تتصاعد معدلات المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بسبب السياسات الكارثية التى يفرضها نظام الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي والخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولى والذين تصاعدت أعدادهم إلى أكثر من 80 مليون مواطن، ورغم أن هذا العدد الكبير تؤكده بيانات البنك الدولى التى تقدر معدلات المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بحوالى 65% من اجمالى السكان إلا أن حكومة الانقلاب تزعم أن أعدادهم تصل إلى 12مليون أسرة أى حوالى 40 مليون مواطن فقط.
الخبراء أكدوا أن هذه الأعداد مرشحة للزيادة بسبب خضوع حكومة الانقلاب لسياسات واملاءات صندوق النقد الدولي، ومنها تحرير سعر صرف الجنيه ورفع معدلات الفائدة للحد من التضخم، بجانب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة نتيجة تعويم الجنيه خمس مرات منذ عام 2016.
وقال الخبراء أن نظام الانقلاب يكرر تجربة الأرجنتين التى تسببت سياسات صندوق النقد فى انهيار اقتصادها وإغراقها فى مستنقع الديون والفقر والأزمات الاقتصادية.
يُشار إلى أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يرى أن خط الفقر القومي في مصر يبلغ 10,279 جنيهًا سنويًا، أي ما يعادل دخلًا شهريًا يقل عن 856 جنيهًا، بينما يقدر البنك الدولي خط الفقر العالمي بـ2.15 دولار يوميًا، أي نحو 107 جنيهات.
12 مليون أسرة
حول أعداد الفقراء وأزماتهم أعترفت مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي بحكومة الانقلاب بأن هناك 12 مليون أسرة مصرية تعيش تحت خط الفقر، زاعمةً أن نحو 7.4 مليون أسرة منها تستفيد من برنامج الدعم النقدي المشروط “تكافل وكرامة”.
وقالت مايا مرسي فى تصريحات صحفية، إن التزام الأبناء بالحضور في المدارس والجامعات يُعد شرطًا أساسيًا لاستحقاق الأسر الفقيرة لمعاش “تكافل وكرامة” وفق تعبيرها.
وأوضحت أنه في حال إيقاف دعم الأسرة، تُعاد دراسة حالتها بعد مرور ستة أشهر من الإيقاف، على أن يكون القرار نهائيًا في حالة عدم التزام الأسرة بالشروط للمرة الرابعة بحسب تصريحاتها.
البنك الدولي
فى المقابل أكد الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، أن قياس الفقر لا يتوقف عند عدد الأسر المستفيدة أو المستحقة لمساعدة برامج الأمان الاجتماعي، مشيرًا إلى أن هناك شريحة المعرضين للفقر، وهي شريحة كبيرة، تتأثر بشكلٍ كبير بالسياسات الاقتصادية التقشفية، التي اتبعها نظام الانقلاب منذ عام 2014.
وقال الصاوى فى تصريحات صحفية أن البنك الدولي أكد في أحد تقديراته في عام 2019 أن نسبة 60% من المجتمع المصري، إما فقراء أو معرضون للفقر مؤكدًا أنه بعد خمس سنوات من هذا التقدير فإن أعداد الذين يعيشون تحت خط الفقر فى مصر لن تقل بحال من الأحوال عن 80 مليون مواطن.
وانتقد تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الذى يقدر معدل الفقر في مصر بحوالي 32.5% من السكان في عام 2022، أي ما يعادل نحو 35 مليون شخص مؤكدًا أن أعداد الفقراء تزيد على ضعف هذا الرقم.
تجربة الأرجنتين
وتوقع الباحث الاقتصادى شريف عثمان أن تشهد مصر فى زمن الانقلاب الدموى تزايد أعداد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر سنويا بسبب الانهيار الاقتصادى التى تعانى منه البلاد والخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولى.
وقال عثمان فى تصريحات صحفية أن مصر سيكون مصيرها مشابهًا لما حدث فى الأرجنتين التى تعاني منذ سنوات أزمة اقتصادية حادة، تعود جذورها إلى السياسات التي فرضها صندوق النقد الدولي على البلاد، عبر ما يقرب من عشر اتفاقيات قروض.
وأوضح أنه على الرغم من أن هذه الاتفاقيات كانت تهدف إلى معالجة العجز المالي واستقرار العملة – تمامًا كما يحدث مع حكومة الانقلاب – إلا أنها فرضت شروطًا قاسية ألحقت أضرارًا جسيمة بالاقتصاد الأرجنتيني، وأدت إلى انهيار قيمة العملة المحلية، مما أغرق ملايين المواطنين في الفقر.
وشدد عثمان على أن تجربة الأرجنتين مع صندوق النقد تفرض على كل الدول الساعية للاقتراض من هذه المؤسسة الدولية، وفي مقدمتها مصر، ضرورة توخي الحذر الشديد، ومحاولة تجنب الاقتراض قدر الإمكان.
فالعلة واحدة، وطرق العلاج هي نفسها، وتدهور الأحوال بعد محاولات العلاج المزعومة يتشابه إلى حد كبير، ما قد يشير إلى أن ثاني أكبر مقترض من الصندوق – حكومة الانقلاب – ربما يكون في طريقه إلى اللحاق بالمقترض الأكبر أى الارجنتين .
وأكد أن الاعتماد على صندوق النقد غالبًا ما يؤدي إلى حلقة مفرغة من القروض والديون التي تزيد الأوضاع سوءًا على المدى الطويل، وهو ما يجعل تجربة الأرجنتين درسًا قاسيًا للدول الأخرى. متسائلاً هل يتعظ نظام الانقلاب قبل فوات الأوان؟
الدين العام
وأشار عثمان إلى أن صندوق النقد الدولي فرض على الارجنتين أيضًا زيادات كبيرة في أسعار الفائدة، إذ وصلت إلى 60% في عام 2018، ثم تجاوزت 130% في 2023، مما شلّ الاستثمار المحلي وعرقل النمو الاقتصادي. وبالإضافة إلى ذلك، شجع الصندوق على خصخصة المؤسسات العامة وفتح أسواق المال أمام المستثمرين الأجانب، ونتج عن ذلك هروب رؤوس الأموال المحلية وإضعاف الإنتاج الصناعي في البلاد.
وقال إنه وفقًا لبيانات البنك المركزي الأرجنتيني، فقدت العملة المحلية نحو 95% من قيمتها بين عامي 2018 و2023، وارتفع سعر صرف الدولار من 25 بيزو في عام 2018 إلى أكثر من 800 بيزو في عام 2023.
وأوضح عثمان أنه بالتزامن، مع هذه الكوارث تصاعد الدين العام للأرجنتين كثيراً ليصل إلى 443 مليار دولار في يونيو الماضي، بخلاف القروض التي تم الحصول عليها في صورة اتفاقيات مبادلة للعملات (Currency Swap)، والتي لا تتضمنها البيانات الحكومية الرسمية، وتقدر بعض مراكز الأبحاث أن حجم الدين الحقيقي في البلاد يعادل 100% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنسبة 57% في عام 2015. لافتًا إلى أن مراكز الدراسات الاقتصادية تتوقع زيادة الدين بمقدار 602 مليار دولار بين عامي 2024 و2029، ليصل إلى ذروة جديدة تبلغ 1.2 تريليون دولار في عام 2029.
