المنقلب لايملك سوى الانبطاح .. ماذا وراء ترويج نظام السيسى لإلغاء زيارته لواشنطن؟

- ‎فيتقارير

 

بعد زيارة ملك الأردن عبد الله لواشنطن، وعدم وضوح الرؤية الكاملة حول رفض مخطط التهجير، وإعلانه انتظار الموقف المصري، ما يضاعف الأزمة بين الجانب الأمريكي والنظام المصري، حيث تشهد العلاقات المصرية الأميركية واحدة من أشد فتراتها توتراً خلال العقود الثلاثة الماضية، وذلك على خلفية الموقف المصري الرافض لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن.

 

ووفقاً لمصادر دبلوماسية مصرية، فإن التوتر بين القاهرة وواشنطن دفع سلطة الانقلاب في مصر إلى دراسة إرجاء زيارة المنقلب السيسي للولايات المتحدة، المقررة في 18 فبراير الحالي، إلى أجل غير مسمى، بسبب ردود فعل أميركية شديدة السلبية تجاه التحفظات المصرية على هذه الخطة، وتفيد مصادر مصرية تحدثت لـ”العربي الجديد” بأن تقديراً رسمياً للوضع رفع إلى السيسي ، خلص إلى أن العلاقات المصرية الأميركية تمر بمرحلة توتر غير مسبوقة منذ ثلاثين عاماً، وبحسب المصادر، فإن دوائر القرار في القاهرة استقبلت ردوداً أميركية “فاترة ومستهجنة” بعد إبلاغ واشنطن بالمخاوف الأمنية والسياسية من تنفيذ خطة ترامب، التي تتضمن إعادة توطين سكان قطاع غزة في كل من مصر والأردن.

وتضيف المصادر أن أحد الأسباب التي فاقمت التوتر بين القاهرة وواشنطن، استخدام ترامب المتكرر لوصف السيسي بـ”الجنرال”، وهو توصيف يعُدّ في القاهرة على أنه يحمل طابعاً استخفافياً بمكانة السيسي ، وبحسب المصادر، فإن رد مسؤولي إدارة ترامب على الاستياء المصري من هذا الوصف كان “بارداً وغير مبالٍ”.

 

 

 

وترى مصادر مصرية أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تلقى دعماً ضمنياً من ترامب في تصريحاته الأخيرة، التي تضمنت هجوماً لاذعاً على كل من مصر والسعودية، فقد اتهم نتنياهو مصر بتحويل غزة إلى “سجن مفتوح”، ودعا السعودية إلى تخصيص أراضٍ لإقامة دولة فلسطينية، وأثارت هذه التصريحات استياءً واسعاً في القاهرة، مع تعالي الدعوات إلى تأمين تنسيق مصري سعودي على أعلى مستوى لمواجهة التداعيات السياسية لهذه التصريحات.

 

تلك  التطورات الأخيرة دفعت  سلطة الانقلاب في مصر إلى إعادة النظر في انعقاد قمة مشتركة، كان من المزمع عقدها بين ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان والعاهل الأردني عبد الله الثاني و السيسي.

ونقل وزير حارجية السيسي، للأمريكان، رفض المؤسسة العسكرية المصرية القاطع لأي محاولات لتهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء، محذراً من تداعيات أمنية خطيرة قد تنجم عن هذه الخطوة، لكن على الرغم من التحذيرات المصرية، واصل ترامب ضغوطه، مع تهديده بقطع المساعدات عن مصر والأردن إذا لم يقبلا باستقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزة، وخلال تصريحات أدلى بها في البيت الأبيض، حذر الرئيس الأميركي من أن وقف إطلاق النار في غزة قد يُلغى إذا لم تُفرج حركة حماس عن جميع الرهائن الإسرائيليين بحلول السبت المقبل، مهدداً بفتح “أبواب الجحيم” على القطاع إذا لم تُنفَّذ مطالبه.

 

يشار إلى أن تهديدات ترامب بوقف المساعدات لمصر والأردن قد تؤدي إلى انهيار معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية،  إذ إن هذه المساعدات تُقدَّم في إطار رسمي بناءً على مذكرة تفاهم بين القاهرة وواشنطن من أجل التزام معاهدة السلام.

 

تصور مصري لإعادة إعمار غزة

 

وكانت وزارة الخارجية بنظام الانقلاب  قد أعلنت ، يوم الثلاثاء،  الماضي أن القاهرة تعتزم تقديم تصور لإعادة إعمار قطاع غزة يضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، وجاء في بيان نشرته الوزارة على صفحتها في موقع فيسبوك، أنّ جمهورية مصر العربية تعرب عن تطلعها للتعاون مع الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، من أجل التوصل لسلام شامل وعادل في المنطقة، وذلك من خلال التوصل لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية تراعي حقوق شعوب المنطقة.

 

وأكد البيان اعتزام مصر في هذا السياق طرح تصور متكامل لإعادة إعمار القطاع، وبصورة تضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه وبما يتسق مع الحقوق الشرعية والقانونية لهذا الشعب، وشدّد البيان على أنّ جمهورية مصر العربية تؤكد أنّ أي رؤية لحل القضية الفلسطينية ينبغي أن تأخذ في الاعتبار تجنب تعريض مكتسبات السلام في المنطقة للخطر، بالتوازي مع السعي لاحتواء والتعامل مع مسببات وجذور الصراع، من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتعايش المشترك بين شعوب المنطقة.

 

وفي وقت سابق من يوم الثلاثاء الماضي ، قالت وزارة الخارجية بحكومة الانقلاب ، في بيان منفصل: إنّ “وزير الخارجية بدر عبد العاطي أجرى اتصالات على مدار الأيام الأخيرة مع عدد من وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، ومن ضمنها السعودية وباكستان وإيران والأردن، وذلك لبحث التطورات على صعيد القضية الفلسطينية”.

 

وشهدت الاتصالات، بحسب بيان للخارجية ، توافقاً من حيث المبدأ على عقد اجتماع وزاري طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي بعد القمة العربية الطارئة المقرر عقدها في القاهرة يوم 27 فبراير الحالي، وذلك للتأكيد على ثوابت الموقف الفلسطيني والعربي والإسلامي بشأن القضية الفلسطينية، والتمسك بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير والعيش في وطنه وعلى أرضه.

 

وخلال لقائه بترامب يوم الثلاثاء الماضي ، صرّح العاهل الأردني عبد الله الثاني بأنه يجب أن ننتظر لنرى خطة من مصر، رداً على تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وفي رده على سؤال عما إذا كانت هناك قطعة من الأرض يمكن أن يعيش فيها الفلسطينيون، قال الملك عبد الله الثاني: “عليّ أن أعمل ما فيه مصلحة بلدي”، مشيراً إلى أن “العرب سيأتون إلى أميركا بردٍّ على خطة ترامب بشأن غزة”.

ووسط تباين الرؤى بين مصر وواشنطن، فإن إلغاء الزيارة يبقى الخيار والرسالة الأهم، ولكن هل يجرؤ عليها السيسي والنظام الانقلابي المنهار اقتصاديا ؟ وهو ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.