مغازلة الدوحة.. إنقاذ اقتصادي أم ارتهان سياسي؟.. السيسي يمد يده لقطر بحثاً عن الغاز رغم العداء ؟

- ‎فيتقارير

بينما يبحث نظام  المنقلب السفيه السيسي عن الغاز من دولة اتهم رئيسها السابق بالتخابر معها، ويصمت عن الثروات البحرية التي تتنازعها أطراف إقليمية، يتساءل مراقبون: هل باتت المصالح السياسية والتمويلات الخليجية تحدد سياسات الطاقة في مصر؟ وهل فقدت الدولة بوصلتها الوطنية في إدارة مواردها الاستراتيجية؟

 

في خطوة تثير علامات استفهام بشأن التناقضات السياسية والاقتصادية في مصر، أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية، أمس الإثنين، عن مباحثات رفيعة المستوى بين القاهرة والدوحة، لتسريع تنفيذ مشروعات مشتركة في قطاع الغاز الطبيعي، وبدء التفاوض على عقود طويلة الأجل لتوريد الغاز القطري إلى مصر.

 

المحادثات التي جمعت وزير البترول المصري كريم بدوي بوزير الدولة لشؤون الطاقة القطري سعد شريدة الكعبي، جاءت في وقت تشهد فيه مصر أزمة طاقة حادة، وسط تراجع الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي، وانخفاض الصادرات إلى أوروبا.

 

التقارب مع قطر.. بعد سنوات من القطيعة والاتهامات

 

اللافت أن هذا التعاون يأتي بعد سنوات من اتهام النظام المصري، بقيادة  المنقلب عبد الفتاح السيسي، لأمير قطر السابق والحالي بـ"دعم الإرهاب" و"التآمر على الأمن القومي المصري". بل إن الرئيس  الشهيد الدكتور محمد مرسي -الذي نقلب عليه الخائن السيسي في انقلاب عسكري عام 2013- حوكم بتهمة "التخابر مع قطر"، في محاكمة وصفتها منظمات حقوقية دولية بـ"المسيّسة".

 

يقول الخبير الاقتصادي المعارض عبد الخالق فاروق في تصريح سابق  قبل اعتقاله بسجون السيسى: "ما يحدث هو قمة التناقض. النظام الذي زج برئيس منتخب في السجن بتهم التخابر مع دولة، يذهب اليوم طالباً الغاز من الدولة نفسها، وسط صمت مؤسسات الدولة عن هذا الانقلاب في المواقف".

 

لماذا لا ينتفض النظام لأجل ثروات المتوسط؟

 

في الوقت ذاته، تزداد التساؤلات حول موقف النظام من ملف غاز شرق المتوسط. ففي حين تتسابق إسرائيل وقبرص وتركيا واليونان على ترسيم الحدود البحرية واستخراج الغاز، التزمت القاهرة الصمت تجاه العديد من الحقول التي تقول تقارير دولية إنها تقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر أو على حدودها.

 

يرى الصحفي الاستقصائي ياسر أبوشمالة، المقيم في واشنطن، أن "نظام السيسي فضّل التحالفات السياسية والتمويل الخارجي على الدفاع عن المصالح الاستراتيجية للدولة المصرية في المتوسط. هناك حقول غاز تم التنازل عنها ضمن اتفاقيات غامضة مع إسرائيل واليونان لم تخضع لأدنى رقابة برلمانية أو نقاش شعبي".

 

هل نحن أمام خصخصة الغاز تحت غطاء الشراكة؟

 

بيان وزارة البترول تحدث أيضاً عن توسيع استثمارات شركة "قطر للطاقة" في البحث والاستكشاف داخل مصر، خاصة في البحر المتوسط، بالتعاون مع شركات مثل "إكسون موبيل" و"شيفرون". كما أبدى الكعبي رغبة بلاده في الاستثمار في البتروكيماويات المصرية.

 

ويحذر الخبير الاقتصادي ممدوح الولي من أن "هذه الشراكات تُعيد إنتاج نموذج الخصخصة المقنعة لثروات مصر، فالشركات الأجنبية تدخل السوق المصري بشروط مريحة، وتُسيطر على الحقول الجديدة، بينما يُحرم المصريون من عائد حقيقي".

 

مغازلة الدوحة.. إنقاذ اقتصادي أم ارتهان سياسي؟

 

التقارب المتسارع مع الدوحة لا ينفصل عن أزمة مصر الاقتصادية المتفاقمة، في ظل نقص النقد الأجنبي، وتراجع إنتاج الغاز المحلي، وتعثر مفاوضات القرض الجديد مع صندوق النقد الدولي. ووفق محللين، يسعى النظام المصري لاجتذاب دعم قطري مشابه لذلك الذي حصل عليه من الإمارات والسعودية عبر ودائع واستثمارات.

 

لكن المفارقة، كما يقول رجل الأعمال المصري محمد نجيب المقيم في أمريكا، أن "النظام المصري لا يكتفي بفتح الباب أمام الغاز القطري، بل يقدم امتيازات كبيرة لشركات الطاقة الأجنبية، في حين يتم التضييق على رجال الأعمال المحليين، وإقصاء القطاع الخاص لصالح شركات الجيش".