قالت ورقة بحثية بعنوان “إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي رغم استمرار حرب غزة ولبنان: الأسباب والتداعيات” إنه
بعد إقالة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ليوآف جالانت، يشغل نتنياهو حاليًا بشكل فعلي منصب رئيس الوزراء ووزير الدفاع في “إسرائيل”.
واستعرضت الورقة رأي باحثين متخصصين بالشأن “الإسرائيلي” على أن إقالة جالانت وتعيين كاتس مكانه تمكن نتنياهو من إدارة الحرب على غزة ولبنان وفقًا لرؤيته ومن دون أي معارضة، له تداعيات خطيرة علي هذه الحرب، وأبرزها أن وزير الدفاع الجديد (يسرائيل كاتس) يتمتع بخبرة عسكرية محدودة، ولن يكون عائقًا أمام خطط نتنياهو.
واستدركت ضمن الخلاصات أن خطط بنيامين نتنياهو تتمثل في “إعداده جيدًا للمرحلة القادمة، بحيث يمضي في خوض مسار الحسم الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ويزيل كل المسببات والموانع التي يمكن أن تحول بينه وبين تدشين برنامج عمل مشترك مع الرئيس الأمريكي العائد إلى البيت الأبيض دونالد ترمب، الذي يتشجع إلى درجة كبيرة للعمل المشترك مع رئيس وزراء إسرائيل، ويتبنى أطروحات تصفية القضية الفلسطينية والإجهاز على عوامل صمودها وتماسكها.
الساحة واسعة أمامه
وأوضحت أن نتنياهو على صعيد العدوان على الشعب الفلسطيني والتصعيد في المنطقة، “لن يحدث هذا التغيير (الإطاحة بجالانت وتعيين كاتس) تحولًا جوهريًا، ففي المحصلة كان نتنياهو الممسك الرئيسي بزمام الأمور وقيادة الحرب، ولن يضيف كاتس أية مساهمة نوعية، إلا في إطار المزيد من الضغط على جيش الاحتلال للالتزام بمحددات العمل التي وضعها نتنياهو.
وأضافت أن هدفه من التغيير “للجم التصريحات والسلوك العلني للجيش للضغط على نتنياهو لاتخاذ خطوات ميدانية أو سياسية لا تتلاءم مع توجهاته الحالية، سواء في الجوانب العملياتية ومستقبل البقاء العسكري في قطاع غزة، أو الجوانب السياسية وملف صفقة تبادل الأسرى”.
حيلهم بينهم
وأكدت الورقة أن بأسهم بينهم شديد حيث “تحين بنيامين نتنياهو الفرصة لإقالة جالانت، وهيأ الظرف الأنسب، خصوصًا بعد حل مجلس الحرب، وإعادة ترتيب العلاقة مع خصمه السابق في الليكود ومعارضه جدعون ساعر، الذي سرعان ما انفك عن تحالفه مع بيني جانتس، وعاد إلى ترتيب علاقته مع بنيامين نتنياهو وانضم إلى ائتلافه الحكومي طامعًا في وزارة الحرب” ويبدو أنه اقتنع في الأخير بوزارة الخارجية.
وعن شغف رئيس حكومة الاحتلال بالانفراد بالسلطة، قالت الورقة إن قرار نتنياهو يستحق الالتفات إليه حيث “حقق إنجازًا مهمًا يعزز إمكانية استمرار ائتلافه الحكومي حتى موعد إجراء انتخابات الكنيست في أكتوبر 2026، كما أصبح الائتلاف الحكومي أكثر انسجامًا مع رؤية نتنياهو وسياسته في مجمل القضايا؛ سواء أكان ذلك فيما يخص حرب الإبادة على قطاع غزة خصوصًا والقضية الفلسطينية عمومًا، أم فيما يخص القضايا الخلافية في المجتمع الإسرائيلي التي تشمل المحتجزين الإسرائيليين، والانقلاب القضائي، والموقف من تشكيل لجنة تحقيق رسمية. ومن المتوقع أن يستمر نتنياهو في سياساته، في حال تماسك ائتلافه اليميني المتطرف.
بداية مبكرة
وبدأت الخلافات بين نتنياهو وجالانت بحسب الورقة في الظهور للعلن في مارس 2023 عندما أعلن الأخير رفضه لـ”التعديلات القضائية” التي اقترحها الائتلاف الحكومي بقيادة نتنياهو. تدريجيًا، عد نتنياهو جالانت وزيرًا للجيش في الائتلاف الحكومي، لا العكس، فبدلًا من أن يحمل جالانت توجهات الحكومة ويحولها إلى برنامج عمل لجيش الاحتلال، تبنى وزير الحرب مواقف هيئة الأركان بشكل كامل، في مختلف القضايا، وحملها في مواجهة وزراء نتنياهو، خصوصًا قادة الصهيونية الدينية ومواقفهم الجامحة، وهو ما حول المشهد الحكومي إلى مشهد توتر دائم بين جالانت من جانب، وبن غفير وسموتريتش من جانب آخر.
وأضافت أنه “رغم الدموية والفاشية الكبرى التي عبر عنها يوآف جالانت في قيادته لوزارة الحرب، فإنه لم ينسجم مع طريقة بنيامين نتنياهو في إدارة الحرب، ولا في تحديد أهداف وأولويات الحرب، وشكل انحيازًا مع خصوم الأمس حلفاء مجلس الحرب، بيني جانتس وجادي أيزنكوت، في وجه نتنياهو وائتلافه الحكومي.”.
وعن العوائق التي مثلها وزير الدفاع الصهيوني المقال لنتنياهو لفتت إلى أن جالانت عبر في مواضع متعددة، عن معارضة علنية لسياسات نتنياهو في الحرب، وشكلت تصريحاته عامل ضغط كبير على الأخير، خصوصًا في ملفات مفاوضات التبادل، وسيناريوهات اليوم التالي للحرب، إضافة إلى توسيع الحرب إلى شمال فلسطين المحتلة. وقد شكلت مواقف جالانت – وفي الخلفية منها موقف مؤسسة الجيش – عامل ضغط كبير على نتنياهو، ومحفزًا للمزيد من تحركات المعارضة والضغط الشعبي عليه، وهو ما وجد فيه نتنياهو إصرارًا من جالانت على تحدي سلطته وقيادته، ومضيًا في تأزيم العلاقة المتشنجة أصلًا”.
واختصرت الورقة بعض التحليلات عن الخلافات الأساسية بين جالانت نتنياهو وتمثلت في: جالانت يدافع عن مصالح وطنية، بينما يدافع نتنياهو عن مصالح شخصية. جالانت يوجه التحية إلى الذين يخدمون في الجيش، بينما يدافع نتنياهو عن المتهربين من الخدمة العسكرية (اليهود الحريديم). جالانت مصر على إعادة المخطوفين الإسرائيليين، بينما يتخلى نتنياهو عنهم من أجل الاستمرار في حرب لا نهاية لها في غزة. جالانت يقاتل من أجل تشكيل لجنة تحقيق رسمية وتقصي الحقيقة، بينما نتنياهو مشغول بطمسها.