4 سنوات على مجزرة “الحرس”.. حين غاص الجيش في دماء المصريين

- ‎فيتقارير

كتب محمد مصباح:

تمر الذكرى الرابعة لمجزرة الحرس الجمهوري ، التي وقعت فجر يوم 8 يوليو 2013 ، حيث قامت قوات الجيش المكلفة بحراسة مبنى دار الحرس الجمهوري، بإطلاق الأعيرة النارية والغاز والخرطوش على المصلين المتواجدين أمام مبنى الدار، أثناء أدائهم الركعة الثانية من صلاة الفجر، بعد أن تناقلت أنباء عن إخفاء الرئيس محمد مرسي، بمقر الحرس الجمهوري، ما أسفر عن مقتل نحو 103 متظاهرين، وأكثر من 450 مصابا، واعتقال أكثر من 200 متظاهر.

وقد أكد، تسريب صوتي، في وقت لاحق، لقائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، خلال حديث صحفي مع ياسر رزق رئيس تحرير جريدة "المصري اليوم"- انذاك-، أن "الرئيس محمد مرسي كان في دار الحرس الجمهوري حتى يوم 8 يوليو، ونُقل بعد ذلك، لمكان غير معلوم.

ما حدث
وأفاد شهود العيان في شهاداتهم للمنظمات الحقوقية، "فوجئنا في الركعة الثانية من صلاة الفجر بإطلاق أعيرة نارية كثيفة على المصلين وكذلك طلقات الغاز والخرطوش، الأمر الذي اضطرنا لإنهاء الصلاة والانبطاح أرضاً خوفا من طلقات الجيش الغادرة لنجد أنفسنا ما بين شهيد ومصاب".

كذلك، أكد عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمد وهدان، مبادرة قوات حرس مبنى الحرس الجمهوري بإطلاق الأعيرة النارية على المصلين السلميين، ما أدى لسقوط أكثر من 103 شهداء وأكثر من 405 مصابين.

وأشار وهدان، في تصريحات صحفية، حينها، إلى مناداته لرئيس الحرس الجمهوري وعدد من قيادات الجيش لإنهاء هذه المجزرة بمكبرات الصوت، ولكن دون جدوى، مضيفاً: "الرصاص الحي كان يهبط علينا كالمطر من كل جانب".

أما المتحدث السابق باسم وزارة الصحة المصرية، يحيى موسى، فأوضح أن "قوات الأمن وقوات الحرس الجمهوري أطلقت الأعيرة النارية على المتظاهرين حتى العاشرة صباحا"، لافتاً إلى "اعتلاء القناصة لأسطح المنازل والمباني القريبة من الحرس الجمهوري، والتي كانت تُصوب بنادقها الآلية تجاه المتظاهرين".

ونفى موسى، الذي تم إدراج اسمه بإحدى القضايا الملفقة لاحقاً، خلال اتصال بالتلفزيون المصري، "هجوم المتظاهرين على مبنى الحرس قبل إطلاق الرصاص عليهم".

شاهد عيان آخر، قال: "بعد قضاء يوم رائع في ميدان رابعة العدوية وصلاة القيام والوتر ابتهلنا إلى الله عز وجل، وأدينا صلاة الفجر وإذ بنا نسمع استغاثات شديدة ولحظات ونرى المصابين والشهداء يمرون أمام أعيننا تنقلهم السيارات الملاكي والأتوبيسات".

وتابع: "في الركعة الأخيرة تفاجأنا بالغاز المسيل من كل جانب حتى حجب الرؤية، وبعدها أمطرونا بوابل من الرصاص من كل جانب، حتى الأطفال لم تسلم من غدرهم وخيانتهم".
وأضاف: "ظلت السيارات تنقل المصابين والقتلى حوالى ساعتين ولم نكد نبرح الميدان حتى أعلن التليفزيون المصري أن المتظاهرين هجموا على الجنود بالأسلحة".

فيما قال بيان صادر عن الناجين من المجزرة: "فجر اليوم الاثنين 8 يوليو 2013، وفي أثناء صلاة فجر اليوم السابع لاعتصامنا السلمي أمام دار الحرس الجمهوري، وبعد تأكيدنا المستمر لكل المسؤولين العسكريين بأن اعتصامنا سلمي، فوجئنا في الركعة الثانية بوابل من الرصاص الحي وقنابل الغاز تنهمر على المصلين والنساء والأطفال وسقط منا أثناء الصلاة عشرات الشهداء ومئات المصابين منهم ثلاثة أطفال شهداء".

وتابعوا: "لقد أسفر الانقلاب العسكري عن وجهه القبيح بعد سته أيام فقط بعد تقييد حرية الإعلام وحصار الأحزاب واعتقال السياسيين وتضليل الإعلام المتواصل. هل كان هؤلاء الأطفال يخططون لاقتحام الحرس الجمهوري؟ هل كانت النساء تحمل السلاح حتى تحاصَر داخل مسجد المصطفى؟ هل كان المصلون يطلقون الرصاص أثناء ركوعهم للصلاة والسجود لله تعالى في الركعة الثانية من صلاة الفجر؟ لا نامت أعين الجبناء، ولن ينطلي الكذب على المصريين ولا على العالم أجمع، إننا نقول لكل جندي مصري إن إطلاق النار على الشعب هو جريمة عسكرية يحرمها القانون والدستور ولا تسقط بالتقادم، وهو إهانة لشرف الجندي المصري والعسكرية المصرية التي وضعتها قيادتها في هذا المأزق الحقير".

