تشهد المدارس فى زمن الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي ظواهر غريبة وشاذة منها انتشار التدخين وتعاطى المخدرات بين الطلاب داخل الفصول وبعلم المدرسين وإدارات المدارس وهو ما يؤكد انهيار المنظومة التعليمية .
فى هذا السياق شهدت مدرسة بالواحات البحرية التابعة لمحافظة الجيزة واقعة صادمة عندما ألقي القبض على طالب ثانوي بحوزته مخدر بانجو داخل علبة سجائر .
كما تداولت الصفحات المهتمة بالشأن التعليمي علي مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لأحد الطلاب يقوم بشرب السجائر داخل الفصل في إحدى المدارس وذلك خلال قيام المعلم بالشرح.
ظاهرة قديمة
عن أسباب انتشار ظاهرة التدخين في المدارس، أكد الخبير التربوي الدكتور محمد كمال، أستاذ الفلسفة المساعد في جامعة القاهرة، أن هذه الظواهر ليست جديدة بل ظهرت منذ عقود في مسرحية مدرسة المشاغبين حيث يقوم أبطال العمل الكوميدي بالتدخين داخل الفصل في نموذج سيئ للعمل الفني الذي يهدم القيم بدلا من أن يبنيها.
وأضاف كمال في تصريحات صحفية أن ظاهرة هدم القيم ونشر السلوكيات السلبية بين الأطفال والمراهقين بما يتعارض مع الدين والاخلاق تتحمل مسئوليتها كافة المؤسسات الدينية والمجتمعية من أسرة إلى وسائل إعلام لعدم قيامها بالأدوار المنوطة بها.
وطالب المؤسسات الدينية يالاهتمام بالموضوعات الحقيقية التي تمس المجتمع والاندماج به وبمشكلاته بدلًا من الاهتمام بالتاريخ على حساب الحاضر، كذلك على الأسرة الانتباه لابنائها فتوفير احتياجاتهم المادية ليس واجبها الأول بل يتزامن معها توفير الضرورات التربوية ومنها التربية على التمييز بين الخير والشر في السلوك العملي، كذلك يجب الاستفادة من الابحاث التي اجراها علماء النفس والاجتماع والاخلاق فيما يتعلق بالقيم في هذه المرحلة .
وأشار كمال إلى أن عدم وجود عقاب أو عدم توقيعه على المخالفين هو ما يشجع الطلاب على الاستمرار ويشجع الآخرين على تقليدهم وهو ما يجب أن يواجه بصرامة تردع المخالفين .
الرقابة المدرسية
وقالت استشارى العلاج النفسى وخبيرة العلاقات الأسرية بسمة محمود، إن وقائع شرب الطلاب للسجائر داخل الفصول ترجع إلى سوء التربية وضعف الرقابة المدرسية وقلة التوعية بأضرار المخدرات والسجائر من قبل الإدارات المدرسية.
وأوضحت بسمة محمود في تصريحات صحفية أن الرقابة المدرسية تتمثل في تحديد الممارسات التي يجب ألا تمارس في الفصل مثل التدخين والعنف كما تحدد العقاب على تلك السلوكيات وفقا لأعمار الطلاب، مشددة على ضرورة أن يكون العقاب مؤثرا في الطفل أو الطالب فلا يجوز أن يكون العقاب فصل الطلاب عدد من الأيام وحسب لأن البعض ينظر إليها أنها أجازة ويمارسها بكل سعادة، بل يكون العقاب الحرمان من الدرجات والأنشطة المفضلة لدى الطالب.
وعن الجانب التوعوي، أشارت إلى أن من ضمن الأمور التي تدفع الطلاب إلى شرب السجائر داخل الفصول عدم توعية إدارات المدارس الطلاب بأضرار المخدرات والسجائر، مطالبة بعمل أنشطة داخل المدارس لتوعية الطلاب بمخاطر تلك التصرفات.
وأكدت بسمة محمود أن غياب الرقابة الأسرية ساهم أيضًا في انتشار تلك التصرفات ويرجع ذلك لعمل الأب والأم بسبب الظروف الاقتصادية، فضلًا عن تقليد بعض الطلاب لأولياء الأمور كأن يقلد طفل والده في شرب السجائر، والأمثل أن تعمل الأسرة على توضيح أضرار السجائر للطلاب مثل الأضرار الصحية والجسدية والنفسية والجسدية وكذلك تطبيق عقاب أسري حال شرب الطلاب للسجائر ومكافآت لمن يقلع عن التدخين .
وطالبت بتعيميم حملات للتوعية بأضرار المخدرات والتدخين داخل مراكز الشباب والمدارس والشوارع والمكتبات العامة، مشددة على ضرورة توجيه حملات للكشف عن تعاطي المخدرات على الطلاب الذين يبلغون أكثر من 10 سنوات كل فترة معينة ليس بهدف تطبيق القانون ولكن بهدف حماية الأطفال وتحسين صحة النشئ والأجيال القادمة.
وشددت بسمة محمود على ضرورة زيادة عدد الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين داخل المدارس لتعديل سلوكيات الطلاب وذلك بالرجوع إلى المشكلة الأساسية التي دفعت الطالب للتدخين أو تعاطي المخدرات سواء مشكلة نفسية أو اجتماعية خاصة، لأن ذلك لن يكون السلوك الخاطئ الوحيد للطلاب وسيكون هناك سلوكيات آخرى .
التوجيه الأسري
وقالت الدكتورة منى السعيد، استشاري الصحة النفسية والإرشاد النفسي والأسري والتربوي، إن هناك عدد من العوامل تساعد على انتشار سلوك تدخين الطلاب سواء داخل الفصول أو خارجها تتمثل في التربية والبيئة المحيطة بالطالب.
وكشفت منى السعيد فى تصريحات صحفية أسباب تدخين الطلاب في النقاط التالية:
نشأة الطالب في بيئة يسيطر عليها التدخين أو تعاطي المخدرات.
غياب التوجيه الأسري وعدم وجود رقابة كافية مما يزيد نسب الإنحراف.
التساهل في العقاب يمنح الطفل الفرصة لممارسة ما يريد دون عقوبة محددة.
معاناة الطالب من مشاكل نفسية مثل الضغوط النفسية والاكتئاب فيهرب منها الى هذه السلوكيات.
تأثير اصدقاء السوء الذين يحاول تقليدهم.
ضعف الرقابة في المدارس فيجب أن يكون للمدرسة دور رقابي وتوجيهي لأن عدم وجوده يساعد في خلق بيئة مشجعه على مثل هذه التصرفات.
الانفتاح على الإنترنت والسوشيال ميديا التي قد تعرض للشباب صورا مغلوطة عن التدخين والمخدرات كأنها دليل على القوة والاستقلالية.
وعن مواجهة هذه السلوكيات، شددت على ضرورة تضافر الجهود والتنسيق بين البيت والمدرسة والمجتمع بمعنى أن يكون الأهل قريبين من أبنائهم ويسمعونهم ويوجهونهم بدلا من الاكتفاء بالعقاب فقط، كما يجب أن تكون المدرسة شديدة الرقابة وتعمل برامج توعية للطلبة إلى جانب المتابعه النفسية، وأن يخلق المجتمع مساحه للشباب بعيدًا عن هذه المخاطر مثل المراكز الرياضية أو الفنية وتوجيه هذه الطاقة الشبابية الهائلة تجاه أشياء مفيدة.