تواجه شركات السمسرة الكثير من المشاكل والأزمات في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبد الفتاح السيسي، حيث تعمل حكومة الانقلاب على استنزاف هذه الشركات من خلال مطالبتها بتجديد تراخيصها والتوافق مع معايير الملاءة المالية للشركات العاملة في مجال الأوراق المالية، وذلك قبل انتهاء مدة توفيق أوضاع معايير الملاءة المالية، والمحدد لها 5 نوفمبر 2024.
كانت الرقابة المالية قد أصدرت القرار رقم 3019 لسنة 2023، الذي ينص على: «ألا يقل الحد الأدنى لحقوق الملكية مضافًا إليه القروض المساندة وفقًا لآخر قوائم مالية معتمدة من مراقب الحسابات للشركات الحاصلة على موافقة الهيئة بمزاولة الآليات والأنشطة المتخصصة عن 15 مليون جنيه، بدلًا من 5 ملايين جنيه حاليًا».
فشل المفاوضات
ومع عجز شركات السمسرة عن توفيق أوضاعها وتهديدها بالتوقف عن العمل والخروج من السوق، أجرى الاتحاد المصري للأوراق المالية مفاوضات مع الرقابة المالية لحل أزمة 24 شركة سمسرة غير متوافقة مع معايير الملاءة المالية للشركات العاملة في مجال الأوراق المالية، إلا أن هذه المفاوضات فشلت، رغم أن لجنة السمسرة والتداول في الأوراق المالية بالاتحاد قامت بتكثيف اتصالاتها مع الرقابة المالية لحل أزمة هذه الشركات، إلا أن الرقابة رفضت المقترحات، وتمسكت بالمهلة المحددة لتوفيق الأوضاع.
فيما تقدم الاتحاد بمقترحين، الأول يتمثل في منح هذه الشركات مهلة جديدة، أو الإبقاء لها على آلية التداول في ذات الجلسة، ونشاط «T+1»، دون رفع الحد الأدنى لحقوق الملكية إلا للشركات الراغبة في مزاولة الشراء بالهامش.
وبعد فشل المفاوضات مع الرقابة المالية، أخطر الاتحاد الشركات المتضررة بقوله إنه في ضوء التواصل مع الهيئة العامة للرقابة المالية لمناقشة القرار رقم 3019 لسنة 2023، أصرت الهيئة على تنفيذ القرار في موعده.
مهزلة
في هذا السياق، كشفت مصادر أن حكومة الانقلاب تتمسك بأن توفق شركات السمسرة أوضاعها، مشيرة إلى أن حكومة الانقلاب ترى أنه غير مقبول أن تقوم الشركات العاملة في القطاع المالي غير المصرفي بزيادة رؤوس أموالها إلى النسب القانونية، في حين ترفض شركات السمسرة القيام بالزيادة.
وأشارت المصادر إلى أنه من هذا المنطلق تم إيقاف تراخيص أنشطة نحو 21 شركة سمسرة غير متوافقة مع معايير الملاءة المالية.
وأعربت عن أسفها لأن تنفيذ الإيقاف لهذه الشركات شهد مهزلة بكل المقاييس، لافتة إلى أن شركة مصر للمقاصة قامت بإيقاف الزيرو للشركات غير المتوافقة مع قرار الرقابة المالية.
الشركات المتضررة
وقال عدد من الشركات المتضررة إنه رغم تطبيق جزء من القرار على بعض الشركات، إلا أنه لم يتم استكمال تنفيذ باقي القرار بإيقاف آلية «T+1» التي تدخل ضمن القرار. مشيرة إلى أن شركات السمسرة العاملة في السوق، والشركات غير المتوافقة مع قرار الرقابة المالية، فوجئت بإخطار صادر من شركة مصر للمقاصة ينص على أنه سيتم منع شركات السمسرة غير الحاصلة على موافقة الرقابة المالية للعمل بآلية «T+1» وكذلك التعامل على الأسهم في ذات الجلسة، وذلك بدءًا من جلسة 24/11/2024.
