“سيرلي” تقود السيسي للمحكمة الأوروبية بجرائم قتل مدنيين على الحدود الغربية

- ‎فيتقارير
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (إلى اليمين) وبجواره ماكرون في صورة من أرشيف رويترز.

قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان النظر في القضية التي أقامتها منظمتا “مصريون بالخارج من أجل الديمقراطية” و”كودبينك”، المسجلتان في الولايات المتحدة، ضد حكومة باريس في فبراير الماضي، بشأن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والتواطؤ، والتعذيب على الأراضي المصرية من يوليو 2015 وحتى يناير 2019، كجزء من العملية الأمنية والاستخباراتية الفرنسية لصالح الجيش المصري.

 

ونجحت جهود حقوقية مصرية ودولية مؤخراً في فتح تحقيق في جريمة مقتل آلاف المهربين على الحدود المصرية-الليبية في العملية المخابراتية

والعسكرية المعروفة بـ”سيرلي”، التي امتدت بين أعوام 2015 و2019، والتي كشف موقع (ديسكلوز) الاستقصائي عن تورط السلطات العسكرية الفرنسية والمصرية فيها بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” تحت ذريعة محاربة الإرهاب.

وقد اتخذت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أولى خطواتها بإبلاغ فرنسا بالشكوى، وتوجيه مجموعة من الأسئلة إلى باريس، وفقاً لإخطار نشرته المحكمة عبر موقعها الإلكتروني في 30 سبتمبر الماضي.

ومنذ الانقلاب العسكري في منتصف عام 2013، حصل قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي على دعم مالي كبير من دول الخليج والولايات المتحدة وأوروبا، إلى جانب دعم استخباراتي وأمني، وتوفير تقنيات أمنية متقدمة.

 

العملية سيرلي

في فبراير 2016، أطلق وزير الدفاع الفرنسي آنذاك، جان إيف لودريان، العملية الاستخباراتية السرية “سيرلي” للمراقبة الجوية وتأمين الحدود الغربية لمصر مع ليبيا (1200 كيلومتر)، بهدف وقف تهريب الأسلحة ومنع التهديدات الإرهابية، بمشاركة فريق من 10 عسكريين فرنسيين من تخصصات مختلفة.

وبعد نحو خمس سنوات ونصف من إطلاق العملية، وفي نوفمبر 2021، كشف موقع “ديسكلوز” الاستقصائي عن حصوله على مئات الوثائق الرسمية الفرنسية السرية التي تفضح الانتهاكات المرتكبة خلال هذه العملية العسكرية السرية في مصر تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.

 

وأكد الموقع أن القوات الفرنسية شاركت في 19 عملية قصف استهدفت مدنيين بين عامي 2016 و2018، ما أسفر عن تدمير عدة سيارات وربما سقوط مئات الضحايا، وأوضح أن “وفقاً لمعايير قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (56/83)، يمكن إثبات تواطؤ فرنسا في عمليات الإعدام غير القانونية هذه”، دون تحديد دقيق لعدد الضحايا.

منذ ذلك الحين، يقوم حقوقيون مصريون، إلى جانب المنظمتين المذكورتين، بجهود قانونية تقودها المحاميتان الأمريكيتان هايدي ديكستال والفرنسية لويز دوماس. وتركزت الجهود منذ سبتمبر 2022 على فتح تحقيق في فرنسا وإمكانية الملاحقة القضائية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية.

 

وفي تصريحات سابقة، أوضحت ديكستال أنه بعد رفض المدعي العام الفرنسي النظر في الشكوى في ديسمبر 2022، ثم تأكيد الرفض في أكتوبر 2023 بدعوى نقص الأدلة الكافية، تم رفع القضية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في فبراير 2024.

 

وأضافت أن “القضية تسعى إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإجراء تحقيق جاد في فرنسا، ولا تطلب من المحكمة الأوروبية التحقيق بنفسها في الجرائم والانتهاكات التي تسببت فيها العملية سيرلي”، وأوضحت أن هذا الأمر خارج نطاق قدرة المحكمة الأوروبية، ولكن يمكنها النظر فيما إذا كانت فرنسا قد وفرت الظروف اللازمة والفعالة لإجراء تحقيق كامل في القضية.

 

تفاصيل الشكوى

تتضمن الشكوى مزاعم بانتهاك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وفق المواد: (2) المتعلقة بالحق في الحياة، و(6) المتعلقة بالحق في محاكمة عادلة، و(13) الخاصة بالحق في الانتصاف.

وتدعي الشكوى أن فرنسا لم توفر الضمانات المطلوبة للتحقيق في الجرائم المرتبطة بالعملية سيرلي.

 

وفي 30 سبتمبر الماضي، أعلنت المحكمة الأوروبية أنها ستبدأ المرحلة الأولية من الإجراءات بإحالة القضية إلى فرنسا مع طرح مجموعة من الأسئلة الضرورية، وتشمل هذه الأسئلة اختصاص فرنسا بالنظر في الجرائم المرتكبة في مصر، والتزامها بالتحقيق في الوفيات المدنية الناتجة عن العملية سيرلي.

وأكدت المحامية ديكستال أن القضية، التي تتعلق بمقتل المئات من المدنيين وتقديم أدلة على هجمات أدت إلى مقتلهم وإصابتهم، بدأت تأخذ خطواتها الأولية، وأشارت إلى أن فرنسا أصبحت الآن على دراية بالاتهامات والأسئلة الأولية التي طرحتها المحكمة بشأن الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان بموجب الاتفاقية الأوروبية في هذه القضية.