من عيال زايد إلى ترامب … السيسي يبحث عن قوة خارجية لحل أزمة سد النهضة

- ‎فيتقارير

مع فشل عصابة العسكر في مواجهة أزمة سد النهضة ونجاح إثيوبيا في بناء السد وتشغيله وحجز المياه المطلوبة في خزاناته وتشغيل توربينات توليد الكهرباء، وهو ما يهدد بحرمان مصر من أغلب حصتها التاريخية في مياه نهر النيل، يستعد عبدالفتاح السيسي لإعداد ملف لسد النهضة الإثيوبي بالتنسيق مع المسؤولين في السودان بزعم فتح مسار جديد ضمن التحركات الخاصة بالأزمة عبر الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب.

 

هذا التحرك يكشف عن عجز السيسي وفشله في مواجهة إثيوبيا التي حققت نجاحًا غير مسبوق، بالإضافة إلى أنه من خلال هذا التحرك يحاول السيسي التغطية على كونه هو في الأساس سبب الأزمة، حيث خضع لإملاءات عيال زايد في الإمارات الداعمين لانقلابه الدموي على أول رئيس مدني منتخب في التاريخ المصري، الشهيد محمد مرسي، ووقّع على ما يسمى باتفاق المبادئ مع السودان وإثيوبيا عام 2015، رغم معارضة كل الجهات والأجهزة السيادية لهذا التوقيع، وهو ما منح إثيوبيا فرصة تاريخية لبناء السد والالتفاف حول اتفاقيات المياه التاريخية الموقعة مع مصر منذ القرن التاسع عشر.

 

من ناحية أخرى، فشلت محاولات السيسي لدعم الصومال ودفعه لاتخاذ موقف مناوئ لإثيوبيا، خاصة بعد توقيع اتفاق بين البلدين بدعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والسماح لإثيوبيا بالنفاذ إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي، ما يعني أن القوات المصرية التي أرسلها السيسي إلى الصومال لم يعد لها أي دور في مواجهة أزمة سد النهضة، ويؤكد أن الهدف منها هو محاربة حركة الشباب الصومالية وليس الضغط على إثيوبيا.

 

حجم الأضرار

 

في هذا السياق، كشفت مصادر بحكومة الانقلاب أن تعليمات صدرت للمسؤولين الفنيين عن الملف في وزارة ري الانقلاب بتحديث البيانات الخاصة بحجم الأضرار التي تعرضت لها مصر، وكذلك حجم المخصصات المالية التي تمّ توجيهها إلى قطاعات تحلية المياه خلال السنوات الأربع الماضية.

 

وقالت المصادر إن هذه الخطوة تأتي بعد تفعيل آليات التشاور الفني والسياسي مع السودان على مستوى وزيري الري والخارجية من أجل إعداد ملف متكامل لطرحه أمام إدارة ترامب، زاعمة أن هناك وعودًا من جانب مسؤولين في إدارة ترامب بأن يكون ملف أزمة السد ضمن أولوياته لفرض اتفاق حول تشغيل السد خلال الفترة المقبلة.

 

كما زعمت أن السيسي تلقى إشارات إيجابية من إدارة ترامب بشأن معاودة الرئيس الأمريكي لعب دور في حسم وإنهاء تلك الأزمة عبر اتفاق مكتوب بين الأطراف الثلاثة: مصر والسودان وإثيوبيا، بالشكل الذي يراعي مخاوف واحتياجات الجميع.

 

وأشارت المصادر إلى أن الوعود الأمريكية الجديدة جاءت في مقابل الدور الذي يلعبه السيسي لصالح الصهاينة في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد أهالي قطاع غزة.

وادعت أن ملف أزمة سد النهضة يحظى بموقع متقدم على أجندة اهتمامات ترامب خلال الفترة المقبلة، مشيرة إلى أنه تم التطرق إلى هذا الملف أثناء اتصالات وتنسيق بشأن تحركات السيسي مع مقربين من ترامب منتظر توليهم مسؤولية ملفات متعلقة بالشرق الأوسط وفق تعبيرها.

 

اتفاق قانوني

 

في المقابل، أعرب السفير رخا أحمد حسن، المساعد السابق لوزير الخارجية، عن تشاؤمه بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن سد النهضة الإثيوبي يضمن حقوق مصر والسودان في مياه النيل بوصفهما دولتي مصب.

وأكد حسن في تصريحات صحفية أن تحقيق مثل هذا الاتفاق يتطلب وجود إرادة سياسية وقرار من الجانب الإثيوبي، وهو ما لا يبدو متاحًا في ظل تمسك رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، بموقفه المتشدد ورفضه التوقيع على أي اتفاق.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة، خلال الولاية الأولى لترامب (2017 – 2021)، لعبت دور الوسيط بين مصر وإثيوبيا بهدف التوصل إلى اتفاق. وعلى الرغم من إعداد مشروع اتفاق بإشراف وزير الخزانة الأمريكي حينها، ستيفن منوتشين، ودعوة كل من مصر وإثيوبيا للتوقيع عليه في واشنطن، إلا أن إثيوبيا امتنعت عن الحضور، ولم يتخذ ترامب أي إجراء لإلزامها، وبالتالي لا يتوقع منه أن يتخذ موقفًا الآن بعد انتهاء إثيوبيا من بناء السد وفشل الانقلاب في مواجهته وعدم اتخاذه أي خطوات على الأرض لوقف بناء السد.

وأضاف حسن أن الموقف الإثيوبي أصبح أكثر تشددًا بعد إكمال بناء السد، ما يجعل من غير المتوقع أن يتغير موقف أديس أبابا في المستقبل القريب، وبالتالي لن تحقق الوساطة الأمريكية أي نتائج في هذا الملف.

 

مشهد مختلف

 

وتوقع الخضر هارون، السفير السوداني السابق بالولايات المتحدة، أن تكون عودة ترامب إلى البيت الأبيض في سياق مختلف تمامًا عما كان عليه خلال فترته الرئاسية الأولى، مشيرًا إلى أن المشهد في الشرق الأوسط وأوروبا يشهد تغييرات متسارعة، ما سيجعل إدارة ترامب غير منشغلة بملف سد النهضة.

 

وقال هارون في تصريحات صحفية إن فريق ترامب الجديد يبدو منشغلًا بالقضايا الداخلية، بما في ذلك تصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين وإلغاء القرارات الصادرة عن إدارة جو بايدن عبر أوامر تنفيذية.

وفيما يتعلق بسد النهضة، أشار إلى أن ترامب خلال فترته السابقة استغل علاقات وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين الجيدة بنظام الانقلاب لإقحامه في الملف، وصولًا إلى دعوة وزيري خارجية الانقلاب والسودان (سامح شكري وأسماء عبد الله حينها) إلى واشنطن للتشاور حول السد.

وأكد هارون أن العلاقات المعقدة في المنطقة، بما في ذلك تمتع عيال زايد في الإمارات بعلاقات جيدة مع إثيوبيا رغم تقاربهم الظاهر مع نظام الانقلاب الدموي بقيادة السيسي، تضيف مزيدًا من التعقيد إلى هذا الملف.