جاءت تصريحات المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، حول مستقبل الشرق الاوسط في ضوء استمرار العدوان الصويني على غزة، ومصير الانظمة العربية المجاورة لفلسطين، لتثير المزيد من القلق حول الأزمات الاقليمية.
وحذر المبعوث الامريكي من سقوط النظام المصري، وحدوث اضطرابات في السعودية على ضوء استمرار الحرب في غزة، مبديا تفاؤلا في الرئيس السوري، أحمد الشرع.
وقال ويتكوف في مقابلة مع الإعلامي تاكر كارلسون، إن اضطرابات يمكن أن تحدث لمحمد بن سلمان في السعودية ولعبد الفتاح السيسي في مصر، حيث يرى الناس هناك تقاعسهم عن غزة كنقطة اشتعال وغضب.
وأضاف: “السيسي لديه ٤٥ ٪ بطالة وهي دولة مديونة ولديها أزمة خانقة وتحتاج لمساعدة وما يحدث في غزة قد يؤثر عليها ونعود للوراء ولهذا لا بد أن نحل مشكلة غزة”.
وعن السعودية قال: “لديهم شباب صغار بنسبة هائلة والجميع يراقب تصرفهم بشأن غزة وهو قائد عظيم لكن الوضع ليس سهلا لهذا لا بد من حل في غزة كي نصل للتطبيع وإذا حصل التطبيع فكل شيء سيكون على ما يرام”.
الشرع
وأعرب ويتكوف عن اعتقاده بأن الرئيس السوري، أحمد الشرع قد تغير عما كان عليه في السابق. وأضاف: “الناس يتغيرون. أنت شخص مختلف تماما في الخامسة والخمسين عما كنت عليه في الخامسة والثلاثين. أنا شخصيا أدرك أنني اليوم، في الثامنة والستين من عمري، لست الشخص نفسه الذي كنت عليه قبل ثلاثين عاما. ربما أصبح الجولاني (أحمد الشرع) شخصا مختلفا، لقد طردوا إيران من هناك”.
وأشار ويتكوف إلى أن تطبيع العلاقات بين لبنان و”إسرائيل”، ثم بين سوريا و”إسرائيل”، يمكن أن يكون جزءا من عملية أوسع نطاقا لإحلال السلام في المنطقة.
حماس فكرة
وصرح ويتكوف، بأن حركة حماس فكرة لا يمكن القضاء عليها، لكنها لا يمكن أن تكون جزءًا من إدارة غزة مستقبلا.
وأشار ويتكوف إلى أنه لا يعتقد بإمكانية التخلص منها (حماس)، كونها فكرة إيديولوجية، وليس مجرد تنظيم سياسي.
وعن رؤيته لحركة حماس قال ويتكوف: “لا أعتقد أنهم منغلقون أيديولوجيًا، وعندما تفهم أنهم يريدون الحياة حينها تستطيع التحدث معهم بطريقة أكثر فاعلية”.
وأضاف: “ما سمعناه في بداية هذا النزاع أن حماس منغلقون ومستعدون للموت، وكنت أعتقد أنهم يربطون الأحزمة الناسفة على الأطفال، لكن كان لدي اعتقاد شخصي أنهم ليسوا كذلك، وعندما تعتقد أنهم يريدون الحياة والبدائل تستطيع أن تتحدث معهم”.
وأكد ويتكوف، وجود أمل في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة قريبا، مشيرا إلى أن الدوحة تسعى لتحقيق وساطة فعالة تؤدي إلى إحلال السلام.
وشدد ويتكوف على ضرورة إيجاد حل يرضي جميع الأطراف لتجنب تكرار أحداث 7 أكتوبر، مؤكدا أن المفاوضات مع حماس لم تكن لتتم دون الثقة في الوساطة القطرية.
وعن قطر، قال أيضا؛ إن “الرؤى الإسلامية المتشددة لقطر في السابق تعدلت، وما من شك أن قطر دولة حليفة للولايات المتحدة”.
كما أشار إلى الحاجة لقوة أمنية حقيقية في غزة، لضمان عدم مواجهة “إسرائيل” مشكلات على المدى البعيد.
وفيما يتعلق بالوضع السياسي، دعا ويتكوف إلى إجراء انتخابات حقيقية في غزة، وكشف عن تحذيرات سابقة أطلقها خلال القمة العربية من أن استمرار الوضع دون حل قد يؤدي إلى تحرك عسكري، مشيرا إلى أن واشنطن قدمت مقترحا يتضمن نزع سلاح حماس والتوصل إلى اتفاق سلام دائم.
