مع فشل وقف النار واستمرار أكبر أزمة إنسانية في العالم.. هل يتحقق السلام بالسودان في 2025؟

- ‎فيعربي ودولي

في عام أوشك على الانتهاء وفشلت به جهود التوصل لوقف إطلاق النار في السودان، وسط تعرض الطرفين المتناحرين “الجيش والدعم السريع” لانتقادات شديدة، هل يشهد البلد الإفريقي آمالا في أن ينجح المجتمع الدولي في الضغط لوقف الحرب، أم أن آمال السلام الآن ليست واقعية؟.

 

وفشلت كل المبادرات التي عملت على جمع طرفي الصراع لوقف الحرب ووضع حد لنزيف الدم وإنهاء معاناة الشعب السوداني، في ظل حرب مستمرة منذ حوالي 20 شهرا، بين الجيش السوداني، بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع، بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تحول السودان إلى أكبر كارثة إنسانية في عصرنا، فقد أدت المعارك إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 11 مليون شخص.

 

فشل الضغوط الدولية

 

رغم الجهود الإقليمية والدولية بل والسودانية على مدار شهور عام 2024 من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار والبدء في مباحثات سلام، والتي بدأت مبكرا عندما أعلنت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية بالسودان (تقدم) بالاشتراك مع قوات الدعم السريع، في الثاني من يناير 2024، توقيع إعلان “أديس أبابا” سعيا إلى وقف الحرب، وإعلان استعداد الدعم السريع، التي ظهر قائدها حميدتي لأول مرة رسميا بعد اندلاع الحرب، عن وقف فوري للأعمال العدائية بدون شروط من خلال تفاوض مباشر مع الجيش السوداني، لكن هذه الخطوة وما تبعتها من خطوات أخرى لإعادة التفاوض عبر منظمة “إيغاد” أو الاتحاد الأفريقي أو “منبر جدة” أو “مؤتمر جنيف” أو حتى المشروع البريطاني في مجلس الأمن، الذي ألغاه الفيتو الروسي، لم تسفر عن توصل لوقف الحرب.

 

الأطماع الدولية وفشل المفاوضات

 

عند البحث عن عوامل فشل التوصل للسلام حتى الآن تتباين آراء الخبراء، لكن يتكرر الحديث عن تأثيرات دول أخرى على الصراع.

فالخبير الاستراتيجي رشيد محمد إبراهيم، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعات السودانية يرى أن أبرز العوائق التي حالت دون وقف الحرب تتمثل في البعد الخارجي للصراع.

 

وقال إبراهيم لـDW: “التأثير الخارجي على الأوضاع في السودان كان كبيرا جدا، وأصبحت الصراعات تؤثر فيها دول ومصالح تلك الدول”.

 

ومن جانبه يقول آدم رجّال، الناطق باسم منسقيه النازحين، إنّ هناك مصالح وتقاطعات بين الدول، كانت من أسباب فشل الوساطة.

 

كما يرى الخبير العسكري العميد جمال الشهيد أن الأطماع الدولية والإقليمية في السودان تستهدف موارده  ومقدرات الشعب السوداني .

 

ويضيف الشهيد قائلا: إنّ “هذا مشروع قديم منذ عصر محمد علي باشا حاكم مصر، فـالسودان غني بالموارد منها ما هو فوق الأرض وما تحت الأرض لذلك كان هدفا للمستعمر منذ البداية ومازال هدفا في عيون الدول الكبرى والتي لديها أطماع في الدول الأفريقية وما لديها من مقدرات”.

 

هل يتحقق السلام بالسودان في 2025؟

 

ورغم التصريحات الرنانة للوسطاء والتي تفيد أن “قوات الدعم السريع وافقت على استئناف المحادثات، فيما أبدى الجيش موافقة شبه مبدئية على المشاركة”.

 

بيد أنّ محمد الباشا طبيق، مستشار قائد قوات الدعم السريع يشكك في إمكانية وقف الحرب قريبا ويقول: “مع الأسف لا توجد بوارق أمل لوضع حد للحرب وإيقاف انهيار وتمزق الدولة السودانية ما لم يكن هناك اهتمام واضح من المجتمع الدولي بتوحيد المبادرات والمنابر والضغط على الطرف الممانع”، وبالطبع يقصد طبيق هنا الجيش السوداني.

 

 من جانبه يقول الناطق الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان محمد عبد الرحمن الناير: “إذا ظلت الحركة الإسلامية مسيطرة على قرار وإرادة الجيش، فإن الحرب ستطول ومعاناة المواطنين ستزيد، ويمكن أن تنتقل إلى حرب أهلية شاملة في ظل تنامي خطاب الكراهية والعنصرية والتحشيد القبلي”.

