يكاد يصدق بمصر المثل القائل “الكفر والفقر إخوات”، حيث تتزايد في مصر العديد من الظواهر السلبية بصورة كبيرة جدا، وبشكل غير مسبوق ، متجاوزا حدود العقل والمنطق والأخلاق.
قمع تصاعد الفقر بصورة كبيرة، انتعشت تجارات المخدرات والسرقة والقتل والسلب بالإكراة وخطف الأطفال والإتجار بالأعضاء البشرية.
ووفق تقارير إخبارية، تحولت المقاهي في المناطق الشعبية التي تعرف غياباً أمنياً، مقرا لاصطياد الزبائن، وإغراء المواطنين بمبالغ مالية كبيرة مقابل بيع أعضائهم.
ووفق شهود عيان، فقد تحولت مصر أرضاً خصبة لوسطاء التجارة في الأعضاء البشرية، بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تعرفه البلاد، جراء ارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع الأسعار، وتراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار.
وفاقم الجريمة، وجود الوافدين من الدول الفقيرة بمصر، حيث باتوا سوقا للسماسرة وتجار الأعضاء.
ضبط عصابات
ومؤخراً ألقت الأجهزة الأمنية القبض على تنظيم عصابي يستقطب المحتاجين، لشراء أعضائهم البشرية مقابل ملايين الجنيهات يحصلون عليها من التأمين الطبي.
إذ كوّن مجموعة من الأشخاص تنظيماً بمحافظة سوهاج ، واستدرجوا المواطنين المحتاجين للمال، واتفقوا معهم على إنهاء إجراء التأمين على الأعضاء، ومنها العين، والتي تصل قيمتها إلى 25 مليون جنيه، ومن ثم إتلافها طبياً، واختلاق حادثة للحصول على قيمة التأمين.
وقادت الصدفة للكشف عن العصابة عندما لاحظ أحد العاملين بمستشفى سوهاج العام، نقصاً في بعض المحاليل الطبية التي تستخدم في العمليات الجراحية، وأبلغ إدارة المستشفى التي حققت في الأمر وتوصلت إلى أن أحد الممرضين وراء سرقتها.
وكشفت التحقيقات مع الممرض عن عصابة التأمين على الأعضاء في سوهاج، واعترف الممرض باشتراكه مع آخرين في عملية إتلاف أعضاء بشرية مؤمن عليها لدى إحدى شركات التأمين على الأعضاء، للحصول على قيمة التأمين والتي بلغت للعين الواحدة 25 مليون جنيه ، وللساق 70 مليون جنيه.
حيل العصابات
ووفق موقع عربي بوست، فقبل هذه الواقعة بأيام قليلة ضبطت الأجهزة الأمنية طبيب تحاليل عمل على استقطاب المجني عليهم من الفقراء وإيوائهم في مساكن، تمهيداً لشراء أعضائهم بثمن بخس، في حين يحصل هو على مبلغ ضخم، عقب بيع الأعضاء لزراعتها في أجساد ذوي الملاءة المالية.
سماسرة في المقاهي
ووفق روايات من عدد من المقاهي، يستمع الوافدون السودانين عروضا عديدة من قبل السماسرة وتجار الأعضاء البشرية، لجذبهم نحو استئصال الكلى على الأغلب في مقابل مادي يتراوح ما بين 50 ألف جنيه إلى 200 ألف جنيه بحسب كل حالة.
فيما تلقى مصريون عرضاً من ممرض يعمل بإحدى المستشفيات الخاصة، والذي أعطاه مقابل 150 ألف جنيه مقابل عملية استئصال الكلى.
وطمأن الممرض المواطن بأن العملية ستتم وفقاً لأسس طبية وبعد إجراء التحاليل اللازمة التي تضمن عدم وجود أي أضرار طبية، وبحيث تتماشى مع الحالات التي تحتاج إلى عمليات زراعة الكلى.
وأخبر الممرض الوسيط احد الحالات أنه سيحصل على نسبة 20% من إجمالي المبلغ قبل العملية وباقي النسبة عقب إجرائها وقدم العديد من التعهدات التي تضمن الحصول على الأموال، مضيفا: “كان حديثه فيه ثقة لأنه يجري العملية بإحدى المستشفيات الخاصة الشهيرة”.
وأشار الشاب إلى أنه فكر في البداية الاستجابة لطلب السمسار، إذ إنه بحاجة ماسة للمال لظروفه الاقتصادية الصعبة، وراتبه لا يتجاوز 5000 جنيه، وهو مبلغ غير كافٍ للإنفاق على والدته أو الزواج، والمبلغ قادر على أن يساعده على فتح مشروع خاص به.
