تشهد أسعار البصل ارتفاعا جنونيا في الأسواق المصرية، بسبب نقص المعروض وتصدير حكومة الانقلاب كميات كبيرة من المحصول إلى الخارج، دون مراعاة لاحيتاجات المواطنين وتقليص المساحات المزروعة بمحصول البصل من جانب الفلاحين ، وهو ما تسبب في نقص المعروض في الأسواق .
هذه الأوضاع دفعت البصل ليسجل ارتفاعا غير مسبوق، حيث وصل سعره إلى 40 و 50 جنيهًا للكيلو الواحد في بعض الأسواق، ما آثار حالة من الاحتجاج لدى المصريين الذين يعانون من موجات غلاء لا تتوقف في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي .
يشار إلى أن متوسط مساحات زراعات البصل يبلغ كل عام نحو 250 ألف فدان تنتج نحو 3.6 مليون طن سنويًا، بمتوسط 15 طن للفدان.
تعطيش السوق
من جانبه كشف الدكتور عبدالمجيد مبروك أبودهب، رئيس قسم بحوث البصل بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية، أسباب ارتفاع سعر البصل، موضحا أن سبب ارتفاع أسعار البصل هو انخفاض المساحة المزروعة بهذا المحصول الاستراتيجي في الموسم الماضي، وذلك نتيجة تدني سعر البصل الموسم قبل الماضي، حيث كان سعر الطن أقل من ألف جنيه فقط.
وقال أبودهب في تصريحات صحفية أن من ضمن أسباب ارتفاع الأسعار التغيرات المناخية التي تأثرت بها مصر، وكذلك الدول المنافسة لها والممارسات الاحتكارية للتجار وبعض المصدرين الباحثين عن مكسب من وراء الاحتكار وإخفاء السلع .
ونوه إلى أن المساحة المزروعة بالبصل للموسم 2022/2023 بلغت حوالي 219 ألف فدان وأنتجت 3.3 مليون طن، مؤكدا أن مصر تحتل المركز الرابع إلى الخامس ضمن أفضل 10 دول منتجة ومصدرة للبصل بسبب تفوق الأصناف المصرية وطبيعة مناخها، حيث يتم تصدير البصل المصري إلى أكثر من 50 دولة أجنبية وعربية .
وأوضح أبودهب أنه كانت تصدر كميات ضخمة من البصل سنويا قبل ظهور هذه المشاكل، لافتا إلى أن الأزمة الحقيقية تكمن في أن الكثير من التجار منذ صدور قرار وقف التصدير خزنوا البصل وعطشوا السوق على أمل تصديره بسعر مرتفع بعد انتهاء مدة القرار.
مستلزمات الإنتاج
وطالب المحتكرين، بطرح البصل المُخزن لديهم بالأسواق بأسعاره الطبيعية المنخفضة وإلا سيفسد، خاصة أن المحصول الجديد سيبدأ مع انتهاء مدة قرار حظر التصدير الذي أصدرته حكومة الانقلاب.
وأرجع أبودهب ارتفاع سعر البصل خلال الشهور الأخيرة، إلى عدة عوامل، متداخلة ومرتبطة ببعضها البعض، منها خضوع أسعار البصل لآليات العرض والطلب، والتي تعتمد على كمية الإنتاج والمساحة المنزرعة والصادرات، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار مدخلات ومستلزمات الإنتاج من الأسمدة والمبيدات والعمالة، بجانب قيام بعض التجار بتخزين كميات كبيرة من البصل إما بهدف التصدير أو البيع وقت ارتفاع السعر، وهكذا.
واعتبر أن تصدير البصل ليس هو السبب الرئيسي في ارتفاع سعره محليا لوجود اكتفاء ذاتي، وفائض تصديري منه، ولكن في المواسم التي تزيد فيها صادرات البصل وترتفع أسعاره يتجه المزارعون في الموسم التالي لزراعة مساحات أكبر، ويزيد المعروض، وينخفض السعر، فيحجم المزارعون عن الزراعة في الموسم الذي يليه فترتفع الأسعار وهكذا .
موسم التخزين
وتوقع حسين عبد الرحمن أبو صدام نقيب عام الفلاحين، ارتفاع أسعار الخضراوات وعلى رأسها البصل والطماطم والبطاطس خلال الفترة المقبلة، مع اقتراب موسم الشتاء، والذي يشهد ارتفاع أسعار بعض الخضراوات.
وقال أبو صدام في تصريحات صحفية: إن “الشهر المقبل سيشهد ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار البصل والثوم، لافتًا إلى أن سبب الارتفاع هو انتهاء موسم التخزين الحالي ووجود فترة بمثابة فجوة بين العروات”.
وأكد أن سعر كيلو البصل ارتفع من 10 جنيهات لـ 30 جنيهًا، متوقعا أن يرتفع سعر كيلو الثوم لـ 120 جنيهًا، صعودًا من سعره الحالي والذي يسجل حاليا 80 جنيهًا.
وأضاف أبو صدام، هذا الارتفاع سيكون لمدة شهرين، هما شهرا نوفمبر وديسمبر المقبلين، على أن تنتهي موجة الارتفاع خلال شهر يناير المقبل مع بداية ظهور العروات الجديدة، مؤكدًا أن هذا الارتفاع طبيعي كل عام وستتراجع الأسعار بعده مجددًا بمجرد ظهور العروات الجديدة.
وأشار إلى أن الأيام الحالية تشهد تراجعًا في أسعار بعض الخضراوات مثل: الطماطم والبطاطس، حيث هبط سعر كيلو الطماطم لـ 20 جنيها، بعدما كان يباع بـ 40 جنيها، مرجحا وصول سعر كيلو الطماطم لـ 10 جنيهات خلال أيام، تزامنًا مع ظهور العروة الجديدة.
التصدير
وقال حاتم نجيب نائب رئيس شعبة الخضار والفاكهة باتحاد الغرف التجارية: إن “أزمة ارتفاع سعر البصل هذا العام جاءت بعد تقليل المساحات المزروعة بالمحصول، إضافة إلى زيادة حجم تصدير البصل، وتدخل حكومة الانقلاب بشكل متأخر فى منع التصدير، بعد خروج كميات كبيرة من البصل، ما أدى إلى نقص المعروض بالأسوتق”.
وأكد نجيب في تصريحات صحفية أن هناك أكثر من جهة حذرت من تصدير البصل هذا العام، وطالب عدد كبير من الخبراء بوقف التصدير، لكن استجابة حكومة الانقلاب كانت متأخرة، وهذا أدى إلى نقص المعروض من البصل بالسوق.
وكشف أنه التقي مع وزير زراعة الانقلاب ومسئولين في التموين وحذر من التصدير منذ شهر إبريل الماضي، مؤكدا أنه لا توجد ندرة في أي منتج زراعي على مستوى الجمهورية، لكن جشع التجار هو سبب من أسباب ارتفاع الأسعار، وحل المشكلة يأتي من عرض كميات كبيرة من المنتجات الزراعية بالسوق .
وحول موعد انخفاض سعر البصل، قال نجيب: “الموسم الكبير لحصاد البصل في شهر مارس المقبل، متوقعا انخفاض السعر في السوق في منتصف مارس وأول أبريل” .