يبدو أن الرياض مرة أخرى تسحب البساط من تحت أقدام الأشقاء العرب في القاهرة أولا، وتأجيل قمة مارس إلى أول أبريل، ثم اليوم قمة بغداد العربية، حيث تستضيف الرياض أغلب الحكام العرب بمن فيهم الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس لبنان جوزيف عون ورئيس السلطة محمود عباس على هامش زيارة ترامب للرياض، بعد لقاء بجمع الرئيس الأمريكي بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض وقادة الدول الخليجية اليوم الأربعاء .
التطور الدبلوماسي المفاجئ، هو ما كشفت عنه صحيفة The Times البريطانية عن لقاء مرتقب في العاصمة السعودية الرياض بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره السوري أحمد الشرع، وذلك في إطار قمة خماسية تضم أيضًا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس اللبناني جوزيف عون.
وتبذل الرياض جهودًا لترتيب لقاء ثنائي لمدة 45 دقيقة بين الشرع وترمب على هامش أعمال القمة، ووفق ذات المصادر، فقد أبدى الرئيس الأميركي موافقة مبدئية على تخصيص وقت للاستماع إلى الرئيس الشرع، في حين لم يصدر أي تأكيد رسمي من واشنطن حتى الآن بشأن عقد الاجتماع.
وأبدى مراقبون عراقيون امتعاضا لتزامن القمة بالرياض مع القمة العربية التي يفترض أنها الأعلى عربيا، وتجتمع هذه المرة بالعاصمة العراقية بغداد.
وقال الأكاديمي كاظم المقدادي Kadhim Almikdadi : إن "مشكلة القمم العربية، أنها تبدأ باستعراض الواقع العربي المزري و المعسول، مع تجاهل أهمية التحولات السياسية، والتحالفات الإقليمية والدولية التي تعتمد على استخدام العقول".
وأضاف "راجعوا أول قمة انعقدت في القاهرة سنة 46 بدعوة من الملك فاروق، والقمم التي جاءت بعدها، كم هو مبلغ التراجعات والانتكاسات والهفوات، والهنًات، حتى تحوّل مفهوم القمة، من قمة لأعلى جبل إلى قمة لا ترتفع أكثر من سنام الجمل، مع أن الجمل له فوائد".
وأكد أن "قممنا العربية، لا تقدم ولا تؤخر، متناقضة في قراراتها، متجاهلة واقعها، المهم أن تخرج علينا بفخامة ديباجتها الختامية، تليها أغانٍ ثورية ( وطني حبيبي – وطني الأكبر ) .".
وأشار إلى أن "معظم القمم، دائما ما تأتي بنتائج عكسية، وتنتهي إلى فواجع وكوارث ومهازل، وملاسنات قومية، هل أذكركم بقمة الخرطوم سنة 1967 ولاءاته الثلاث ( لا صلح .. ولا اعتراف .. ولا تفاوض مع العدو الصهيوني) .
هذا العدو، هو نفسه الذي تحوّل اليوم إلى صديق، أما الوطن المغتصب فلسطين العربية والوضع المزري والمأساوي لأهلنا في غزة والضفة الغربية، واللاءات التاريخية فقد أمست كلها من الماضي، وهلهوله لصمود القمم القومية.
وأضاف "هذا الماضي العقيم للقمم، يعطل كل توجه جريء وجديد لإنتاج معنى لقمة بغداد، حتى ولو تجرأ العراق في طرح أفكاره القومية، لأن تلك الخطابات والبيانات، والحماسة الفائضة التي اختارها القادة العرب، انتهت أصلاً بزيارة السادات التاريخية لإسرائيل سنة 1977 واعترافه بإسرائيل المحتلة، برعاية أمريكية كاملة".
وأشار إلى أن "ذلك الزمن الحزين، وقف العراق شامخاً، وقوياً لتصحيح المسار، فدعا إلى عقد قمة عربية سنة 1978 في وضح النهار، ليعيد للأمة العربية هيبتها، وكان من نتائج القمة الحاسمة، نقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس سنة 1979، ولم يكن الشاذلي القليبي أكثر شطارة من عبد الخالق حسونة، ولا من السيد محمود رياض الذي سبقه.".
