أحداث ملتهبة بالسودان ومصر والكونغو والصومال.. هل تنجح «قمة أديس أبابا» في تهدئة أوضاع القارة الأفريقية؟

- ‎فيتقارير

مع انعقاد الاجتماع السنوي لقمة الاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أُثيرت تساؤلات حول قدرة «القمة» على تهدئة الأوضاع  والأحداث الملتهبة داخل القارة السمراء، ورغم أن قضايا السلم والأمن لأفريقيا تتصدر اجتماعات رؤساء الدول والحكومات الأفريقية بأديس أبابا، فإن خبراء يرون صعوبة في تأثير قمة أديس أبابا الأفريقية على قضايا الصراع؛ لكنهم يعوّلون على شركاء دوليين في التهدئة، وبدأت قمة الاتحاد الأفريقي، السبت، بمقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، وستناقش اجتماعات القادة الأفارقة خلال القمة مستجدات الأوضاع في السودان وليبيا، وشرق الكونغو الديمقراطية، ومشكلة سد النهضة، إلى جانب قضايا العدالة والأمن الغذائي والتحول الرقمي، والتكامل الاقتصادي. 

أحداث غزة

وفرضت التطورات في قطاع غزة نفسها على المناقشات الافتتاحية للقمة، السبت؛ حيث شارك فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وسكرتير عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي. 

وعَدَّ عباس أن دعوات تهجير الفلسطينيين من غزة هدفها إلهاء العالم عن جرائم الحرب والإبادة في القطاع، وجرائم الاستيطان ومحاولات ضم الضفة الغربية، وعدّ أن استمرار تلك الدعوات سيبقي المنطقة في دائرة العنف، بدلاً من صنع السلام. 

كما أن رئيس المفوضية الأفريقية التشادي موسى الفقي عندما تطرق لما يجري في فلسطين، قال: إن “ما تعرض له قطاع غزة من دمار وحرمان يشكل عارا على كل البشرية، مشددا على وقف الاتحاد الأفريقي بكل حزم مع الشعب الفلسطيني. وأضاف أنه مما يفاقم الوضع في الشرق الأوسط الدعوات الصادرة لتهجير الشعب الفلسطيني من غزة، في إشارة إلى ما يدعو إليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب”. 

الكونغو 

كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى تجنُّب التصعيد في شرق الكونغو الديمقراطية، وقال: إن “استمرار القتال في تلك المنطقة يُهدد استقرارها كلها، وتشهد منطقة شرق الكونغو الديمقراطية أعمال عنف أخيرة، بعد سيطرة حركة «إم 23» المتحالفة مع القوات الرواندية على عدد من المدن الكونغولية، منها جوما وبوكافو، وسط أعمال عنف أدَّت إلى مقتل العشرات، إلى جانب نزوح الآلاف، حسب تقارير أممية”. 

وتُضاف أعمال العنف في شرق الكونغو الديمقراطية إلى عدد من النزاعات الأفريقية، التي يُنتظر مناقشتها في «القمة الأفريقية»، مثل الوضع في السودان والقرن الأفريقي وليبيا، غير أن الخبير السوداني في الشئون الأفريقية، عبد المنعم أبو إدريس، يرى أن الاتحاد الأفريقي يصعب عليه تحقيق اختراق للصراعات في القارة، لعدم امتلاكه قدرات مالية، أو أدوات تأثير على بعض أطراف تلك النزاعات. 

السودان 

يترقّب السودان استئناف عضويته المُعلقة في الاتحاد الأفريقي خلال اجتماعات القمة السنوية، وفق مدير وحدة العلاقات الدولية بالمركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية، مكي المغربي، مشيراً إلى أن «هناك دعوات من بعض الدول لعودة نشاط السودان بالاتحاد، منها مصر والجزائر، لكن القضية لا تحظى بأولوية في مناقشات بعض وفود الدول الأفريقية».

وقال: إن “هناك مطالب من بعض الدول بإعادة النظر في آليات تعليق العضوية، بسبب استمرار تجميد نشاط 6 دول أفريقية، نتيجة تطورات سياسية داخلية” وعلّق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان منذ 27 أكتوبر 2021، ليُضاف إلى 5 دول أفريقية أخرى مجمدة عضويتها، هي بوركينا فاسو، ومالي، وغينيا، والنيجر، والغابون، نتيجة انقلابات عسكرية شهدتها تلك الدول في السنوات الأخيرة. 

ودعت وزارة الخارجية السودانية إلى استئناف عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، وقالت في رسالة إلى وزراء خارجية الدول الأعضاء بمجلس السلم والأمن الأفريقي، الخميس: «إن الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه بسطوا سيطرتهم على ربوع البلاد». 

دور أفريقي ضعيف

ولا يرى المغربي أي تأثير للتدخلات الأفريقية في الحرب السودانية، والتوترات بالقرن الأفريقي، وقال: إن “تعاطي الاتحاد الأفريقي مع تلك التحديات لم يكن مفيداً، والتدخلات الدولية صاحبة التأثير الأكبر”. 

ويؤيد ذلك خبير الشؤون الأفريقية المصري رامي زهدي، عادّاً أن «مؤسسة الاتحاد الأفريقي تفتقد إلى أدوات فاعلة لحل الأزمات في القارة»، ودلل على ذلك بـ«ضعف التعاطي الأفريقي في قضايا مثل ليبيا، والأوضاع الأمنية في بعض دول الساحل»، مشيراً إلى أن «الإشكالية في غياب الإرادة من بعض الدول في حل الأزمات، رغم أن دول القارة الأجدر على حل نزاعاتها». 

ووفق زهدي، فإن «تعقد وتشابك الصراعات والتوترات في بعض الدول الأفريقية يُصعب حلولها على أي منظمة إقليمية ودولية»، موضحاً أنه «من الصعب الحديث عن دور أفريقي حاسم في أزمات القارة، وسط حالة الاستقطاب الدولي الكبيرة حالياً على وقع الصراع في الشرق الأوسط، وتطورات القضية الفلسطينية»، منوهاً «ببعض التحركات الأفريقية، التي لاقت تفاعلاً دولياً، مثل مقاضاة جنوب أفريقيا لإسرائيل، بسبب جرائم الحرب في غزة». 

جيبوتي تفوز برئاسة المفوضية الأفريقية 

وفاز وزير الخارجية الجيبوتي الدبلوماسي المخضرم محمود علي يوسف بمنصب رئيس المفوضية الأفريقية ليخلف التشادي موسى فكي، حيث حصل على 33 صوتا بعد معركة تنافسية شرسة مع مرشح كينيا رايلا أودينغا، ومرشح مدغشقر ريتشارد واندريا. وجاء فوز وزير خارجية جيبوتي بعد 6 جولات من التصويت تمكن في نهايتها من تأمين 33 صوتا وهي كافية للفوز بالمنصب وهو ما يمثل ثلثي عدد أصوات الدول الأفريقية. 

وخلال الجلسة المغلقة للقادة الأفارقة، حُسم أيضا التنافس على منصب نائب رئيس المفوضية لصالح الدبلوماسية الجزائرية سلمى مليكة حدادي، بعد منافسة مع مرشحتين من المغرب ومصر. 

وتأتي الانتخابات في إطار نظام التناوب الإقليمي الذي اعتُمد عام 2018، لضمان التوازن والتمثيل العادل بين الأقاليم الأفريقية الخمسة.