الحرب في السودان تؤدي لكارثة إنسانية ضد 12 مليون شخص

 

قالت منظمة الأمم المتحدة: إن “الحرب الأهلية في السودان، التي بدأت في أبريل 2023، تستمر  في إحداث البؤس بين سكان البلاد، مما يؤدي إلى كارثة إنسانية هائلة ودفع أكثر من 12 مليون شخص إلى الفرار من منازلهم”. وفق مركز اعلام الأمم المتحدة.

 

ومن جانبه أكد رمطان لعمامرة، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، علي إرادة الأمم المتحدة في بذل كل جهد ممكن لمساعدة الشعب السوداني على إنهاء معاناته وتحقيق الاستقرار والأمن والحكم الديمقراطي والتنمية، جاء ذلك عقب زيارته إلى السودان، حيث التقى بكبار شخصيات الحكومة، بما في ذلك الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان والقائد العام للقوات المسلحة السودانية و أعرب المبعوث الأممي عن آماله في إنهاء الصراع، ودور الأمم المتحدة في تحقيق السلام في البلاد.

 

انهيار القطاع الصحي

 

كشف هيثم محمد إبراهيم وزير الصحة السوداني، أن القطاع الصحي في السودان، حقق خسائر جملتها 11 مليار دولار منذ اندلاع الحرب، وقال الوزير: “جملة خسائر القطاع الصحي أثناء الحرب بلغ 11 مليار دولارا، تشكل 22% من جملة الضرر الذي لحق بقطاع الخدمات أثناء فترة الحرب الحالية”.

 

وكشف وزير صحة السودان في مؤتمر في مدينة بورتسودان، ونقلت تصريحاته وكالة سونا الرسمية، عن تسجيل 12 ألف وفاة وردت إلى المستشفيات أثناء فترة الحرب وتسجيل 33 ألف حالات إصابات خطرة ضمن 150 ألف حالة وفاة بالبلاد، فيما بلغت حالات الاغتصاب التي وصلت للمستشفيات 306 حالة، مشيرا لوجود حالات أخرى لم يتم الإبلاغ عنها.

 

وأكد وزير الصحة، تسجيل عن 1258 حالة وفاة بالكوليرا و8450 حالة بحمى الضنك، و870 حالة وفاة أمهات حوامل بسبب غياب الخدمات الصحية بمناطق سيطرة الدعم السريع، ولفت إلى فقد 60 كادراً صحيا أرواحهم أثناء تأدية عملهم.

 

وذكر الوزير أن 250 مستشفى تعرضت للدمار والنهب من قبل ميليشيا الدعم السريع، بما يعادل ثلث مستشفيات البلاد، وأكد أن جميع المستشفيات التي خرجت عن الخدمة، كانت قد تعرضن للنهب والتدمير من عناصر الدعم السريع.

 

كما أشار إلى خروج جميع مراكز علاج الأورام عن الخدمة عدا مستشفى بمدينة مروي بالولاية الشمالية، وأن 4 آلاف مريضا فقدوا أرواحهم ضمن 7 آلاف مصابا بمرض الكلى، ولفت إلى خروج 70 % من المستشفيات المرجعية عن الخدمة فى الأشهر الأولى بولاية الخرطوم.

 

  ارتفاع معدلات سوء التغذية

 

وأكد أن دراسة حديثة أظهرت أن معدل سوء التغذية بين الأطفال وصل إلى 15% في 24 محلية، بينما ارتفع إلى 30% في محليات الطويلة، أم كدادة، واللعيت بشمال دارفور، وهي مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

 

وأوضح الوزير أن تزايد حالات سوء التغذية لا يتعلق فقط بنقص الغذاء، بل يرتبط بأمراض الأطفال، وانعدام المياه النظيفة، وأشار إلى أن الأطفال في هذه المحليات يفتقرون إلى التطعيمات والخدمات الصحية الأساسية، مما يزيد من معاناتهم.

 

وأضاف في حديثه أن أطفال دارفور لم يتلقوا التطعيمات الدورية لفترة طويلة، إلا أن الوزارة تمكنت من التدخل لتوفير اللقاحات في بعض المناطق.

وخلال حديثه أكد الوزير وجود ترتيبات مع وكالات الأمم المتحدة لتنفيذ خطة شاملة لعلاج سوء التغذية، بتكلفة تبلغ 471 مليون دولار، كما أشار إلى توفر 2249 مركزاً للتغذية العلاجية والطبية في البلاد لدعم هذه الجهود.