فيما أصيب أحد من باع كليته لفشل كلوي والتهاب في الرئة جعله طريح الفراش إلى جانب تكبده عناء عمليات الغسيل الكلوي بشكل مستمر.
ووفق رواية المواطن المتردد، أنه بعدما لمس فيه الممرض الوسيط التردد، أخبره أن المقابل يمكن أن يرتفع إلى 300 ألف جنيه للعملية، وهو ضعف المبلغ الذي قدمه في البداية، لكن بعدما حاول الاستفسار عن الموضوع، أشار إلى أن السمسار قام بإغرائه مالياً لجذبه نحو إجراء العملية وعرض عليه مبلغ 300 ألف جنيه أي ضعف ما قام بعرضه في البداية لكنه رفض أيضًا.
ووفق تحقيق استقصائي للموقع، فأن ما يقرب من عشر أفراد من القاطنين قرب احدى المقاهى بعين شمس، أجروا بالفعل عمليات خلال العامين الماضيين..
مشيراً إلى أن الفحوصات والتحاليل المطلوبة تُجرى بواسطة إحدى المعامل التابعة للمستشفى ولا يتكلف بها المريض، ويتم التجهيز لإجراء العملية خلال أسبوع إلى أسبوعين على الأكثر ويحصل المريض على قيمة العضو كاملة بعد يومين من إجراء العملية.
فيما تنتشر تدوينات للعديد من المصريين على مواقع وصفحات فيسبوك من الراغبين في بيع أعضائهم بسبب الحاجة المادية، أو الراغبين في شراء أعضاء بشرية لهم أو لذويهم بمقابل مادي، كما أنه من اللافت قيام بعض السودانيين الذين يتواجدون في مصر أيضًا بعرض أعضائهم للبيع.
وقال مصدر مطلع بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: إن “غالبية التدوينات التي يتم رصدها تكون لشباب في سن يتراوح ما بين 17 و35 عاماً، ويتحدث هؤلاء عن معاناتهم من توفير النفقات ويعرضون بيع كلاهم إما لتسديد الديون أو عدم القدرة على الإنفاق على الأسرة والرغبة في افتتاح مشروع جديد، أو عدم القدرة على دفع قيمة السكن، وهذا الشق الأخير يتعلق بالسودانيين الذين يعرضون بيع كلاهم”.
وأضاف أن الردود على هذه التدوينات تأتي في الغالب من بعض المرضى بدول الخليج، أو الوسطاء ثم يكون التواصل بينهم بعيداً عن التدوينات العلنية، وفي المقابل يعلن البعض عن حاجته إلى الكلى أو الكبد أو القرنية وغيرها من الأعضاء بحثًا عن إمكانية توفيرها عبر مواقع التواصل، وفي تلك الحالة دائمًا ما يدخل السماسرة على خط هذه الطلبات للحصول على نسبتهم مقابل توفير الحالات.
وأشار إلى أن غالبية التدوينات تأتي من مناطق عشوائية أو شعبية في القاهرة أو في المحافظات والمراكز الفقيرة، ولا يكون لدى الساعين في بيع أعضائهم رغبة في التعرف على الآثار الجانبية لتلك العمليات وتكون الرغبة في الحصول على المال أقوى في الأغلب من أي تحذيرات.
الفقر السبب لأول
وارتفعت معدلات الفقر في يشار إلى أن السبب الأول في لانتشار تلك الجريمة، هو الفقر المتفاقم بالمجتمع المصري، بحسب تصريحات سابقة لوزيرة التضامن الاجتماعي السابقة نيفين القباج قبل ثلاث سنوات، حيث أشارت إلى أن عدد الأسر الفقيرة بلغ 8.5 ملايين أسرة، وتضم قرابة 31 مليون فرد.
وتوقعت دراسة مستقلة أجريت قبل عامين أن يرتفع مستوى الفقر في مصر إلى 35.7%، في عام 2022/2023، وذكرت الدراسة التي أعدتها مستشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، هبة الليثي، أن نسبة الفقر بلغت 33.7% في 2022 في حين كانت النسبة 31.1% في 2021 ارتفاعاً من 29.7% وفق آخر إحصاء رسمي في 2020.
وزادت وتيرة ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، حيث قفز معدل التضخم لإجمالي الجمهورية إلى 40.3% على أساس سنوي في سبتمبر من العام الماضي، بحسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
كما أن ضعف الإجراءات الحكومية في التعامل مع عمليات استئصال الأورام وتمددها، كان سببا في منح التراخيص لفتح مستشفيات خاصة تكون في الأغلب مشبوهة، وتستهدف تحقيق أرباح غير شرعية، الأمر الذي ساهم في تمدد تجارة الأعضاء البشرية.
وهكذا يضاعف الفقر معاناة المصريين في ظل حكم السيسي، وصولا إلى بيع أعضائهم.