رغم تهنئة السيسى للشرع ..ماهى النقاط الخلافية التى تعوق تطبيع العلاقات بين مصر وسوريا ؟

- ‎فيتقارير

 

رغم أن نظام الانقلاب العسكري في مصر يتبنى موقفاً حذراً تجاه الملف السوري، إذ تضع في اعتبارها توازناتها الإقليمية وعلاقاتها مع القوى الدولية الفاعلة في الأزمة السورية، لا سيما في ظل استمرار التغيرات السياسية في دمشق.

وتواجه العلاقات بين القاهرة ودمشق عوائق تعيق تطبيعها الكامل، حيث كشفت مصادر دبلوماسية في مصر ، ، عن استمرار التباينات بين القاهرة والقيادة السورية الجديدة برئاسة الشرع، إذ على الرغم من تهنئة السيسي، لا تزال هناك نقاط خلافية تعوق تطبيع العلاقات بين القاهرة ودمشق خاصة فيما يتعلّق ببعض الشخصيات في المؤسسة العسكرية السورية، والتي تُثير تحفظات مصرية بسبب ارتباطها بأنشطة تصنفها القاهرة في إطار التهديدات الأمنية.

وتجرى مشاورات مكثفة تجرى بين القاهرة وأنقرة، حيث تلعب الأخيرة دور الوسيط لتقريب وجهات النظر بين مصر والإدارة السورية الجديدة. وأفادت المصادر بأن تركيا حرصت أخيراً على نقل رسائل طمأنة إلى الجانب المصري، منها الإجراءات التي اتخذتها القيادة السورية ضد أحمد المنصور، الذي أعلن من الأراضي السورية “تشكيل تنظيم معارض يستهدف إطاحة النظام المصري”، وأن تركيا أكدت التزامها بعدم السماح بانتقال أي عناصر معارضة إلى سورية من أراضيها، ومنع أي نشاط سياسي معارض لمصر ينطلق من تركيا، وذلك في إطار مساعي أنقرة لتخفيف التوترات وتهيئة الأجواء لتطبيع العلاقات بين القاهرة ودمشق.

 

وكان وزير الخارجية بحكومة الانقلاب  بدر عبد العاطي قد أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره السوري أسعد الشيباني، نهاية ديسمبر/الماضي، بحثا خلاله العلاقات بين القاهرة ودمشق وتطورات الأوضاع في سورية.

ووفقاً لمصادر دبلوماسية مصرية، جاء الاتصال في إطار متابعة الموقف المصري من الإدارة السورية الجديدة، واستكشاف سياساتها تجاه القضايا الأمنية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وقد أكد عبد العاطي “ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة في سورية لا تقصي أحداً، وتعكس التعددية والتنوع في المجتمع السوري”، مشدداً على أن القاهرة تتعامل بحذر مع التطورات السياسية في دمشق، وأن أي تحركات مستقبلية تتوقّف على مدى التزام القيادة السورية الجديدة بوعودها بشأن مكافحة الإرهاب وعدم توفير ملاذ آمن للعناصر المتطرفة.

 

أهم المعوقات لتطبيع العلاقات بين البلدين

وبحسب المعلومات فإن من بين النقاط الشائكة التي تعمل أنقرة على معالجتها، وضع المقاتلين في صفوف هيئة تحرير الشام وفصائل تابعة لها، حيث طالبت مصر بتسليم أسماء صادرة بحقها أحكام قضائية ومتورطة في أعمال عدائية ضدها، إلا أن الجانب السوري رفض ذلك. ورغم هذا الموقف، تعهدت دمشق بعدم السماح لهؤلاء العناصر بأي نشاط يهدد مصر مستقبلاً.

 

وجاءت تهنئة المنقلب السيسي للشرع بمثابة مؤشر على انفتاح مصري محسوب على القيادة الجديدة، إلا أن مصادر دبلوماسية مصرية أكدت أن هذه التهنئة لا تعني بالضرورة تحولاً جذرياً في موقف القاهرة من دمشق، بل تأتي في إطار الأعراف الدبلوماسية، خاصة في ظل استمرار المباحثات حول القضايا العالقة.

 

صيغة ترضي الطرفين

وعلى الرغم من التباينات بين القاهرة ودمشق، تظل المحادثات مستمرة بفضل الوساطة التركية، التي تسعى إلى إيجاد صيغة توافقية تُرضي الطرفين. ومع ذلك، يبقى تطبيع العلاقات بين القاهرة ودمشق بشكل كامل رهناً بإيجاد حلول مرضية للقضايا الأمنية الحساسة، وخاصة المتعلقة بالمطلوبين المصريين والموقف من الجماعات المسلحة. وتؤكد هذه التطورات أن العلاقات بين القاهرة ودمشق تواجه اختبارات صعبة، لكن الوساطات الإقليمية قد تسهم في تخفيف التوترات، إذا ما توفرت إرادة سياسية حقيقية من الطرفين لتحقيق ذلك، بحسب مراقبين.

 

وقال عضو مجلس النواب  بسلطة ، أيمن سلامة، في تصريحات صحفية إن الوساطة الدولية يمكن أن تكون أداة فعالة في تقريب وجهات النظر بين الإدارة السورية الجديدة ودول الجوار، مشيراً إلى إمكانية قيام دول محايدة أو منظمات دولية، مثل الأمم المتحدة، بدور محوري في هذا الإطار. وأوضح سلامة أن الحكومات الانتقالية السورية تمثل بارقة أمل لسورية الخارجة من حقبة الاستبداد، لكنها تواجه تحديات معقدة تتطلب إرادة سياسية قوية، ودعماً داخلياً، وتعاوناً دولياً فعالاً. ولفت إلى أن نجاح هذه الحكومات يعتمد بشكل أساسي على قدرتها على إدارة التحديات الداخلية والخارجية، وتحقيق التوازن بين تطلعات الشعب السوري ومصالح القوى الإقليمية والدولية.

فيما أكد السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية المصرى الأسبق،  في تصريحات صحفية إنّ مصر الرسمية كانت تدعم نظام الأسد بسبب موقفها من جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت تطاردها داخل مصر، كما فعل نظام الأسد في سورية.

وأضاف أن روسيا وإيران قدمتا دعماً كبيراً للنظام السوري لنفس السبب، حيث كانتا تخشيان من انتشار التيارات الإسلامية التي قد تهدد استقرارهما، خاصة أن الشيشان تضم عدداً كبيراً من المقاتلين الشيشانيين الروس الذين شاركوا في القتال ضد نظام الأسد في سورية.

وشدد ” الأشعل” أن 66 دولة كانت تمول وتسلح الأطراف المعارضة للنظام السوري، وأن “سقوط نظام الأسد كان يمثل تغييراً مفاجئاً وغير مسبوق في تاريخ المنطقة، الأمر الذي استدعى من مصر الرسمية التعامل مع الواقع الجديد بحذر وواقعية”. واعتبر أن اتصال عبد العاطي مع وزير خارجية النظام الجديد في سورية كان مجرد إجراء دبلوماسي، وليس موقفاً سياسياً، ما يؤكد أن السياسة الرسمية المصرية تجاه الأزمة السورية لم تشهد تغييراً جوهرياً حتى ذلك الحين.