أبدى خبراء ومتخصصون استغرابهم من مشروع مرور نهر النيل عبر صحراء الجيزة عند محور الشيخ زايد، مؤكدين أن ما كان يُعتقد أنه مجرد دعاية لشركات عقارية تبيّن أنه واقع حقيقي، إذ ستخترق مياه النيل مدينة زايد الجديدة ضمن مشروع "الدلتا الجديدة" الذي يُعد أحد مشروعات جهاز "مستقبل مصر للتنمية المستدامة"، والذي من المقرر أن يلعب دورًا محوريًا في خطط التنمية.
ويقع المشروع في الصحراء الغربية، وينطلق من محور الشيخ زايد، مرورًا بمحور "تحيا مصر" المؤدي إلى مدينة العلمين الجديدة. ويمتد على مساحة 2.2 مليون فدان، وستُنقل المياه من فرع رشيد لتخترق الصحراء الغربية عبر محور الشيخ زايد، مرورًا بقلب المدينة.
وتشير الجهات الرسمية إلى أن المشروع الزراعي الضخم يمتد بطول 210 كيلومترات من جنوب مدينة الحمام إلى الشيخ زايد، ويعتمد على مياه الصرف الزراعي المعالجة، التي كانت تُلقى سابقًا في البحر. ومن المقرر أن يسهم في استصلاح وزراعة نحو 2.5 مليون فدان.
تحذيرات دبلوماسية من مخاطر المشروع
الدبلوماسي المصري والسفير السابق محمد مرسي علّق على المشروع عبر حسابه في "فيسبوك"، قائلًا:
"قرأت إعلانات عن مشروع عملاق جديد تنفذه شركتا ماونتن فيو وبالم هيلز في محور الشيخ زايد، يُسمى مدينة جريان، في إشارة إلى جريان مياه نهر النيل".
وأضاف:
"لم أكن لأتوقف عند هذه الإعلانات لولا ما قرأته عن ربط المشروع بمياه النيل في الشيخ زايد، وهو ما ظننته في البداية مجرد مزحة، لكنها تلاشت بعد اطلاعي على المزيد من التفاصيل".
وأشار مرسي إلى أهمية مراعاة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمشروع، متسائلًا:
"هل طُرح هذا المشروع للدراسة في مراكز الأبحاث المتخصصة، وأُخذت في الاعتبار تحدياته المتعددة، خاصة ما يتعلق بمياه النيل واستخداماتها، في ظل تناقص حصتنا من المياه؟".
وختم بالقول:
"أتمنى أن تكون الجهات المعنية قد قامت ببحث المشروع ودراسته بجدية، وأن يكون تقصيري في المتابعة هو السبب الوحيد لعدم معرفتي بتفاصيله".
تحذير من وزير الري الأسبق: أين وزارة الري؟
من جانبه، حذّر وزير الري الأسبق الدكتور محمد نصر علام من خطورة المشروع، وكتب عبر حسابه على فيسبوك:
"هناك إعلانات استثمارية عقارية لا تتناسب مع قدرات مصر المائية والمالية، ولا مع التحديات التي تواجهها الدولة في حوض نهر النيل. من المسؤول عن مد مياه نهر النيل لتجمع عمراني في الشيخ زايد؟ أين وزارة الري؟".
وأشار علام إلى أن مصر، صاحبة أقدم حضارة على ضفاف النيل، طوّرت منذ آلاف السنين نظمًا ريادية في استخدام المياه، من شق الترع إلى بناء السدود والقناطر، واستخدام النهر في النقل والزراعة.
وأوضح أن مشروع السد العالي جاء بعد ثورة 1952 لإنقاذ مياه النهر المهدرة في البحر، مضيفًا أن الغرب واجه المشروع بحصار اقتصادي وعدوان عسكري بمشاركة إسرائيل عام 1956.
وأكد أن الولايات المتحدة أرسلت خبراءها إلى إثيوبيا في ستينيات القرن الماضي لدراسة النيل الأزرق، وانتهوا إلى توصية بإنشاء أربعة سدود كبرى وعدد من السدود الصغرى، بهدف تعطيل مشروع السد العالي في مصر.
وذكّر بأن العلاقات المصرية الإثيوبية بقيت متزنة في عهد عبد الناصر، بينما حاولت إثيوبيا بناء سد في عهد السادات، لكنها توقفت بعد مواجهة صريحة معه. ثم بدأت مصر في شق "قناة جونجلي" لزيادة تدفق المياه، وهو المشروع الذي توقف في عهد مبارك بسبب الحرب الأهلية في جنوب السودان.