فيما أكدت تقارير طبية أن القتيل الوحيد في صفوف الجنود أطلق النيران عليه من الخلف "رصاص حي" في مؤخرة الرأس، وهو الجندي الوحيد الذي رفض أوامر إطلاق النار على المعتصمين أثناء صلاتهم الفجر فقام أحد الجنود بإطلاق النار عليه.

أحمد عاصم يصور قاتله
ومن ضمن اللقطات التي لا يسهل إغفالها في المشهد، أحمد عاصم المصور الصحفي بجرية "الحرية والعدالة"- الذي يبلغ من العمر 26 سنة، واحد من بين من استشهدوا يوم الاثنين عندما كان يلتقط صوراً خارج مبنى الحرس الجمهوري.

وهو أحمد سمير عاصم السنوسي، مصور مصري كان يعمل في جريدة "الحرية والعدالة"، كان يصور قناصاً يقوم بقتل المعتصمين السلميين، وبعد أن انتبه القناص له وجّه سلاحه إليه وقام بقنصه، وتم نشر المقطع المصور الذي يبين القناص وينتهي بإطلاق الرصاص على عاصم، وهو المصور الوحيد الذي قام بتصوير الحادث بالكامل من اللحظة الأولى. 

استياء حقوقي
وفور المجزرة، أعلنت 15 منظمة حقوقية استنكارها لما جرى للمتظاهرين، مشددة على أن "مواجهة التظاهرات يجب أن تلتزم بالمعايير الدولية".

واتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الجيشَ المصري باستخدام قوة مميتة ومفرطة لتفريق المعتصمين أمام "الحرس الجمهوري"، وقالت في بيان لها، إن "الجيش المصري له سِجلٌ في استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين ولم يتم التحقيق مع عسكري واحد في "مجزرة الحرس الجمهوري".

فيما أكدت منظمة العفو الدولية، في تقرير لها أن "مجزرة الحرس قام بها الجيش وليس المعتصمون العزل، كما أكدت أنها جمعت أدلة على استخدام قوات الأمن المصرية القوة، وطالبت "كاثرين آشتون"، منسق الاتحاد الأوروبي بوضع حد للعنف في مصر وإجراء تحقيق سريع في المجزرة".

ويرى خبراء أن إقدام الجيش على ارتكاب مجزرة "الحرس الجمهوري" التي تعتبر أولى وقائع إراقة دماء المعارضين، وكانت بمثابة رسالة للمعارضين والمتظاهرين بأن لا رجوع عن المسار الذي انحازوا له بالانقلاب على الشرعية الدستورية.

رفض سياسي
وفي الوقت الذي دعا فيه حزب "الحرية والعدالة"، الشعبَ لإسقاط الغطاء عن الجيش الذي "قام بسرقة الثورة المصرية بالدبابات" أبدى حزب "النور" نيته بالانسحاب من "خارطة الطريق"، إلا أنه صمت، بينما أصدر حزب "مصر القوية" بيانًا دان فيه قتل المتظاهرين أمام "دار الحرس الجمهوري"، محمّلاً القوات المسلحة مسؤولية عدم حفظ دماء المصريين.

كما حمّل "حزب الوسط" المسؤولية لمن يدير البلاد في هذه المرحلة. وحمّلت "الجماعة الإسلامية" المؤقت عدلي منصور، المسؤوليةَ عن الأحداث، ودعت لمحاكمته.

من جهتها، دعت "حركة 6 إبريل" عدلي منصور، لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة فورا، ودعت القوات المسلحة لضبط النفس وفض الاعتصامات دون قوة مفرطة!
ووصف "الاشتراكيون الثوريون" الحدث بـ"مجزرة دموية" ووصفته بـ"القمع الوحشي"، داعيةً للقصاص.

بينما قالت عضو جبهة الضمير، نفين ملك، على صفحتها على فيس بوك: "إن مجزرة الحرس الجمهوري كمجازر محمد محمود ومجلس الوزراء، مضيفة أن "صمت الأحزاب الليبرالية والعلمانية عن مجازر الحرس الجمهوري أحزنها"، لافتة إلى أن الإعلام يقوم بدور التضليل وقلْب القاتل لمقتول والمقتول لقاتل"..!!

 

وجاءت المجزرة بعد ساعات من جمعة التفويض التي طالب فيها السيسي المصريين بالنزول لتفويضه لمواجهة الارهاب المحتمل.

وبحسب خبراء، جاء عنف الجيش غير المسبوق ضد المصلين بالحرس الجمهوري، كبروفة وسيناريو لفض اعتصام رابعة العدوية بالقوة المميتة.

ورغم مرور 4 سنوات على المجزرة ما زال مرتكبوها احرارا بلا محاكمة…فيما الضحايا دماءهم ما زالت تنضب طالبة القصاص الذي لن ينسى وان طال الزمن.