الارتفاع الجنوني في أسعار الملابس الشتوية أصاب المصريين بحالة من الحزن والاستياء، حيث يعجز أغلب المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر، وعددهم يصل إلى 70 مليون مواطن وفق بيانات البنك الدولي، عن شراء هذه الملابس. بعضهم يتوجه إلى أسواق الملابس المستعملة مثل وكالة البلح، والبعض الآخر يكتفي بما لديه من ملابس قديمة.
ويمثل ارتفاع أسعار الملابس الشتوية عبئًا إضافيًا على الأسر المصرية، التي لم تعد تستطيع شراء احتياجات أبنائها في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية. كما يشكو التجار وأصحاب المحال من تراجع ملحوظ في حركة البيع والشراء بسبب ارتفاع الأسعار.
يُشار إلى أن أسعار المعاطف والجواكت والسترات الشتوية الثقيلة ارتفعت بنسبة تتراوح بين 30% إلى 50% مقارنة بأسعار العام الماضي. حيث يبدأ سعر الجاكيت الجلد من 1600 جنيه، بينما تراوح سعر الجاكيت القطيفة الطويل بين 2300 و4500 جنيه، والجاكيت الفرو القصير يبدأ من 6000 جنيه، والبالطو يتراوح سعره من 2000 جنيه وحتى 3500 جنيه. كما تراوحت أسعار البلوزات الصوف بين 750 وحتى 1300 جنيه.
أسعار مبالغ فيها
حول أسعار الموسم الشتوي، أكد علي عبد الحميد أن الأسعار أصبحت مبالغًا فيها جدًا، مشيرًا إلى أنه في السنوات الماضية كان يستطيع شراء ملابس جديدة كل شتاء، لكن الآن يضطر للتفكير مرتين قبل الشراء.
وأشار إلى أنه اتجه لشراء ملابس مستعملة لتقليل التكاليف.
وقالت فاطمة حسن، ربة منزل: “أولادي يحتاجون لملابس ثقيلة، لكنني أجد صعوبة في تلبية احتياجاتهم بسبب ارتفاع الأسعار”.
وأضافت: “لجأت لوكالة البلح لأشتري ملابس بأسعار رخيصة، لكنني أخشى من جودتها. ومع ذلك، ما باليد حيلة”. وتابعت فاطمة: “أحيانًا أبحث عن عروض وخصومات في المحلات، لكن الأسعار أصبحت فوق مقدرة الأسر المتوسطة ومستحيلة بالنسبة لمحدودي الدخل”.
تأجيل الشراء
وقال يوسف سلامة، طالب جامعي: “أستخدم الإنترنت للبحث عن الملابس، لكن الأسعار مرتفعة، ومع ذلك يجب أن أظهر بمظهر جيد أمام زملائي في الجامعة، لذلك أضطر لتأجيل الشراء حتى أتمكن من ادخار مبلغ من المال”.
وأضاف: “منذ الإجازة الصيفية أعمل من أجل هذا الغرض، ونفسي أشتري جاكيت شتوي”. وأعرب عن أسفه لأن الوضع أصبح محبطًا جدًا، فحتى الضروريات نضطر لتأجيلها بسبب الأسعار.
وقال حازم السيد، موظف وأب لأربعة أطفال: “اعتدت كل عام على شراء ملابس شتوية لأطفالي مع بداية الشتاء، لكن هذا العام الأسعار مرتفعة للغاية”.
وأشار إلى أنه اضطر للبحث عن خصومات أو شراء ملابس مستعملة لتلبية احتياجات أطفاله.
ملابس مستعملة
وقالت منال عباس، أم لطفلين: “إن أسعار الملابس تضاعفت بشكل كبير”. وأضافت: “كنت أشتري ملابس شتوية جديدة لأطفالي كل عام، لكنني هذا الموسم لجأت للبحث عن الملابس المستعملة وبعض القطع التي تباع بأسعار مخفضة لتوفير الاحتياجات الأساسية”.
