مع ارتفاع أسعار الوقود والزيت والكهرباء وخلافه، أصبحت محلات وعربات الفول والطعمية تواجه أزمة كبيرة في إعداد وجبات وساندويتشات الغلابة، فمع ارتفاع الأسعار لم يعد المواطنون قادرين على شراء هذه الوجبات والساندويتشات، وأحيانا يتهمون أصحاب المطاعم وعربات الفول والطعمية برفع الأسعار، لكن هؤلاء يقولون إنهم يضطرون لرفع الأسعار، حتى يتمكنوا من مواصلة العمل وعدم التوقف، لأن كل مستلزمات إعداد الفول والطعمية أسعارها ارتفعت بصورة جنونية .
في المقابل، تتحايل بعض المطاعم الصغيرة من أجل الاستمرار، فتقوم بعمل عروض يومية، أو تصغر حجم الساندويتش وتبيع عددًا أكبر بنفس السعر السابق، كما يلجأ البعض إلى استخدام مكونات أرخص، مثل الزيت المعاد استخدامه، أو الطماطم منخفضة الجودة، أو حتى العدس المخلوط بالفول لتقليل التكلفة.
فريق آخر يؤكد أن رفع السعر ليس هو الطريقة الوحيدة التي يلجأ إليها أصحاب المحال، مشيرا إلى أن البعض يختار أن يقلل حجم الساندوتش، أو يحشو نصفه فقط، والبعض الآخر يقلل من مكونات الخلطة نفسها، فبدلًا من أن تكون الطعمية مقرمشة ومليئة بالخضرة والبهارات، باتت اليوم أصغر حجمًا وأقل طعمًا.
ورغم كل هذه المحاولات أصبح أقل ساندويتش فول أو طعمية يباع في المناطق الشعبية بـ 7 أو 10جنيهات، ما يجعل الغلابة يواجهون صعوبة في الحصول على هذه الوجبات .
وسط كل هذا، تغيب الرقابة الفعلية من جانب حكومة الانقلاب على تسعير هذه المأكولات، وتُترك الأسعار لتقدير كل صاحب محل.
وفي مناطق مثل رمسيس، وحلوان، وشبرا، تختلف الأسعار لنفس الساندويتش، بل أحيانًا من محل لآخر في نفس الشارع، وهذا التفاوت يخلق حالة من الغضب والإحباط بين المستهلكين، الذين يرون أن التحايل قد تجاوز المنطقي إلى الاستغلال .
أفطر إيه؟
حول هذه المشكلة قال محمود، عامل في السيدة زينب : "مش عارف أفطر إيه علشان أشبع لازم أشتري 5 ساندوتشات بـ 35 جنيهًا، وإذا طلبت المخلل أقل حاجة بـ 5 جنيهات".
وأضاف : لا أستطيع شراء عيش وجبنة، لأنه أغلى من الفول والطمعية .
وقال عامل آخر من شبرا، المشكلة أنني أقضي طول النهار في الشارع، وأحتاج إلى الغداء وليس أمامي سوى الفول والطعمية أيضا .
وتابع : أقل وجبة تكلفني 30 أو 35 جنيهًا، يعني إفطار وغداء حوالي 70 جنيهًا، غير كوباية الشاي، لكي أستطيع الصمود أمام شقاء اليوم بطوله .
محاولات للبقاء
وقالت هدى، موظفة وأم لثلاثة أطفال : "كنا زمان بنجيب لكل واحد ساندوتشين فول وواحد طعمية، ونتعشى بـ20 جنيهًا، دلوقتي ده ما يكفيش نص الطلب، بس برضه ما بنقدرش نلوم الناس، كله بيدفع أكتر ".
وقال أحد المواطنين المترددين على محلات الفول : "ما يحدث ليس احتيالًا بالمعنى السلبي فقط، بل هو محاولات للبقاء".
وأضاف : السوق كله يضغط على الفئات الأضعف، وأصحاب محلات الفول والفلافل في منطقة وسط، بين مطرقة الزبون وسندان التكلفة، وكلٌ يتحايل بطريقته، مشيرا إلى أن البعض منهم يرفع السعر، في حين يقلل البعض الجودة، لكن النتيجة واحدة: المواطن هو المتأثر النهائي .
الفول رفاهية
«أبو مراد»، موظف وأب لطفلين، يقف أمام أحد المحلات المتواضعة في حي دار السلام، ينظر في ورقة الأسعار المعلقة، ثم يهمس: "كنت بجيب بـ15 جنيهًا عشاء لأسرتي، دلوقتي بـ50، مش عارف أقول إيه، غير إننا بنحسبها بالأيام؟ يعني الفول ما بقاش موجودا في يومياتنا زي زمان، بقى رفاهية يومين في الأسبوع" .
غش
وقالت ميادة، طالبة جامعية،: "إن الفلافل لم تعد كما عهدتها: بقيت صغيرة ومفيهاش طعم، لا خضرة ولا قرمشة، وحتى العيش مش طازة، وكل ده علشان ما يرفعوش السعر".
وأضافت : طب ما تقولوا الساندوتش بقى بـ 7 جنيهات وخلاص، أحسن من الغش ده.
إحنا مجبرين
في المقابل قال علي خليفة، صاحب عربة فول شهيرة في حي إمبابة،: "إحنا مش بنزود بس من نفسنا، البنزين غلي، والغاز غلي، والزيت اللي بنقلي فيه بقى يوصل لـ100 جنيه الصفيحة طيب أجيب منين؟".
وأضاف خليفة : "أنا كنت ببيع الساندوتش بجنيهين، دلوقتي ببيعه بـ3، وفيه غيرى بيبعه بـ 5، وفيه ناس بتقولّي غالي، طيب تعال شوف بندفع كام كهرباء، كام غاز، وكام عمال.؟ إحنا مجبرين نرفع، ولو ما رفعناش مش هنقدر نكمل".
اللعب في الجودة
وأكد سامي، شاب يعمل في محل طعمية بمنطقة الهرم أنه ليس كل الزبائن تستطيع أن تدفع زيادة، مشيرا إلى أن صاحب المحل قال نخف الكمية شوية، ما نحطش طماطم في كل ساندوتش، أو نقلل سلطة، أو نستخدم عيش أصغر، ده كله علشان نفضل فاتحين .
وأشار إلى أن البعض يرون في هذه الخطوات نوعًا من الغش التجاري أو اللعب في الجودة، إلا أن آخرين يتفهمون الموقف، مؤكدا أن المحلات الشعبية أصبحت تُعاني من ارتفاع تكلفة التشغيل بشكل غير مسبوق.
أشتغل ليه؟
«أم مصطفى»، أرملة تدير مطبخًا منزليًا لبيع الفطور للموظفين، تشكو من أنها لم تعد قادرة على الربح كما في السابق.
وقالت: "كل يوم حاجة بتغلى، والزباين نفسهم مش قادرين يدفعوا أكتر، بقيت أحسبها جنيه بجنيه، وأضافت : الزيت اللي كنت بشتريه بـ35 جنيها بقى بـ100، أنبوبة البوتاجاز كانت بـ60 بقت بـ 200 جنيه، طب أشتغل ليه؟".