وأشارت الشركات المتضررة إلى أنه بسبب هذه البلبلة تلقت الشركات إخطارًا آخر يوضح انتهاء مهلة توفيق الأوضاع في التاريخ المحدد 5/11/2024، وهو ما أكدته مصادر بالرقابة المالية، مشيرة إلى أن الرقابة المالية لم تمنح أي مهلة إضافية للشركات غير المتوافقة مع معايير الملاءة المالية.
اختبارات الترخيص
كما تضرر العاملون في شركات السمسرة من قرار الرقابة المالية رقم 2 لسنة 2024، الذي يلزمهم عند تجديد رخصة الوظائف بالشركات اجتياز الاختبارات المحددة من قبل الرقابة المالية كشرط للتجديد، على أن تستمر مدة الترخيص 3 سنوات فقط.
وأكد العاملون أن هذا القرار تسبب في حالة غضب بين السماسرة القدامى في السوق، الذين تجاوزت خبراتهم 25 عامًا، معتبرين قرار الاختبارات لتجديد رخصة النشاط كل 3 سنوات بمثابة تقليل من قدراتهم العملية والعلمية، رغم سنوات عملهم الطويلة في المجال.
وطالبوا الرقابة المالية بإعادة النظر في القرار والاكتفاء بالدورات التدريبية التي تحددها الرقابة المالية بما يتماشى مع متطلبات ومستجدات سوق المال.
وأشار العاملون إلى أن الرقابة المالية أصدرت القرار رقم 2 لسنة 2024 بتاريخ 10 يناير 2024، بشأن ضوابط الترخيص واستمراره للوظائف الرئاسية بالشركات العاملة في مجال الأوراق المالية. وينص القرار في مادته الخامسة على أن «تكون مدة الترخيص 3 سنوات، ويجوز تجديدها لمدد مماثلة، ويشترط لتجديد الترخيص استمرار توافر شروط الترخيص. كما يجوز للهيئة أن تطلب اجتياز طالب التجديد للاختبارات، أو الدورات التدريبية التي تحددها الهيئة. كما يجوز أن يقترن قرار التجديد بإلزام المرخص له بمتطلبات التعليم المهني المستمر، والمتمثلة في الحصول على عدد ساعات للتعليم المهني المستمر في المجالات والتخصصات وفقًا لما تحدده الهيئة».
الأسواق العربية والأفريقية
من جهة أخرى، كشفت بيانات رسمية أن شركات السمسرة العاملة في سوق المال المصري، نتيجة لما تعانيه من استنزاف في زمن الانقلاب، تذيلت قائمة أسواق المال العربية والأفريقية من حيث الحد الأدنى لرأس المال المدفوع لشركات السمسرة في الأوراق المالية، وهو ما يعني أن السوق المصري ضمن أقل الأسواق من حيث رأس مال شركات السمسرة.
تضمنت القائمة 11 سوقًا ما بين عربي وأفريقي، تذيلت مصر قائمة الأسواق من حيث رأس المال بحد أدنى 5 ملايين جنيه، بينما تصدرت الشركات الكويتية الترتيب بقيمة 1.6 مليار جنيه، ثم السعودية بقيمة 646 مليون جنيه، تلاها الأردن بقيمة 341 مليون جنيه، بينما حققت فلسطين قيمة 102.4 مليون جنيه، وجاءت نيجيريا وكينيا قبل مصر في الترتيب.
وأوضحت البيانات أن إجمالي قيم التمويل الهامشي الممنوح من شركات السمسرة يصل إلى نحو 9.4 مليار جنيه، وأن نسبة الشركات التي تزاول أنشطة متخصصة وتقل حقوق ملكيتها مضافًا إليها الفروض المساندة عن 15 مليون جنيه تصل إلى 0.1%، ويصل عدد الشركات إلى نحو 21 شركة.