إنهاء ولاية الأونروا تحدّ إسرائيلي للأمم المتحدة

- ‎فيمقالات

بقلم/ سري القدوة

 

عملت إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على إنهاء ولاية الأونروا، معلنة الحرب عليها، ما يكشف الهدف الرئيس من وراء إنهاء عملها وهو تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وتجريدهم من حقوقهم ووضعهم كلاجئين، وتغيير معايير الحل السياسي المستقبلي من جانب واحد عبر إغلاق هذا الملف دون تطبيق القرار الأممي رقم 194 القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هُجّروا منها عام 1948.

لجوء سلطات الاحتلال لإدخال القوانين حيز التنفيذ بعد أسبوع من إقرارها، وإعلام الأمم المتحدة بذلك، يهدف إلى قطع الطريق أمام تحرك كل من الأمين العام للأمم المتحدة والأونروا لإثارة قوانين الكنيست أمام الجمعية العامة أو الطعن فيها، أو إحالتها إلى محكمة العدل الدولية للحصول على رأي استشاري. وهذه رسالة للدول الأعضاء بأن القرارات دخلت حيز التنفيذ، وأن إسرائيل لن تتراجع، ولن تبالي بالأصوات المنددة بقراراتها.

 

وضعت إسرائيل، قوة الاحتلال، إنهاء عمل «الأونروا» كهدف من أهداف الحرب المعلنة على قطاع غزة، وفي إطار ذلك حظرت عملها بالقوة العسكرية في القطاع من خلال استهداف موظفيها ومنشآتها وقوافلها الإنسانية. وقد دفع الصمت المريب للمجتمع الدولي وإفلات إسرائيل من العقاب بها إلى المضي قدمًا في حربها على «الأونروا»، لاستكمال إنهاء عملها من خلال تشريعاتها العنصرية في الضفة الغربية بما فيها القدس.

ولا يمكن لقوانين الاحتلال والكنيست الإسرائيلي أن تلغي القوانين الدولية والقرارات الأممية، وهذه سابقة أولى في العالم، إذ إن إسرائيل ليست صاحبة سيادة على ولاية «الأونروا» وعملها، وهي ملزمة كسلطة احتلال باحترام منشآت وولاية وحصانة «الأونروا» في القدس.

 

إن مخطط إسرائيل وقوانينها العنصرية الهادفة إلى تقويض ولاية «الأونروا» وتفكيكها وادعاء نقل صلاحياتها لمنظمات دولية، لم يكن يستهدف «الأونروا» ببعدها الإنساني أو الخدماتي، بل ببعدها السياسي الذي يهدف إلى إنهاء قضية اللاجئين. وقد تحدثت بعض الدول في بياناتها عن الآثار السلبية للقوانين الإسرائيلية على الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تتناول البعد السياسي لإنهاء عمل «الأونروا» أو المساس بولايتها على قضية اللاجئين، ولم تتخذ خطوات رادعة أو عقابية لإسرائيل لانتهاكاتها للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، بل عبرت عن قلقها، ما شجع إسرائيل على استكمال استهداف تقويض ولاية «الأونروا».

 

يجب على دول العالم أن تعمل مع «الأونروا» وتدعمها، لضمان استقرارها وديمومتها وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302، وأن منظمة التحرير وجموع اللاجئين في المخيمات الفلسطينية وخارجها سيقفون في وجه المخططات الإسرائيلية التي تستهدف قضيتهم وحقهم المشروع في العودة، كما سيقفون سدًا منيعًا لحماية ولاية «الأونروا» وتفويضها الممنوح لها بالقرار 302، وسيواجهون الشراكات البديلة عنها التي تسعى إسرائيل إلى تمريرها.

 

مواصلة الاحتلال تقويض ولاية الأونروا لن يغير من الوضع القانوني للوكالة التي تتمتع بتفويض دولي بناءً على قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولا بد من المجتمع الدولي، خاصة مجلس الأمن، تحمل مسؤولياته تجاه حماية «الأونروا» وتمكينها من القيام بولايتها كاملة في أقاليمها الخمسة حسب التفويض الممنوح لها بالقرار 302، عبر تقديم الخدمات الأساسية لملايين اللاجئين الفلسطينيين وضمان حقوقهم، إلى أن يمتلك المجتمع الدولي الإرادة السياسية اللازمة للتوصل إلى حل عادل شامل للاجئين الفلسطينيين يستند إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194.