ماذا وراء إلغاء  القضاء الانقلابي عزل 8 خبراء بـ”العدل” بمزاعم اتهامهم بالإرهاب؟

- ‎فيتقارير

ألغت دائرة التأديب بالمحكمة الإدارية العليا بسلطة الانقلاب العسكري قرار مجلس تأديب خبراء وزارة العدل بعزل 8 خبراء من وظيفتهم، وذلك لمجرد تحقيق النيابة العامة في قضايا تتعلق  بمزاعم جةانضمامهم إلى “جماعة إرهابية”، دون أن يتم تحريك هذه القضايا أو صدور أحكام بإدانتهم أو إدراج أسمائهم على ما يُعرف بـ”قوائم الإرهاب”.

وقررت المحكمة، في حكمها الهزلي الانقلابي جالذي أودعت حيثياته مطلع الشهر الجاري، إعادة أوراق الخبراء الثمانية إلى مجلس التأديب لإعادة محاكمتهم بشأن ما هو منسوب إليهم.

 

تفاصيل الهزلية 

 

تعود القضية الهزلية جإلى شهر نوفمبر 2020، عندما أصدر وزير العدل بحكومة الانقلاب قرارًا بإحالة الخبراء إلى مجلس التأديب لمحاكمتهم تأديبيًا، وذلك بسبب “خروجهم على مقتضيات الواجب الوظيفي بما يمس كرامة الوظيفة وحسن سمعتها”، حيث نُسب إليهم ارتكاب جريمة مزاعم الانضمام إلى جماعة إرهابية، استنادًا إلى محاضر شرطية تنسب إليهم تلك التهمة.

 

وبعد نحو عام، أصدر مجلس التأديب قراره بعزل الخبراء من الوظيفة، مستندًا إلى اتهامات الانضمام لجماعة إرهابية وسلوكهم ما يضر بالأمن العام ويؤثر على السلام الاجتماعي، مما أفقدهم حسن السمعة وطيب السيرة اللازمين لاستمرارهم في الوظائف العامة، واعتبر المجلس أن الحبس الاحتياطي لهم أفقدهم هذه السمعة، وأن التدليل على سوء السمعة يكفي فيه وجود دلائل أو شبهات قوية تلقي ظلالًا من الشك على توافرها.

 

الطعون

 

تقدم الخبراء المتضررون بطعون على القرار، وأكد المحامي الحقوقي خالد علي في أحدها أن القرار يخالف القانون والدستور، حيث تجاهل مبدأ البراءة الأصلية للإنسان ما لم تثبت إدانته في محاكمة عادلة وفقًا للمادة 96 من الدستور. وأشار إلى أن موكليه لم يتم اتهامهم رسميًا من قبل النيابة العامة بالانضمام لجماعة إرهابية، كما لم تُوجه إليهم أي تهمة تخالف قانون الإرهاب. وأضاف أن بعضهم أُخلي سبيله، ولم تصدر ضدهم أحكام جنائية أو قرارات منع من السفر أو إدراج أسمائهم على قوائم الكيانات الإرهابية.

 

حيثيات الحكم

 

أكدت المحكمة أن قرار العزل الصادر من مجلس التأديب شابه قصور شديد في التسبيب، حيث لم يوضح طبيعة الأدلة وأسانيدها من تحقيقات جنائية أو شهادات الشهود، كما لم يتحقق المجلس من صدور أحكام جنائية نهائية ضدهم. وأوضحت المحكمة أن النيابة العامة لم تُجرِ تحقيقًا جنائيًا مع بعضهم، بينما لا تزال بعض القضايا قيد التحقيق، وفقًا لشهادات صادرة عن مكتب النائب العام.

وأضافت المحكمة أن مجلس التأديب لم يستند إلى أدلة قانونية كافية، بل اكتفى بإدانتهم بناءً على تحقيقات النيابة، مما يتعارض مع مبادئ العدالة والقانون.

 

دلالات القرار

 

في خطوة اعتُبرت استفاقة جديدة للقضاء في مصر، قررت المحكمة الإدارية العليا إلغاء قرار مجلس تأديب خبراء وزارة العدل بعزل الخبراء الثمانية، مستندةً إلى أن التحقيقات الأولية لا تكفي لإثبات التهمة أو تبرير العزل.

ورأى خبراء القانون والسياسة أن هذا القرار يمثل تحديًا للسياسات القمعية للنظام، خاصةً في ظل توترات مكتومة بين القضاة وسلطات السيسي الأمنية. وأشاروا إلى أن تلك التوترات تفاقمت بعد التحقيق مع عشرات القضاة بسبب تدوينات لهم عن مشاكلهم المالية والإدارية، إضافة إلى التهديدات الموجهة لهم بهدم نوادي القضاة.

ووفق تقديرات، فإن هذا الحكم قد يكون رسالة من القضاة إلى السلطات السياسية بأنهم قادرون على إرباك النظام وشل حركة الدولة إذا أصدروا أحكامًا تستند إلى مقتضيات القانون وتتعارض مع سياسات الدولة القمعية.

 

استقلالية القضاء

 

على مدى العقد الماضي، اعتاد المجتمع المصري على خضوع معظم القضاة للأجهزة الأمنية، حيث أصدروا أحكامًا قاسية ضد معارضي النظام، متجاوزين القانون والدستور. ومع ذلك، يرى بعض المراقبين أن القضاء الإداري يتمتع بدرجة من الاستقلالية في تداول القضايا.

تبقى الأيام المقبلة كفيلة بكشف حقيقة الأمور وتطورات العلاقة بين القضاء والسلطة السياسية.