في خطوة متسارعة، رغم الرفض المجتمعي الشامل لفكرة استبدال الدعم العيني بالدعم النقدي، الذي لا يراعي حالة ملايين المصريين الفقراء مستحقي الدعم، ويعرضهم للفقر المدقع نظرًا لتغيرات الأسعار والغلاء المتصاعد الذي يلتهم أي مبالغ مالية مخصصة للدعم، وافق مجلس النواب بنظام الانقلاب العسكري ، أمس الأحد، من حيث المبدأ، على مشروع قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي. وقد شددت وزيرة التضامن الاجتماعي، مايا مرسي، على أن المشروع يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، كما يستهدف مأسسة منظومة الدعم النقدي، عبر تحويل «تكافل وكرامة» من مجرد برنامج إلى حق ينظمه القانون، حسبما نقلت صحف محلية.
ويأتي إقرار المشروع مبدئيًا، تمهيدًا لإقراره بشكل كامل ودخوله حيز التنفيذ بدءًا من العام المقبل، خلال أيام معدودة.
فيما وصف المتحدث باسم الحركة المدنية، طلعت خليل، مشروع القانون بأنه معيب، معتبرًا أنه يمثل تخليًا من الدولة عن فكرة الحماية الاجتماعية بأكملها، ويؤدي في النهاية إلى إذلال الشعب المصري.
ووفق خبراء، فإن مشروع القانون أخطأ في تعريفه للفقر وخط الفقر، كما وضع الكثير من الإجراءات المطولة التي ستؤدي في النهاية إلى إذلال الشعب المصري.
وكانت وثائق نشرها صندوق النقد الدولي في عام 2020 لاتفاق قرض ممنوح لمصر وقتها قد نقلت عن الحكومة المصرية عزمها تعديل قانون الضمان الاجتماعي على نحو يضم برنامجي «تكافل» و«كرامة» للدعم النقدي المشروط مع برنامج الضمان الاجتماعي. كما نص الاتفاق على ضرورة إصدار استراتيجية للإنفاق الاجتماعي مع البنك الدولي، ما اعتبره مصدر وقتها خطوة لوضع تفاصيل الإنفاق الاجتماعي ضمن نطاق «مراقبة» صندوق النقد والبنك الدوليين.
اتبعت الحكومة منذ بدء برنامج صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2016 إجراءات تقشفية وصفتها بالمؤلمة من خلال خطوات عدة، على رأسها إلغاء الدعم عن الوقود والكهرباء والمياه بشكلٍ تدريجيّ.
إضافة إلى تخفيض حاد في قيمة الجنيه المصري، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14%، ومضاعفة الرسوم على الخدمات، مما أدى إلى تعرض ملايين المصريين لضغوط اقتصادية متزايدة ورفع نسبة الفقر في البلاد.
لكن المساس بمنظومة التموين (سلع، خبز) ظل من الملفات التي اقتربت منها الحكومة المصرية بحذر شديد، رغم بعض الخطوات التي اتخذتها في هذا الصدد كتحويل الدعم العيني الخاص بالسلع إلى دعم نقدي مشروط، وزيادة سعر رغيف الخبز بنسبة 300%، والذي يخصص لـ 70 مليون مستفيد.
ويزيد اعتماد المصريين على النشويات بشكل كبير على حساب البروتين لرخص ثمنها، بسبب مستوى المعيشة المتدني.
ويبلغ معدل الفقر 32.5%، وفق تقرير رسمي، معظمهم في الصعيد والريف، لكن البنك الدولي أصدر بيانًا في مايو 2019 قال فيه إن نحو 60% من سكان مصر إما فقراء أو عرضة للفقر.
وكانت الحكومة قد أطلقت في عام 2017 حملة “لتنقية بطاقات التموين” من غير المستحقين على مراحل عدة، وفق عدد من المعايير، شملت المرحلة الأولى منها حذف الوفيات والأسماء المكررة والمهاجرين إلى الخارج.
وفي يوليو 2019، بدأت في تنفيذ المرحلة الرابعة بإيقاف صرف السلع وفقًا لمعايير محددة تتعلق باستهلاك الكهرباء والمحمول ومصروفات المدارس والسيارات الفارهة، وأُضيفت إليها وظائف عليا، إضافة إلى حيازة أكثر من 10 أفدنة مؤخرًا، لكن عمليات الحذف أثارت غضب البعض ممن استُبعدوا، ووصفوا عمليات تنقية بطاقات التموين بـ”العشوائية”، مما دفع الحكومة إلى فتح باب التظلمات بعد كل مرحلة.