في تبرير مُمجوج من قبل وزارة الآثار المصرية لكارثة تشويه تماثيل الأسدين الرابضين على كوبري قصر النيل ودهانهما بشكل غير متخصص، قال رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية في المجلس الأعلى للآثار، جمال مصطفى، إن تماثيل أسود كوبري قصر النيل ليست ضمن الآثار المسجلة، وإن أعمال التنظيف والصيانة التي تخضع لها تأتي في إطار التعاون مع محافظة القاهرة.
جاء ذلك في بيان أصدرته وزارة السياحة والآثار، الثلاثاء، تعليقاً على منشورات نشرها مصريون ساءهم طلاء هذه التماثيل على نحو أفقدها قيمتها.
رفض الفنانين التشكيليين
ورغم تصريحات المسؤولين الرسميين الموجهة لانتقادات المصريين حول تشويه الآثار، انتقدت نقابة الفنانين التشكيليين أعمال ترميم تماثيل أسود كوبري قصر النيل، وأعربت النقابة في بيان، الاثنين الماضي، عن تحفظها وتخوفها من الكيفية التي تتم بها، وأضافت النقابة: “بدأ الشروع في تنفيذ أعمال الصيانة بدهان أسود كوبري قصر النيل، والتي لوحظ فيها استخدام الرولة في دهان التماثيل البرونزية، وهو ما يعد خطأً كبيرًا ومخالفاً للقواعد العلمية والفنية لأعمال الصيانة؛ مما أفقد التماثيل قيمتها الفنية وطمس الباتينا اللونية الأصلية لخامة البرونز”، وأشارت النقابة في بيانها إلى أن “الأعمال ذات القيمة الفنية والتاريخية الكبيرة صيانتها لا تتم بالطرق التقليدية، بل بطرق أكثر دقة لإزالة الأتربة الملتصقة فقط دون استعمال ورنيشات ومواد ملمعة تفسد العمل على المستويين البصري والتقني.”
وكان وكيل نقابة الفنانين التشكيليين، محمد الصبان، قد نشر عدة صور عبر حسابه الشخصي على موقع فيسبوك، توثق أعمال صيانة وطلاء الأسود الأثرية، واصفاً إياها بأنها “مهزلة جديدة” و”تشويه”.
ويمتاز كوبري قصر النيل بتماثيل الأسود الأربعة المصنوعة من البرونز القابعة عند مدخليه. ويعود تاريخها لأكثر من قرن، منذ عهد الخديوي توفيق، الذي أراد تطوير بعض ميادين القاهرة. وقد صنعت التماثيل لوضعها في قصر الخديوي إسماعيل، إلا أنه خُلع من الحكم قبل تنصيبها هناك.
وتنص قوانين الآثار على أن أي أثر أو مبنى تاريخي يمر عليه مائة عام يتحول إلى أثر. إلا أن حكومة السيسي لا تكترث بآثار مصر.
تعدد كوارث تشويه الآثار المصرية
ازدادت حوادث تشويه الآثار المصرية في مختلف ميادين مصر، حيث طمست عمليات الترميم والتطوير تماثيل مثل تمثال إبراهيم، ومحمد فريد، وأم كلثوم، وغيرها الكثير، وصولاً إلى مطرانية ملوي التي تعد آخر مراحل التشويه للآثار المصرية.
مطرانية ملوي
ومؤخرًا، تواجه مطرانية ملوي، التي بُنيت عام 1927، أزمة حادة بسبب إجراءات ترميمها السيئة والهدم الذي تعرضت له أجزاء منها، ويُعتبر هذا المبنى مثالاً فريداً للهندسة المعمارية القبطية، حيث يتميز بنظام الحوائط الحاملة والقمر المضفور. ومع ذلك، أثار هدم أجزاء من هذه الكنيسة التاريخية استياءً واسعًا بين الأهالي والنشطاء.
تُعتبر مطرانية ملوي إحدى التحف المعمارية التي تجسد الفن القبطي، وقد صمدت أمام الزمن لعقود طويلة، ومع مرور 97 عامًا على إنشائها، بدأت تظهر عليها علامات التآكل، مما أثار جدلاً حول ضرورة الترميم أو الهدم، ويُشار إلى أن الهيكل المعماري للمطرانية يحتوي على تفاصيل زخرفية جميلة تحكي قصة التاريخ والحضارة القبطية.
بدأت أزمة الهدم في أغسطس الماضي، عندما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور توضح هدم أجزاء من الكنيسة، وصدر قرار هدم للمطرانية رغم أن الشروخ الموجودة بها صغيرة، ولا تعد مبررًا لهدم مبنى يحمل قيمة تاريخية وفنية.
من جهتها، تقدمت النائبة سميرة الجزار بطلب إحاطة إلى رئيس الحكومة ووزيرة التنمية المحلية، مطالبة بمناقشة قرار هدم مطرانية ملوي، ووصفت الجزار المبنى بأنه “تحفة معمارية للفن القبطي وذات قيمة تاريخية وثقافية عميقة.”
وأكدت على ضرورة تجريم هدم المباني التاريخية إلا بعد موافقة البرلمان، لضمان حماية التراث المصري.
وهكذا تواجه الآثار والتاريخ المصري خطر التشويه أو الهدم، دون مراعاة للتراث والتاريخ والحضارة المصرية.