على الرغم من موجة الاحاديث الواهية لإعلام الانقلاب عن تهدئة من قبل النظام، وتناثر الفناكيش عن المصالحة بين الإخوان والنظام العسكري، مُستدلين على ذلك بحكم قضائي بشطب عدد من المعتقلين والمهاجرين خارج مصر والمتوفين من قائمة ما يعرف بالكيانات الارهابية، على الرغم من بقاء الألاف ومنهم تلك الأسماء في قوائم أخرى، ووصل الأمر ببعض الكتاب والمحللين وأقطاب مُعارضة للوم على الأخوان المسلمين بعدم التعاطي مع خط لنظام، التي لا تعد خطوة من الأساس، بل محاولة لمغازلة الغرب، قبل أيام من المراجعة الدورية لمجلس حقوق الانسان مطلع يناير المقبل 2025.
أما الواقع على الأرض فيكشف الحقيقة الثابتة والواقع المرير لنتاج السياسات القمعية للديكتاتورية العسكرية بمصر.
حيث شهدت مصر، مساء الثلاثاء، وفاة المهندس محمد عز الدين الشال (58 عامًا) أثناء احتجازه في مقر الأمن الوطني بمركز ههيا، محافظة الشرقية، وذلك بعد ثلاثة أيام من الاعتقال والتحقيق معه.
الشال، الذي ينحدر من قرية المهدية بمركز ههيا، اعتُقل يوم السبت الماضي من منزله دون سند قانوني، احتجز بشكلٍ قسريّ في ما يُعرف بـ”ثلاجة الأمن الوطني” حتى وفاته، قبل أن يصدر قرار بحبسه 15 يومًا.
وبحسب تقارير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، توفي الشال داخل مقر الأمن الوطني في ما يُعرف بـ”ثلاجة” ههيا، وهو مكان احتجاز غير قانوني لا يخضع للإشراف القضائي. ورغم مرور وقت قصير على احتجازه، لا تزال أسباب وفاته غير معروفة، كما لم تكشف السلطات عن الملابسات التي أدت إلى وفاته.
وظهرت عليه علامات الإرهاق والإعياء الشديد خلال العرض أمام النيابة، وأعيد مرة أخرى إلى مقر الأمن الوطني بههيا غير الرسمي، و المعروف بـ”ثلاجة الأمن الوطني”، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة.
وكان المعتقل قبيل اعتقاله مباشرة يتمتع بصحةٍ جيدة، باستثناء إصابته بمرض السكري، وحتى اللحظة، لم تُعرف أسباب وفاته أو ما إذا كان قد تعرض للتعذيب الجسدي أو النفسي أو أي انتهاكات أخرى أدت إلى حدوث الوفاة.
ولم يحضر معه محام خلال التحقيقات ولا تعلم الاتهامات الموجهة إليه حتى الآن، وكل المتوفر عن الواقعة أنه اشتكى من ضغوط نفسية يبدو أنه قد تعرض لها خلال فترة إخفائه قسريًا في مكان مجهول وخلال التحقيقات معه.
قتلى بسجون المنيا وبدر
كما أعلن مركز الشهاب لحقوق الإنسان، وفاة السجين السياسي فضل سليم محمود (64 عامًا)، وكيل معهد أزهري بدير مواس بمحافظة المنيا، وذلك داخل محبسه في سجن المنيا.
وطبقًا لبيان المركز، الصادر مساء الاثنين، “ففي عام 2021 تم اختطاف نجل محمود، من قبل قوات الأمن في محافظة المنيا كي يقوم بتسليم نفسه إلى الشرطة المصرية. وبالفعل قام بتسليم نفسه لقسم شرطة دير مواس بمحافظة المنيا لإنقاذ نجله ولكنه خرج من القسم وقد أصيب بالشلل من شدة التعذيب، وتم ترحيله إلى سجن المنيا وأصيب هناك بجلطة سببت له فقداناً في الذاكرة وظل طريح الفراش طوال فتره حبسه حتى توفي”.
إلى ذلك، نشرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أنباءً عن وفاة سجين سياسي محبوس احتياطيًا داخل سجن بدر خلال الأيام الماضية، وكان متهمًا على ذمة القضية رقم 305 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا، وبينما لم تُعلن الشبكة، عن توفر معلومات إضافية عن هوية السجين السياسي أو ملابسات وفاته.
