مع استبسال المقاومة في الدفاع…جيش الصهاينة يفشل في إنشاء منطقة عازلة جنوب لبنان

- ‎فيتقارير

 

 

كشفت الحرب الصهيونية في جنوب لبنان عن فشل الجيش الإسرائيلي في الغزو البري لمدن الجنوب/ أو الضغط على قوات حزب الله، من أجل الانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني، ومع استبسال المقاومة في الدفاع عن الأراضي اللبنانية، تتكبد القوات الصهيونية خسائر فادحة في الأرواح والمعدات .

ويعمل حزب الله على إيلام المجتمع الصهيوني من خلال الضربات الصاروخية التي يوجهها، والتي تتسبب في خسائر وأضرار كبيرة، من أجل ممارسة الضغوط على حكومته للقبول بمسار تفاوضي مرن لإنهاء هذه الحرب.

وتؤكد الوقائع أن حزب الله يدير المعارك بحرفية عالية، ويجبر قوات الصهاينة على الفرار والانسحاب من كل قرية لبنانية تمكنت من الوصول إليها، وعلى ذلك فشلت قوات الصهاينة في إنشاء المنطقة العازلة التي زعمت إسرائيل أنها تسعى إليها، حيث لم تتمكن 5 فرق من دخول الأراضي اللبنانية، لأن المقاومة تواصل استهداف هذه الدبابات وتدميرها، خاصة أن المقاومة تمتلك قدرات صاروخية كافية لتدمير دبابات الاحتلال . 

 

 

منطقة عازلة

 

من جانبه أكد الخبير العسكري والإستراتيجي منير شحادة، رغم أن إسرائيل نشرت 5 فرق عسكرية تضم نحو 70 ألف جندي، مزودة بمختلف أنواع الأسلحة، ومئات دبابات “الميركافا” وطائرات الاستطلاع “إف 16″ و”إف 35″ و”إف 15” إلا أن هذه الفرق لم تتمكن من اختراق الحدود اللبنانية بسبب استبسال المقاومة، مما حال دون تحقيق أهدافها في إنشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان بعمق 5 كيلومترات. 

وقال شحادة في تصريحات صحفية: إن “القوات الإسرائيلية حاولت التقدم عدة مرات ومن مختلف القطاعات، بدءًا من القطاع الغربي في الناقورة، مرورًا بالقطاع الأوسط في عيتا الشعب، وانتهاء بالقطاع الشرقي، لكنها لم تنجح في أي من هذه المحاولات”. 

وأشار إلى أن جيش الاحتلال في محاولته الوصول إلى سهل الخيام -بالفرقتين 98 و91، تكبد خسائر فادحة نتيجة استهداف المقاومة لهما بصواريخ الكورنيت وبالمدفعية، مما جعل القوات الإسرائيلية غير قادرة على الثبات في أي مكان. 

وكشف شحادة أن إسرائيل، نتيجة هذه الخسائر، تضطر إلى تفخيخ الأحياء السكنية وجعلها بمستوى الأرض، ليس فقط لأنها لا تستطيع الثبات في القرى، ولكن أيضا لتعقيد عودة السكان إليها بعد انتهاء الحرب، مما يجعل هذه القرى غير قابلة للحياة، في إطار سياستها المعروفة بالأرض المحروقة . 

وأكد أن عدم قدرة إسرائيل على إنشاء المنطقة العازلة التي زعمت أنها تسعى إليها، يعد فشلا واضحا لها، إذ لم تتمكن 5 فرق من دخول الأراضي اللبنانية، رغم محاولاتها اختراق الجبهات باستخدام الدبابات، لأن المقاومة تواصل استهداف هذه الدبابات وتدميرها، لافتا إلى أن المقاومة نجحت في تدمير دبابات خلف المنطقة الحدودية، مما جعل إسرائيل تتجنب إرسال آليات عسكرية عبر الحدود اللبنانية، خاصة أن المقاومة تمتلك قدرات صاروخية كافية لتدمير دباباتها. 

 

بسالة المقاومة

 

وأرجع شحادة فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها، إلى قوة وبسالة المقاومة، وما قامت به من تحضيرات منذ عام 2006 وحتى 8 أكتوبر 2023، سواء من حيث تهيئة الأرض وحفر الخنادق أو تخزين الأسلحة تحسبًا لحرب من هذا النوع، مؤكدا أن كل هذه العوامل ساهمت في فشل إسرائيل في تنفيذ هذا الاختراق . 

وأوضح أن المقاومة تستخدم أيضًا حرب الدفاع المرن لاستدراج القوات الإسرائيلية إلى الداخل، حيث تتمكن من استهدافها وإلحاق الخسائر بها، كما حدث في عيتا الشعب والقوزح، مؤكدا أنه في إحدى المواجهات، وقع عدد كبير من لواء جولاني في كمين، مما أدى إلى تكبده خسائر فادحة. 

