بعد ارتفاعه إلى 26.5% ..التضخم يحرم المصريين من الحصول على الاحتياجات الضرورية بزمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

 

تشهد الأسواق المصرية ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع الغذائية والأساسية، عقب قرار حكومة الانقلاب برفع أسعار المواد البترولية، ما أدى إلى ارتفاع التضخم للشهر الثالث على التوالي، حيث سجل معدله في أكتوبر الماضي 26.5%، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء .

هذا الارتفاع يحرم المصريين من الحصول على احتياجاتهم اليومية الضرورية، بسبب تراجع قدرتهم الشرائية مع الارتفاع المتواصل في الأسعار، حيث بلغ سعر كيلو السكر حوالي 38 جنيها، بينما بلغ سعر كيلو الأرز 34 جنيها، والفول 58 جنيها، فيما بلغ متوسط سعر لتر زيت عباد الشمس 87،64 جنيها، وكيلو الدقيق 26 جنيها، بجانب ارتفاع أسعار البقوليات بسبب الطلب المرتفع بالسوق، ومنها ارتفاع سعر المكرونة السائبة بقيمة 4 جنيهات للكيلو حسب نوعيتها.

 

يأتي هذا الارتفاع مخالفًا للتوقعات، حيث كان من المتوقع أن يتراجع التضخم بعد الزيادة الكبيرة في أغسطس الماضي نتيجة رفع أسعار الوقود والخدمات الحكومية، إلا أن سياسات نظام الانقلاب، بقيادة عبد الفتاح السيسي، تثبت مجددًا فشلها في تخفيف العبء على المواطن المصري، الذي يواجه ارتفاعات متتالية في تكاليف المعيشة. 

وفي الوقت الذي كان من المفترض أن يسهم تراجع بعض العوامل الموسمية في انخفاض التضخم، واصلت حكومة الانقلاب اتخاذ قرارات تؤدي إلى رفع تكاليف المعيشة، فقد تم رفع أسعار الوقود بنسبة تتراوح بين 10% و15% ، تلتها زيادة ضخمة في أسعار تذاكر مترو الأنفاق بنسبة وصلت إلى 33% ، وكذلك زيادة في تكاليف الكهرباء بين 21% و31%.

 

 

صندوق النقد

 

من جهته، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب: إن “أحد أسباب ارتفاع الأسعار يرجع بشكل أساسي إلى عدم وضوح رؤية حكومة الانقلاب بخصوص الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، واحتمالات تعويم الجنيه مع ارتفاع طفيف في الدولار بخلاف ارتفاع نسبة التصخم”.

وأوضح عبدالمطلب في تصريحات صحفية أن رفع أسعار الوقود وارتفاع نسبة التضخم أدى إلى ارتفاع أسعار الخضروات، ومنها البطاطس والألبان خاصة الجبن والبيض بنسبة تصل إلى حوالي 30% بخلاف ارتفاع أسعار الزيوت لأن معظمها مستورد من الخارج .

وأشار إلى أن كل ذلك دفع إلى رفع الأسعار ودفع التجار إلى تعطيش السوق، على أمل الحصول على أرباح مضاعفة حال تم التعويم خلال الفترة المقبلة بعد زيارة وفد صندوق النقد الدولي.

 

القوة الشرائية

 

وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور سيد خضر أن ارتفاع نسبة التضخم يمثل ضغطا اقتصاديا واجتماعيا على المواطنين خلال الفترة الحالية، لأنه يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع بشكل مباشر وهذا الارتفاع في الأسعار سينتقل إلى باقي السلع والخدمات في الاقتصاد عبر التضخم المستورد أيضا بخلاف المحلي.

وقال خضر في تصريحات صحفية: إن “ارتفاع وزيادة معدلات التضخم الكلية سيقلل من القوة الشرائية للمواطنين ذوي الدخل المحدود ويؤثر على مستوى المعيشة والقدرة على الإنفاق على السلع والخدمات الأخرى، ويؤدي إلى تراجع الطلب الكلي وبالتالي تراجع النشاط الاقتصادي ككل فى مصر”.

 

تجربة التسعينيات

 

وأكد أنور النقيب أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات، أن ارتفاع معدلات التضخم في ظل الإجراءات الأخيرة بزيادة أسعار الوقود حتمي لا محالة، مشيرا إلى أنه  على أقل التقديرات سوف ترتفع الأسعار بمعدلات قد تصل إلى 50%، حيث أن تكلفة النقل تمثل 30% من تكلفة غالبية السلع والخدمات.

وأعرب النقيب في تصريحات صحفية عن تخوفه من أن تؤثر الإجراءات الأخيرة، وما ستؤدي إليه من ارتفاع معدلات التضخم، على مستوى الطلب المحلي، حيث يمثل الاستهلاك نحو 80% من الناتج المحلي، وبالتالي فإن أي تأثير سلبي في الاستهلاك المحلي نتيجة ارتفاع الأسعار، من شأنه أن يؤثر سلبًا على معدلات النمو الاقتصادي.

وحول استدعاء حكومة الانقلاب لتجربة الإصلاح الاقتصادي في بداية التسعينيات، حيث زادت معدلات الركود  كنتيجة لمجموعة من الإجراءات الاقتصادية المماثلة، أشار إلى أن واقع التسعينيات مختلف عما نحن بصدده الآن، ففي التسعينيات كان لدى الحكومة مجالات استثمارية أمام الأجانب، وبرنامج للخصخصة تم في إطاره بيع جزء من شركات قطاع الأعمال العام، ودعم خليجي أمريكي لكن الآن لا تتوفر مثل هذه الظروف لحكومة الانقلاب.

 

صورة قاتمة

 

ووصف حسن الشافعي نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، أزمة التضخم المتصاعدة، بأنها دائرة مغلقة وقعت فيها دولة العسكر في ظل تراجع الإنتاج والصادرات وعدم قدرة الاقتصاد على توليد موارد بالدولار، وبالتالي زيادة الفجوة بين المصروفات وإيرادات دولة العسكر التي تصل إلى 20 مليار دولار سنويًا، وقد ترتفع إلى 25 مليار دولار عام 2024 وسط عدم اتباع سياسات اقتصادية واضحة تهتم بالتنمية الاقتصادية ورفع معدلات النمو . 

وقال الشافعي في تصريحات صحفية: إن “التضخم سيظل قائماً ويتصاعد، طالما ارتضينا البقاء في حفرته العميقة دون اتخاذ إجراءات عملية للخروج منها والاعتماد على مشورة العلماء وخبرة الخبراء، والابتعاد عن ” الفهلوة” وإقامة مشروعات غير مدروسة”.  

وحذر  من أن التضخم يقود إلى صدمات بارتفاع أسعار السلع المستوردة والمحلية، كما يرسم صورة قاتمة للاقتصاد تشل قدرة الشركات على رفع مستوى الإنتاجية مع زيادة الركود في الطلب، وبالتالي تحد من قدرتهم على مواجهة الزيادة في تكاليف الإنتاج، وتحقيق أرباح تعوض الحد الأدنى من معدلات التضخم بالسعر الأساسي، والتي بلغت 41%، كما تشل كذلك قدرة المستهلكين على توفير احتياجاتهم الأساسية من السلع والخدمات.