الأسر المصرية لا تستطيع الإنفاق على التعليم .. ظاهرة التسرب من المدارس أزمة جديدة فى زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

رغم مزاعم حكومة الانقلاب بأنها تنفذ خطة لتطوير التعليم وتقليص كثافة الفصول، والنهوض بالبنية التحتية وجودة التعليم، والقضاء على ظاهرة العجز في المعلمين، إلا أن الواقع يؤكد أن شيئًا من ذلك لم يتحقق، بل ظهرت أزمات جديدة نتجت عن الانهيار الاقتصادي وتراجع مستوى المعيشة وتزايد أعداد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى أكثر من 70 مليون مواطن، وفق بيانات البنك الدولي.

من هذه الأزمات، ظاهرة التسرب من المدارس بل ومن الجامعات، التي تزايدت بصورة غير مسبوقة، حيث لم تعد العديد من الأسر قادرة على الإنفاق على تعليم الأبناء، وتوجهت بهم إلى سوق العمل من أجل توفير لقمة العيش التي أصبح الحصول عليها مسألة صعبة في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبد الفتاح السيسي.

 

يُعد التسرب من المدارس والجامعات من أبرز التحديات التي تواجه نظام التعليم في زمن الانقلاب، وهذه الظاهرة لها تأثيرات بعيدة المدى على المجتمع والاقتصاد، حيث تؤدي إلى إضعاف القوى العاملة، وزيادة معدلات الفقر، وانتشار الجهل والأمية، وهو ما يعمل نظام الانقلاب على تحقيقه؛ لأنه يريد مواطنين جهلة أميين لا يعرفون حقوقهم ولا يطالبونه بشيء، ليرتع في طول البلاد وعرضها كيفما شاء دون حسيب ولا رقيب.

 

الفقر

 

من جانبها، قالت خبيرة تطوير التعليم الفني والتدريب المهني، الدكتورة نادية عبد الخالق، إن هناك أسبابًا كثيرة تدفع التلاميذ إلى التسرب من التعليم، منها أسباب تتعلق بالمتسربين وأخرى تتعلق بالمجتمع، وكلها تدفع التلميذ إلى هذا التصرف المرفوض.

وأضافت د. نادية في تصريحات صحفية: الأسباب الاقتصادية تعتبر على رأس الأسباب التي تدفع إلى التسرب من المدارس، مؤكدة أن الفقر هو السبب الرئيسي وراء تصاعد ظاهرة التسرب، حيث تُعاني العديد من الأسر من ضغوط مالية تدفع الأطفال إلى ترك التعليم والانخراط في سوق العمل للمساهمة في توفير دخل للأسرة، الذي يمكنها من تلبية احتياجاتها الأساسية.

وأشارت إلى أن غياب الدعم المالي سبب مباشر للتسرب من التعليم، موضحة أن المستوى المعيشي للأسر الفقيرة في زمن الانقلاب يجعل من الصعب عليها تحمل تكاليف التعليم، حتى في المدارس الحكومية.

 

وأوضحت د. نادية أن العوامل الاجتماعية، مثل العادات والتقاليد في بعض المجتمعات الريفية التي تعتبر أن التعليم غير ضروري، خاصة بالنسبة للفتيات، تزيد من نسب التسرب بينهن مقارنة بالأولاد، مشيرةً إلى أن نقص الوعي بأهمية التعليم بين بعض الأسر يؤدي إلى تقليل التحفيز لإبقاء الأطفال في المدارس.

وأكدت أن الجودة التعليمية المتمثلة في ضعف البنية التحتية للمدارس، والزحام في الفصول الدراسية، وقلة عدد المعلمين المدربين تدريبًا جيدًا، تأتي على قائمة الأسباب التي تسهم في تدهور التعليم؛ إذ لا يلبي النظام التعليمي احتياجات جميع الطلاب، مما يؤدي إلى شعور بعضهم بالإحباط وفقدان الدافع للاستمرار في الدراسة.

 

مشكلات اجتماعية

 

وكشفت د. نادية أن تأثيرات التسرب من المدارس على الأفراد تظهر في فقدان الفرصة للحصول على تعليم جيد، وهو ما يقلل من فرص الأطفال في المستقبل للحصول على وظائف مناسبة، ما يساهم في استمرار دائرة الفقر، لافتة إلى أن الأطفال الذين يتسربون من المدارس غالبًا ما ينخرطون في وظائف غير رسمية وغير مستقرة، مما يعرضهم لمخاطر صحية ونفسية واجتماعية.

وحول تداعيات التسرب من المدارس على المجتمع، قالت: :إن التسرب يؤدي إلى انخفاض مستوى التعليم في المجتمع بشكلٍ عام، مما يضعف القدرة التنافسية للاقتصاد المصري على المستوى الدولي، مؤكدة أن ارتفاع معدلات الأمية يسهم في زيادة المشاكل الاجتماعية مثل الجريمة والتطرف وتراجع مستوى المعيشة بشكلٍ عام”.

 

مساعدات مالية

 

وطالب الباحث التربوي، الدكتور أحمد فؤاد، حكومة الانقلاب بوضع برامج لمكافحة التسرب من المدارس، وتقديم مساعدات مالية للأسر الفقيرة لتشجيعها على إبقاء أطفالها في المدارس، وتطوير البنية التحتية للمدارس، وتحسين جودة التعليم من خلال تدريب المعلمين وتحديث المناهج التعليمية، مشيرًا إلى ضرورة توجيه مبادرات المجتمع المدني لتقديم برامج توعوية تستهدف الأسر والمجتمعات المحلية، لتسليط الضوء على أهمية التعليم، وتوفير برامج تدريبية للشباب الذين تسربوا من المدارس لتعزيز مهاراتهم وزيادة فرصهم في الحصول على وظائف مناسبة.

وقال فؤاد في تصريحات صحفية: إن حكومة الانقلاب تتلقى دعمًا من مؤسسات دولية لتحسين نظام التعليم من خلال تمويل مشاريع تطويرية وتبادل الخبرات والممارسات الجيدة، متسائلًا أين تذهب هذه المساعدات؟ وفيما تُوجَّه وتُستخدم؟

وشدد على أن زيادة الدعم المالي للأسر الفقيرة، وتوفير منح دراسية ومساعدات مالية مباشرة للأسر ذات الدخل المنخفض يمكن أن يساهم بشكل كبير في تقليل معدلات التسرب، لافتًا إلى أن تحسين جودة التعليم، والاستثمار في تدريب المعلمين وتوفير بيئة تعليمية ملائمة يمكن أن يزيد من دافعية الطلاب للبقاء في المدارس.

وأشار فؤاد إلى ضرورة العمل على تعزيز الوعي بأهمية التعليم، وإطلاق حملات توعية تستهدف جميع فئات المجتمع لتوضيح الفوائد طويلة الأجل للتعليم على مستوى الأفراد والمجتمع ككل، وتوسيع برامج التدريب المهني، مطالبًا بتوفير برامج تدريبية مهنية للشباب الذين تسربوا من المدارس لمساعدتهم في اكتساب مهارات جديدة تزيد من فرصهم في سوق العمل.