كلما وصل المصريون إلى قاع جديد مع سياسات المنقلب السفيه السيسي، وظنوا أنه نهاية التراجع، إذ بهم يغوصون إلى قاع جديد، على كافة الأصعدة، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر مقربة من الجهات الاقتصادية السيادية، عن اشتراط صندوق النقد الدولي، لاتمام مراجعته الرابعة لبرنامج الصندوق بمصر، وصرف لشريحة الربعة المقدرة بنحو 1.3 مليار دولار للسيسي.
حيث يطالب الصندوق بالتزام مصر بتعويم مرن للجنيه وليس تعويما مُدارا، وهو ما يعني وصول الجنيه لأرقام قياسية، قد تتجاوز الـ100 جنيه للدولار.
كما يشترط الصندوق طرح شركات الجيش المصري في البورصة.
تلك الاشتراطات، دفعت السيسي للخروج قبل أيام، ودعا لمراجعة الصندوق لسياساته في مصر، حيث بات المواطنون أكثر تضررا من ذي قبل.
وكان السيسي قد تحدث قبل أيام حول برنامج بلاده للإصلاحات الاقتصادية مع صندوق النقد الدولي، وضرورة ألا تسبب مزيدًا من الألم لمعيشة المصريين، ما أثار اهتمام الشارع المحلي وطرح تساؤلات، خاصة أنه رأى أن البرنامج قد يحتاج إلى مراجعة وإعادة نظر، إذ فرضت الضغوط الاقتصادية عبئًا لا يطاق على المصريين الذين يعانون ارتفاع الأسعار الناتجة عنه.
وقال السيسي: إن “برنامج صندوق النقد الإصلاحي الذي يرافقه قرض بقيمة 8 مليارات دولار، والذي تم التوصل إليه في وقت سابق من هذا العام، يُتم تنفيذه في ظل ظروف إقليمية ودولية وعالمية صعبة للغاية، وأقول للحكومة ولنفسي، إنهُ إذا أدى هذا التحدي إلى ضغوط على الجمهور لا يمكنهم تحملها، فيجب مراجعة الوضع ومراجعة الموقف مع الصندوق”.
80 جنيها للدولار
وفي إطار الأزمة الاقتصادية الناجمة عن سياسات مصر الاقتصادية وتفاقم الديون واتباع اشتراطات صندوق النقد الدولي، قدم مركز المعلومات خلال الأيام الماضية تقدير موقف يخص الأزمة الاقتصادية والتصور لعلاجها أو على الأقل الذهاب إلى مسار يقلل من أثرها على المواطن المصري في الفترة الحالية.
فيما كشفت مصادر اقتصادية، أن هناك ملفين مهمين مطروحين على مائدة مفاوضات وزير المالية المصري أحمد كوجك مع صندوق النقد الدولي الآن في الولايات المتحدة الأمريكية، وهما ملف تعويم العملة المصرية، وكذلك ملف طرح شركات الجيش في البورصة.
ويريد الصندوق تعويما جديداً، ويرى أن السعر الحقيقي للدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري هو 80 جنيها مصرياً لكل دولار، لكن السلطة في مصر لا تريد الذهاب إلى ذلك على الأقل في هذا العام، على أن يكون ذلك مع بداية العام المقبل، خاصة وأن هناك تقارير رسمية من أطراف كثيرة، بعضها أمني، تتحدث عن أن الشارع المصري بات لا يقوى على تحمل أي تبعات اقتصادية أخرى في الفترة الحالية.
كشف كذلك أن الملف الثاني يتعلق بطرح شركات الجيش في البورصة، وهي أزمة حقيقية تواجه الحكومة ولا تجد لها حلا في ظل إصرار الجيش على عدم الذهاب بشركاته إلى البورصة في الفترات المقبلة.
ووفق مصادر برلمانية، فإن هناك خلافات خلال الأيام الماضية، على اثر مطالبة الصندوق بتقليص اقتصاد الجيش، والذي فتحه السيسي على مصراعيه، منذ الانقلاب العسكري.
