كشفت نقابة الإطباء عن تصاعد أزمة نقص الأطباء فى المستشفيات الحكومية محذرة من أن عدم حل تلك الأزمة سيؤدى إلى تراجع مستوى الخدمة الطبية المقدمة للمواطنين.
وأكدت نقابة الأطباء أن نحو 11 ألفًا و536 طبيبًا استقالوا من العمل الحكومي خلال 3 سنوات فقط في الفترة من 2019 حتى مارس 2022.
وأشارت إلى أن عام 2022 شهد استقالة أكثر من 4300 طبيب يعملون بالمستشفيات الحكومية، وهو العدد الأكبر خلال السنوات السبع الماضية، بمعدل يصل إلى 13.5 طبيب كل يوم .
وحذرت النقابة من أن عدد الاستقالات تضاعف 4 مرات من 1044 استقالة عام 2016 إلى 4127 استقالة عام 2021.
المستشفيات الحكومية
كانت دراسة حديثة قد أكدت أن عدد الأطباء المسجلين والحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة من نقابة الأطباء باستثناء من بلغوا سن المعاش، يبلغ حوالي 212 ألفًا و835 طبيبًا، يعمل منهم حاليًا في جميع قطاعات الصحة، سواء بالمستشفيات التابعة لوزارة صحة الانقلاب أو المستشفيات الجامعية الحكومية، أو القطاع الخاص، حوالي 82 ألف طبيب فقط، أي بنسبة 38% من عدد الأطباء المسجلين والحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة.
وأوضحت الدراسة أن 62% من الأطباء المسجلين خارج المنظومة الطبية، إما بسبب السفر إلى الخارج للعمل أو لاستكمال الدراسات العليا، أو بسبب الحصول على إجازات دون راتب، أو الاستقالة نهائيًا من العمل الحكومي.
وأشارت إلى أن مصر لديها طبيب لكل 1162 شخصًا، بينما المعدل العالمي، طبقًا لمنظمة الصحة العالمية، هو طبيب لكل 434 شخصًا ما يكشف حجم الأزمة التى تعانى منها المستشفيات الحكومية .
عجز الأطباء
من جانبه قال الدكتور أبو بكر القاضي، أمين صندوق نقابة الأطباء والأمين العام المساعد لاتحاد المهن الطبية، إن النقابة حذرت على مدار سنوات من أزمة عجز الأطباء التي جاءت نتيجة حتمية لسنوات من تجاهل التحذيرات المتكررة من هجرة الأطباء، مشيرًا إلى أن حلول حكومة الانقلاب الأخيرة، وعلى رأسها الاتجاه لزيادة أعداد خريجي كليات الطب ليست حلا للمشكلة.
وأوضح القاضي فى تصريحات صحفية أن عدد الأطباء المقيدين في النقابة بالنسبة لعدد السكان لا يشير إلى وجود عجز حقيقي، وإنما الأزمة الحقيقية تكمن في هجرة الكفاءات إلى الخارج بسبب ضعف الأجور، وسوء بيئة العمل، وغياب الحوافز.
واعتبر أن زيادة أعداد الخريجين لن تسهم في حل الأزمة، بل ستمثل عبئًا اقتصاديًا إضافيًا على دولة العسكر التي تزعم أنها تنفق مبالغ طائلة على تعليم الأطباء، ثم لا تستفيد منهم.
وحذر القاضي من أن الاتجاه نحو قبول أعداد أكبر من الطلاب قد يفتح الباب للتنازل عن معايير التفوق العلمي، ما يُنذر بتراجع في مستوى الخريجين، ويؤثر سلبًا على جودة الخدمة الطبية وسمعة الطبيب المصري المعروفة عالميًا.
بيئة العمل
ودعا إلى التعامل مع الأزمة من جذورها، عبر زيادة موازنة وزارة صحة الانقلاب وتحسين بيئة العمل داخل المستشفيات الحكومية، بحيث تصبح أكثر جذبًا للطبيب، مع تطوير منظومة تقديم الخدمة من خلال إنشاء أقسام متميزة بمقابل مادي تنافسي يضمن استدامة الموارد دون المساس بخدمات الفئات غير القادرة.
وشدد القاضي على ضرورة تسهيل إجراءات ترخيص العيادات الخاصة، وتيسير العمل بها، بما يخفف الضغط على المستشفيات الحكومية ويوفر للطبيب بيئة أكثر مرونة، إلى جانب العمل الجاد على ملف السياحة العلاجية، الذي تملك مصر فيه كل المقومات اللازمة لتكون وجهة إقليمية رائدة، بدلًا من تصدير الأطباء للخارج يمكن أن نستورد المرضى من دول العالم، بما يعود على دولة العسكر بعائد اقتصادي كبير.
وأشار إلى أن أحد التصورات الجديرة بالدراسة هو أن يتم الفصل بين العمل الحكومي والخاص، بحيث يكون الطبيب العامل في المستشفيات الحكومية متفرغًا تمامًا ويحصل على راتب عادل يضمن استمراره والتزامه الكامل، ما ينعكس على انتظام الخدمة الطبية في المؤسسات العامة.