وزعم أن حركة حماس لم تكن مستجيبة، وردودهم كانت غير واقعية.
وقال؛ إن عودة الإسرائيليين للقتال في بعض النواحي أمر مؤسف، وفي نواح أخرى كان ضروريا.
كيف يرى ويتكوف نتنياهو؟
وعن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قال ويتكوف؛ إنه (نتنياهو) يشعر أنه يفعل الشيء الصحيح، لكنه يعارض في ذلك الرأي العام الذي يريد “استعادة الرهائن”.
ولفت إلى أن السمعة التي يحصل عليها نتنياهو، هي أنه مهتم بالقتال أكثر من “الرهائن”.
وعلى الصعيد الإقليمي، حذر ويتكوف من أن الإنجازات التي تحققت في لبنان وغيرها قد تكون مهددة في حال عدم حل الأزمة في غزة، مضيفا أن غضب الشارع العربي من مقتل الأطفال قد يكون عاملا حاسما قد يؤدي إلى اضطرابات.
وأضاف: “إذا ما حصل شيء سيئ في مصر قد يدفعنا ذلك إلى الوراء، والمملكة العربية السعودية، كذلك، نعم أعني أن محمد بن سلمان قائد رائع، ولكن الناس قلقون من شعبه اليافع عمرا وكيف ينظرون إلى كل هذا، ولهذا علينا حل موضوع غزة، لأنه إذا حل موضوع غزة التي تعتبر مادة أساسية لتطبيع السعودية، فعندها ستطبع السعودية، وإذا طبعوا، فنحن نبني مجددا على اتفاقية السلام الإبراهيمية والتي بالطبع خلقها الرئيس (ترامب)..”
تطبيع لبنان
وأكد أنه يعتقد أن لبنان قد تطبع مع “إسرائيل” عبر معاهدة سلام، وهذا محتمل بالفعل مع سوريا كذلك، بحسب تعبيره، لكنه يعتقد أن الهدف في ذلك يبدأ من كيفية التعامل مع إيران.
وقال؛ إن العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، قد أدى دورا كبيرا في الحفاظ على الاستقرار في بلده، لكن الأمور في مصر أصعب، محذرا من أن الاضطرابات في مصر قد تدفع الأمور إلى الخلف.
كما لفت إلى أن السعودية ستقدم مقترحا بشأن غزة.
كما أكد أن حل الدولتين يتمثل بالنسبة له في تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين، مشيرا إلى وجود خطط تنموية قيد الدراسة، قد تشمل هذا المفهوم أو لا.
وتأتي تلك التصريحات، لتكشف حزءا كبيرا من الواقع المأساوي في المنطقة، حيث ان الازمة الاقتصادية التي يعايشها المصريون باتت ورقة بيد اسرائيل وامريكا، يجري ابتزاز الادارة المصرية بها، وهو ما سبق ان تحدث عنه ترامب سابقا وقادة اسرائيل، بل قدمت واشنطن مقترحا بادارة مصر لغزة مقابل اسقاط ديونها، وهو ما يمثل تدهورا لقيمة ومكانة مصر في السياسة الدولية..
وكذا فان القراءة الامريكية للسعودية تكشف عن مخاطر مجتمعية كبيرة تهدد استقرار المنطقة باكملها، في ظل غياب التعاطي السياسي الفاعل مع القضية الفلسطينية وممارسة ادوار سياسية تنتظرها الشعوب العربية فيميا يتعلق بتراجع الضغوط العربية او عدم القدرة على صياغة رؤية موحدة للقضية الفلسطينية او لجم اسرائيل وردعها عن ممارساتها الاجرامية بحق الفلسطينيين..
ووفق خبراء ، فإن النظام المصري الذي يعاني المزيد من المخاطر الوجودية، يسعى إلى تحصيل مكاسب اقتصادية من الازمة القائمة في فلسطين بغض النظر عما يجري من تهديدات جيوسياسية كبيرة…ويراهن السيسي على صمت الشعب وقمعه، وهو مدخل غير آمن نهائيا في ظل تفاقم الغضب الشعبي المتصاعد قي صدور المصريين، وهو ما يحدث في السعودية ايضا..