وأشار شحادة إلى أنه في القطاع الغربي، حاولت إسرائيل إدخال الدبابات، لكن المقاومة استهدفتها ودمرتها، مما دفعها لإرسال فرقة أخرى لسحب القتلى والجرحى، تعرضت بدورها للقصف من المقاومة، مما أدى إلى وقوعها بين قتلى وجرحى دون أن تتمكن من تنفيذ مهمتها. 

وشدد على أن الجيش الإسرائيلي اعتمد على دخول قواته إلى الأراضي اللبنانية لبضع أمتار لتفخيخ الأحياء السكنية وتدميرها، ثم الانسحاب تحت ضربات المقاومة، لأنه لم يعد بإمكانه البقاء في هذه المناطق تحت القصف المستمر. 

 

مستنقع صعب

 

وأكد العميد الركن المتقاعد هشام جابر رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات أن الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبات طبيعية في تحقيق الاحتلال الفعلي، بسبب طبيعة الأرض في جنوب لبنان، حيث تعيق التضاريس تقدمه بالآليات، مشيرا إلى أن معظم المناطق المحاذية للحدود مرتفعة، مما يُسهل على حزب الله الذي يتمركز في هذه المناطق، صد التقدم الإسرائيلي. 

وقال جابر في تصريحات صحفية: إن “الاحتلال عادة ما يعتمد على قوة عسكرية كبيرة، كما هو وارد في كتب الحرب، حيث تكون تكاليفه عالية، وتزداد مع استمرار وجوده، وقد تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر جسيمة في محاولاته للوصول إلى تلك المناطق وتدمير القرى، مما يبرز استحالة استمراره في المنطقة”. 

وبالنسبة للعمليات العسكرية، أشار إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يحقق التقدم المطلوب، حيث يقوم بتنفيذ عمليات عسكرية وتفجير منازل، لكنه محاصر بالمقاومين، مما يجبره على الانسحاب قبل حلول الظلام .

وعن سبب عدم دخوله في العمق اللبناني، شدد جابر على أن العمق اللبنانى يعتبر بمثابة مستنقع صعب للغاية، حيث تدور المعركة الحقيقية لحزب الله في العمق وليس على الأطراف، كما أثبتت أحداث عام 2006. 

وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي في الوقت الحالي يسعى إلى احتلال المرتفعات مثل منطقة الخيام، ورغم محاولاته، فإنه لا يزال يواجه صعوبات كبيرة في الوصول إلى المدينة، وقد تكبد خسائر فادحة، رغم أنه يُهاجم بقوات ضخمة .

وحذر جابر من أن الأرض في الخيام تتيح لقوات الاحتلال الحركة أكثر مقارنة بمنطقة مارون الراس، التي تتسم بارتفاعها. 

 

ثغرات ميدانية

 

وقال الخبير العسكري العميد حسن جوني: إن “حزب الله يستفيد من ثغرات المناورة البرية الإسرائيلية في الجنوب اللبناني ويستغلها بحرفية، متوقعا مزيدا من التصعيد والتسخين على الجبهة الشمالية مع تعثر المفاوضات”. 

وأوضح جوني في تصريحات صحفية أن أي عملية برية تنبثق عنها ثغرات ميدانية ناتجة عن تحرك القوات والآليات العسكرية وتجمعها، مؤكدا أن مقاتلي الحزب يتعاملون مع هذه الثغرات بحرفية ومقدرة ميدانية لافتة من ناحية تحديد الأهداف واستهدافها . 

وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يسعى لعزل بلدة الخيام الحدودية والالتفاف عليها من ناحية الشرق متجنبا الهجوم عليها من سهل الخيام، لما لها من رمزية كبيرة في الجنوب موصحا أن تعثر المسار التفاوضي لوقف إطلاق النار سيعيد حزب الله وإسرائيل إلى الميدان .

وتوقع جوني تسخين الجبهة خاصة مع استمرار إستراتيجية إسرائيل في التدمير لدفع المسؤولين اللبنانيين للرضوخ للشروط المذلة في البعد السيادي، لافتا إلى أن الجيش الإسرائيلي يعتقد أن بإمكانه تحقيق انتصارات يمكن استثمارها سياسيا وذلك من خلال الضغط على الداخل اللبناني. 

وأكد أن حزب الله في المقابل يبدو مقتنعا -أيضا- بضرورة الضغط بشكل أكبر على المجتمع الإسرائيلي وإيلامه أكثر من أجل إجبار إسرائيل على القبول بمناخ تفاوضي مرن . 

وشدد جوني على أن الخسائر البشرية التي يتكبدها الجيش الإسرائيلي لها دور كبير في إقناع الإسرائيليين بعدم جدوى الحرب وضرورة الذهاب باتجاه الدبلوماسية، خاصة في ظل معاناة الجيش من نقص في القوات والمعدات.