ومقابل صمت الجيش على استمرار السيسي في السلطة، رغم الرفض الشعبي، وسع السيسي للجيش كل لصلاحيات للتغول على الاقتصاد المصري، وسمح للجيش وقادة الجيش بالاستثمار في الاقتصاد على نطاق واسع في السنوات الماضية.
بل سمح السيسي لقادة الجيش بالاستثمار بشكل شخصي، في كافة قطاعات الاقتصاد المصري حتى بات لقادة الجيش إمبراطوريات اقتصادية، وبعد تأزم الأوضاع الاقتصادية طلب السيسي من قادة الجيش ومن الجيش تقديم بعض التنازلات المالية، للموازنة، لكن الجيش وقادته رفضوا، وتعللوا بأن هذه الاستثمارات خاصة، ولا يجب أن تذهب إلى الموازنة المصرية.
جدير بالذكر أن الحكومة قد سبق أن أعلنت في مارس 2023 بدء عملية طرح اثنتين من شركات الجيش للاستثمار، كما تخطط لطرح أربع شركات كبيرة أخرى.
وعقد رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، اجتماعًا لمتابعة الخطوات التنفيذية لبرنامج الطروحات الحكومية الذي سبق الإعلان عنه، وبحسب البيان الذي أصدرته رئاسة الوزراء، سيقدم المستشارون للمستثمرين المعلومات اللازمة حول شركتي “وطنية” لتوزيع الوقود و”صافي” لتعبئة المياه.
وقال البيان: إن “اللجنة المسؤولة عن إدراج الشركات التي تديرها الدولة ستعرض أيضًا أربع شركات كبيرة على المستثمرين من خلال بنوك الاستثمار الدولية، دون تسمية هذه الشركات، لكن بطبيعة الحال لم يتحقق أي شيء من ذلك حتى الآن في الاقتصاد”.
ووفق خبراء، فإن إصرار الجيش على عدم السماح بإدرج شركات في البورصة، قد تؤجل منح مصر الشريحة الرابعة من أموال الصندوق، وتضع مصر في أزمة جديدة، في وقت يتوسع فيه السيسي بالتخلي عن كل أصول الدولة المصرية وأراضيها وعقاراتها وغيرها، لمن يدفع، عدا شركات الجيش الذي يتمسك بـ”عرق الجيش الخاص”.
يشار إلى أن مراجعة موقف مصر مع الصندوق تعني إعادة فتح برامج الإصلاحات الاقتصادية وتأجيل بعضها لفترات لاحقة، لتخفيف صدمة تبعاتها على المستهلك المحلي.
وبحسب “الأناضول”، فإن الصندوق مصمم على المضي قُدمًا في خطة الإصلاحات دون تغيير، وفق الجداول الزمنية المحددة مسبقًا مع الحكومة المصرية.
فيما تبقى من الإصلاحات التي لم يتم إكمالها بعد، رفع الدعم كاملًا عن الوقود، إلى جانب رفع الدعم عن الكهرباء لبعض الشرائح الاستهلاكية، وتخارج الدولة من عشرات الشركات العاملة في البلاد.
وأعلنت مصر عن أكثر من صفقة خلال العام الجاري، تبيع فيها حصصًا للدولة في العديد من الشركات لصالح القطاع الخاص المحلي.
وفي حال فرضية ظهور خلافات بين الجانبين بشأن مواعيد تنفيذ الإصلاحات، فإن الصندوق قد يتجه إلى تأجيل مراجعات البرنامج مع مصر، وهو ما سيؤجل تسليم شرائح جديدة من القرض البالغ 8 مليارات دولار.
وهكذا فإن مصير المصريين بات محتوما بين، الغلاء ورفع أسعار كل مناحي الحياة، ودفع مزيد من الضرائب والرسوم، وتعويم مرن للدولار، يقود نحو إفقار ملايين المصريين.