يشار إلى أن السجون وأقسام الشرطة المصرية تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات الوفيات نتيجة لتردي أوضاع الاحتجاز وافتقار أماكن الاحتجاز إلى الحد الأدنى من معايير الرعاية الصحية والطبية.
كما أن قرار تقديم العلاج لأي سجين سياسي؛ يخضع لموافقة ضابط الأمن الوطني المسؤول عن إدارة السجن، وهو ما يؤدي إلى حرمان الآلاف من السجناء السياسيين من تلقي الرعاية الصحية اللازمة، ما يترتب عليه تدهور حالتهم الصحية ووصول الأمر في كثير من الحالات إلى الوفاة.
ومطلع شهر نوفمبر الماضي، أعلنت منظمات حقوقية وفاة السجين السياسي إيهاب مسعود إبراهيم جحا (51 عامًا)، عضو حزب الاستقلال، بعد تدهور حالته الصحية في سجن برج العرب بالإسكندرية. وعلى مدار العام؛ توفي في أكتوبر الفائت، أربعة مواطنين في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة. وتوفي في سبتمبر الماضي خمسة سجناء، حسب رصد مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، بينما رصدت منظمات حقوقية أخرى، وفاة أربعة سجناء سياسيين في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في أغسطس الماضي.
وتوفي تسعة مواطنين في يوليو الماضي، في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة. ووثقت منظمات حقوقية مصرية خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، 21 حالة وفاة في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، نتيجة الإهمال الطبي وظروف الحبس، منهم 11 حالة وفاة في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في يونيو الماضي، توفوا نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، أو ارتفاع درجات حرارة البلاد والتكدس الشديد في غرف الاحتجاز.
وتوفي ستة سجناء في مايو الماضي، كما شهدت السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر، في إبريل الماضي، حالتي وفاة.
وشهد مارس الماضي، ثلاث حالات وفاة. وشهد فبراير الماضي، حالتي وفاة في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة. وشهدت السجون ومقار الاحتجاز المخلفة، خمس حالات وفاة في يناير 2024.
حبس 25 شابا مختفياً قسرياً
وضمن السياسات الاجرامية لنظام السيسي، التي لا تنم عن أية تهدئة تلوح بالأفق، أمرت نيابة أمن الدولة العليا بحبس 25 شابًا، أحدهم مسيحي متّهم بالانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، علماً بأنّ هؤلاء كانوا مخفيّين قسراً لفترات متفاوتة وقد ظهروا صباح أمس الثلاثاء في مقرّ النيابة أمن الدولة وجرى التحقيق معهم وتقرّر حبسهم جميعاً لمدّة 15 يومًا على ذمّة تحقيقات متعلقة بقضايا عدّة.
ووجّهت نيابة أمن الدولة لهؤلاء الشبّان اتّهامات شملت “بثّ ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة”، و”الانضمام إلى جماعة إرهابية والمشاركة في تحقيق أغراضها مع العلم بأهدافها”، و”إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”، و”استغلال الإنترنت لنشر الجرائم”، و”التمويل والترويج للعنف”.
وضمّت قائمة المعتقلين الذين ظهروا بعد تعرّضهم لعمليات إخفاء قسري: إبراهيم محمد الحفيان، وإبراهيم عبد المقصود مصطفى، وأحمد يوسف سليمان، وأسامة أحمد أبو شادي، وحبشي سلمي السيد، وخالد محمد سحلوب، وسامي أحمد الجيار، وسعد عبد الجواد عبد الهادي، والسعيد إبراهيم الطناحي، وسعيد عبد السلام أبو هيكل، وسيد صابر سالم، وطارق يحيى الغول، وطه محروس نصار، وعصام عبد الله الشناوي، وعلاء حسن عبد الناصر، وعليوة محمد عبد الباقي، وعماد محمد عبد الفتاح، ومجدي عثمان سيد، ومحمد إبراهيم أبو زيد، ومحمد السيد كامل، ومحمد حسين ركابي، ومحمد علي الخير، ومحمد فوزي مصطفى، وناصر عبد المنعم معوض.
كذلك ضمّت القائمة شاباً مسيحياً، هو ديفيد ماهر ذكي، وقد وُجّهت له تهمة “الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين”.
وكانت عائلات هؤلاء الشبّان قد تقدّمت ببلاغات إلى النائب العام، أفادت فيها بإخفائهم قسراً بعد إلقاء القبض عليهم من السلطات الأمنية.