وقال محمود لاشين، موظف في الثلاثينات: “فوجئت بأسعار المعاطف، حيث تجاوز سعر بعضها الألف جنيه”. وأضاف: “مع ارتفاع تكاليف المعيشة، أصبحت الملابس الشتوية عبئًا إضافيًا على الأسرة، حتى الملابس العادية لم تعد بأسعار في متناول الجميع”.
الوضع صعب
في المقابل، أكد عدد من تجار الملابس أن ظروف السوق تدفعهم لرفع الأسعار حتى لا يتكبدوا خسائر فادحة. وقال أحمد عبد الرشيد، تاجر ملابس: “شهدنا ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الأقمشة، خاصة الأقمشة المستوردة. لذلك نحن مضطرون لرفع الأسعار لتغطية التكاليف”.
وأضاف عبد الرشيد في تصريحات صحفية: “ندرك أن هذا يؤثر سلبًا على العملاء. لذلك نحاول تقديم بعض التخفيضات، لكن في النهاية، لا يمكننا تجنب الزيادات”.
وقالت سارة عباس، مالكة محل ملابس: “أعتقد أن السبب الرئيسي هو التضخم. حتى لو أراد العملاء شراء الملابس، فإنهم يترددون بسبب الأسعار المرتفعة”.
وأضافت: “نحن نحاول توفير خيارات متنوعة بأسعار مختلفة، لكن الوضع العام صعب”.
أسعار الشحن
وقال محمد محفوظ، تاجر ملابس: “تجارة الملابس عبر الإنترنت تشهد زيادة في الطلب، لكننا نواجه نفس التحديات”. وأكد أن أسعار الشحن ارتفعت، مما ينعكس على الأسعار النهائية.
وأضاف محفوظ: “نحن نحاول تقديم عروض خاصة، لكن لا يمكننا دائمًا التحكم في الأسعار”.
وأكد علي حسني، صاحب متجر ملابس، أن الأوضاع صعبة للغاية، ونحاول تقديم بعض العروض والتخفيضات، لكن مع الزيادة الكبيرة في التكاليف، من الصعب تخفيض الأسعار بشكل كبير.
وقال حسني: “إذا قمنا بخفض الأسعار، قد لا نتمكن من تحقيق أي أرباح تغطي تكاليفنا”.
مستلزمات الإنتاج
وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور السيد خضر أن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الملابس بالسوق المحلي، مرجعًا ذلك إلى عدة عوامل رئيسية أثرت على هذا القطاع.
وقال خضر في تصريحات صحفية: “نحن نواجه نقصًا حادًا في المنتجات المحلية وصناعة الملابس داخل مصر، مما يستدعي دعم هذه الصناعة خلال المرحلة المقبلة لتلبية احتياجات السوق”.
وأشار إلى أن الارتفاع في أسعار المواد الخام ومستلزمات الإنتاج المستوردة أدى إلى زيادة تكلفة المنتج النهائي. كما أن جشع بعض التجار واستغلالهم يسهم بشكل كبير في ارتفاع الأسعار.
وأكد أن هذا الارتفاع تصاحبه حالة من الركود في سوق الملابس، حيث يتجه معظم المستهلكين إلى شراء الملابس المستعملة (البالة) أو الملابس الشعبية ذات الأسعار المنخفضة.
وأضاف خضر أن الأزمات الجارية في منطقة البحر الأحمر أثرت سلبًا على حركة الملاحة العالمية، مما تسبب في اضطرابات بسلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن والرسوم الجمركية، إلى جانب زيادة الأعباء الضريبية، مما كان له أثر مباشر على ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الإيجار مما ساهم في زيادة أسعار الملابس.
ولفت إلى أن التسعير العشوائي في السوق المحلي أضر بالمنتج والمستهلك على حد سواء، وأدى إلى انكماش السوق المحلي، مشددًا على الحاجة الملحة لتعزيز دعم المنتج المحلي وتوسيع القاعدة الصناعية لتحقيق وفرة في منتجات الملابس، الأمر الذي يسهم في استقرار الأسعار وتلبية الطلب خلال الفترة القادمة.