حميدتي قائد الابادة الجماعية بالسودان .. هل تردعه العقوبات الدولية؟

- ‎فيعربي ودولي

اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية قوات الدعم السريع بارتكاب “إبادة جماعية” في إقليم دارفور في السودان، وفرضت عقوبات على قائدها محمد حمدان دقلو “لدوره في الفظائع الممنهجة بحق الشعب السوداني”.

أظهر الموقع الإلكتروني لوزارة الخزانة الأميركية أن الولايات المتحدة أصدرت الثلاثاء عقوبات جديدة مرتبطة بالسودان استهدفت فيها قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وفق ما ذكرت وكالة رويترز.

وقال وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن في بيان إن القرار استند إلى معلومات حول عمليات القتل “المنهجية” التي ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد رجال وفتيان واغتصاب نساء وفتيات من مجموعات إثنية معيّنة.

واتهمت الولايات المتحدة قوات الدعم السريع التي تخوض حربا ضد الجيش في السودان منذ أبريل 2023، بارتكاب “إبادة جماعية” في إقليم دارفور، وفرضت عقوبات على قائدها “لدوره في الفظائع الممنهجة بحق الشعب السوداني”.

وشدد بلينكن على أن “الولايات المتحدة لا تدعم أيا من الجانبين”، وقال “إجراءاتنا بحق قوات الدعم السريع أو حميدتي لا تعني دعم القوات المسلحة السودانية”، وأضاف أن “الطرفين يتحملان مسؤولية أعمال العنف والمعاناة” في البلاد.

حمديتي تاريخ من جرائم الإبادة

ففي مطلع الألفين، لم يكن “حميدتي” بلغ الثلاثين من عمره، وكان مجرّد زعيم ميليشيا صغيرة في غرب السودان الحدودي مع تشاد.
ولكنه تحوّل إلى زعيم حرب معروف بعد سنوات طويلة من النزاع في دارفور ارتُكبت خلالها فظاعات لقمع تمرد قبائل غير عربية في الإقليم، وكلّفت الديكتاتور السابق عمر البشير مذكرتي توقيف صدرتا عن المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية”، وتمكّن دقلو من تسلّق السلطة.

على رأس الجنجويد، مارس الرجل طويل القامة، بأوامر من البشير، سياسة الأرض المحروقة في دارفور حيث قُتل أكثر من 300 ألف شخص ونزح ما يزيد على 2,5 مليون آخرين خلال الحرب.
مدّ حميدتي دائرة نفوذه من دارفور إلى الخرطوم وأروقة السلطة فيها، وباتت لديه صلات بالدوائر الدبلوماسية واستطاع أن يعقد اتفاقات تجارية سرية إلى حدّ ما.
وتحوّلت قوات التدخل السريع التي أنشئت في العام 2013، إلى قوة رديفة للجيش تضمّ آلاف العناصر الساعين حاليًا إلى السيطرة على السلطة.
ومنذ الثورة الشعبية التي أطاحت بعمر البشير في 2019، عمل على تحسين صورته وكسب حلفاء جُدد.

خلال الثورة، وُجهت اتهامات إلى قوات الدعم السريع بتفريق اعتصام سلمي مطالب بالديموقراطية بالقوة في الخرطوم، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى، وفق أرقام رسمية.
وعيّن دقلو في عام 2019 عضوا في مجلس السيادة الانتقالي الذي تأسس لحكم البلاد بالشراكة بين العسكريين والمدنيين.
في 25 أكتوبر 2021، دعم حميدتي قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في انقلابه الذي أطاح بالشركاء المدنيين من السلطة، وصار نائبا للبرهان في رئاسة مجلس السيادة.

لكن مع مرور الوقت، ووسط خلافات بشأن شروط دمج قواته في الجيش، بدأ ينتقد الجيش ووصف البرهان بـ”المجرم” الذي “دمّر البلاد” و”يتشبّث بالسلطة”، وبات يقدّم نفسه مدافعًا عن الدولة المدنية وخصما لدودا للإسلام السياسي الداعم إجمالا للبرهان، وانضمّ إلى المدنيين في إدانة الجيش، مشيرًا إلى أنه يدافع عن “مكتسبات ثورة” العام 2019.

قبل اندلاع الحرب عام 2023، عزّز حميدتي حضوره على شبكات التواصل الاجتماعي، عبر حسابات يخاطب من خلالها الشباب في بلد ثلثا سكانه تقلّ أعمارهم عن 30 عامًا.

وقتل عشرات الآلاف من السودانيين ونزح أكثر من ثمانية ملايين داخليًا، منذ اندلاع الحرب أبريل 2023، وهو ما جعل البلاد مسرحًا لأكبر أزمة نزوح داخلي في العالم ودفع السكان نحو المجاعة.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 30 مليون سوداني، أكثر من نصفهم من الأطفال، بحاجة إلى المساعدة بعد 20 شهرًا من الحرب.

وكانت الأمم المتحدة وجهت أمس نداء لجمع 4,2 مليار دولار لتوفير المساعدات إلى 20,9 مليون شخص داخل السودان من إجمالي 30,4 مليون شخص قالت إنهم في حاجة إلى المساعدة في ما أسمته “أزمة إنسانية غير مسبوقة”.