالأمر المباشر من قبل “شمشون مصر” المنقلب السفيه السيسي، وافق مجلس الوزراء، الأربعاء الماضى ، على مشروع قرار السيسي بتخصيص قطعتي أرض مملوكتين للدولة ملكية خاصة بناحية منطقتي رابعة وبئر العبد في محافظة شمال سيناء لصالح الجيش عبر جهاز “مستقبل مصر للتنمية المستدامة” التابع له، بدعوى استخدامهما في أنشطة الاستصلاح والاستزراع، الأولى بمساحة 46.7 ألف فدان، والثانية بمساحة 714.19 فدانًا.
تبلغ المساحة الصالحة للزراعة في شمال سيناء نحو 500 ألف فدان، حيث تقع أكثر من 70% منها تحت سيطرة أجهزة الجيش، مما أدى إلى تهجير آلاف السكان من سيناء منذ عام 2014 وخلو جزء كبير من مدن المحافظة من السكان.
أُنشئ جهاز “مستقبل مصر” بموجب قرار السيسي رقم 591 لسنة 2022، بهدف معلن وهو استصلاح مليون ونصف المليون فدان من الأراضي الصحراوية، ومع ذلك، صدرت قرارات رئاسية تباعًا بضم عدد كبير من الأراضي الزراعية والمستصلحة في المحافظات لصالح الجهاز، سواء كانت مملوكة للدولة ملكية خاصة أو للمواطنين، كما حدث في منطقة غرد القطانية بمحافظة الجيزة.
عبر هذا الجهاز، استولى الجيش على نحو 30 ألف فدان واقعة عند الكيلو 88 بطريق الواحات البحرية بالقرب من مدينة السادس من أكتوبر، رغم شراء قرابة ألفي مستثمر لهذه الأراضي من شركات استصلاح زراعي مسجلة في هيئة الاستثمار عام 2015، وحصولهم على كل الموافقات الحكومية اللازمة لممارسة هذا النشاط والترويج له.
تتوسع الحكومة في نقل ملكية الأراضي للشركات التي يملكها الجيش بدلًا من القطاع الخاص، مما يتعارض مع حديثها المتكرر حول التزامها بإفساح المجال لتعزيز دور هذا القطاع في النشاط الاقتصادي، تنفيذًا لبنود وثيقة سياسة ملكية الدولة وتعهداتها لصندوق النقد الدولي بتقليص دور الجيش في الاقتصاد بصورة تدريجية.
سبق أن أصدر السيسي قرارًا رقم 17 لسنة 2023، بتخصيص الأراضي الصحراوية الواقعة بعمق كيلومترين كاملين على جانبي 31 طريقًا رئيسيًا لصالح الجيش، مما حوله فعليًا إلى أكبر مالك للأراضي القابلة للتنمية وتوصيل المرافق والتطوير والاستثمار في البلاد، ومنحه ميزة تنافسية على حساب الحكومة وهيئاتها المدنية وكذلك المستثمرين.
بلغت أطوال الطرق التي شملها القرار 3696 كيلومترًا، بمساحة 14 ألفًا و784 كيلومترًا مربعًا، جرى تخصيصها بـ”الأمر المباشر” للجيش، مع إحالة المخالفين للقرار إلى القضاء العسكري لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، سواء من قاموا بوضع أيديهم على تلك الأراضي أو أعلنوا عن بيعها دون الحصول على التصاريح اللازمة من القوات المسلحة.
وهكذا، يتحول الجيش إلى محتكر لأراضي مصر بالمجان، محرمًا خزانة الدولة من مورد مالي كبير يتمثل في عوائد بيع تلك الأراضي للقطاع الخاص أو الأهالي لتطويرها واستثمارها، وفوق ذلك، يبيع الجيش منتجات تلك الأراضي بأسعار السوق دون أي خفض أو مراعاة لأن تلك الأراضي هي ملك للشعب، الذي من حقه التمتع بخيراتها، كما لا يدفع الجيش وشركاته أي ضرائب أو رسوم للدولة، مما يجعله مجرد جابٍ للأموال وحارمًا الدولة من نحو 60% من إيراداتها، في ظل اقتصاد عسكري يعمل بلا رقابة من أجهزة الدولة المحاسبية أو الرقابية.
وعلاوة على ذلك، يصر السيسي على عدم إعادة المهجرين من سيناء إلى أراضيهم ومنازلهم التي أخرجهم منها في السنوات الماضية، ويتجاهل مطالب أبناء مناطق سيناء بحقهم الذي وعدهم به سابقًا.