ولفت إلى أنه "سوف لن يقدم العراق ما تحلم به الأمة العربية، سوى الرثاء لضياعها، وتهديد أمنها القومي،بعد قرار إعادة تشكيل الخارطة العربية، نحو شرق أوسط جديد ممزق حائر، كل من فيه سجين، نظر له المفكر الأمريكي برنار لويس قبل عشرات السنين، يهمين عليه المجرم الخطر نتنياهو، الذي ألّف كتابه ( مكان تحت الشمس) شرق تشرق وتغرب عليه دولة إسرائيل، قائم على تقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ".
وأشار إلى أن "ذهب فريق عربي آخر إلى عدم جدوى انعقاد المؤتمر في بغداد، طالما أن كثيرا من مقررات المؤتمر، ستحسمها قمة الرياض بين ترامب وولي العهد السعودي ".
ورأى أن "العرب كل العرب، طلبوا يوماً من العراق أن يكون حارس البوابة الشرقية ضد أطماع إيران التوسعية، وكان لهم ما أرادوا واشتهوا، وعندما حاول تصحيح واقع الحدود المنتفخة مع جيرانه الكويت، بات مثيراً للمشاكل والفتن والتفرقة العربية ".
وعبر عن سعادة بحضور القمة إلى بغداد، لافتا إلى أن المُفرح للعراقيين، ليس فقط بانعقاد مؤتمر قمة عربي في عاصمتهم الساحرة، المفرح أنهم وجدوا بغداد بلا نفايات وقمامة مكومة، حتى إنهم تفاجأوا بظهور تلك الطاقة الخفية في إعادة تأهيل بغداد بصورة منتظمة وسوية، لقد شاهدت شخصياً داخل المنطقة الخضراء، والمناطق التي تحيط بها، وأخرى بعيدة تجولت فيها ليلاً، قبل يومين حتى انتابني شعور غامض، وتساءلت مع نفسي، لماذا تكون بغداد جميلة أثناء عقد مؤتمرات، التي لا يعول العراقيون عليها كثيراً؟".
أما الباحث العراقي نزال ناجي الجبارة فقارن بين قمتين إحداهما في الرياض وأخرى في بغداد فقال : "محمدهم اليوم استضاف قمة عالمية بالرياض جاب بيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وستة من كبار وزرائه ومعاهم أحد عشر مدير تنفيذي من أضخم الشركات بالعالم يتقدمهم إيلون ماسك كانت قمتهم ترسم شراكة دولية مدروسة ومحسوبة.".
وأضاف "أما محمدنا فما حالفه الحظ بجمع الأشقاء العرب قمتنا اعتذر عنها أغلب رؤساء الدول وراح يبعثون ممثلين بدالهم بحجج أمنية وسياسية، وكلة بسبب تصعيد إعلامي طالع من جهات حكومية وسياسية عراقية تهاجم محمد شياع وقمته، التصعيد هذا خلى الكل يتراجع أو يأخذ مسافة عن العراق".
محمدنا ما قصر نثر الحنطة حتى على الجبال وحاول يجمع الأشقاء بس منعوه، مشكلته إنه كان يفتقر للحزم.".
رسائل واشنطن
ورأى فريق أن النجاح هو في استلام رسائل ترامب، وقال راشد حسين معبرا عن ذلك "الرهان الحقيقي لنجاح قمة بغداد 17 أيار لا يكمن فقط في جدول أعمالها، بل في كيف تُدار، على العراق أن يتحرك بذكاء بعد قمم الخليج مع ترامب، تواصل مباشر مع الرياض وأبو ظبي والدوحة لالتقاط رسائل واشنطن، ثم البناء على ما يُطرح لا معارضته.".
وأضاف أن " إدارة القمة بروح المبادرة لا المجاملة، وتقديم بغداد كجسر عربي لا ساحة تصفية حسابات، هو ما سيمنحها وزناً في لحظة إقليمية دقيقة.
أحدث القوانين والأحكام الجنائية 2025 ..".
ومن جانب آخر، تتصدر ملفات الأمن الإقليمي والطاقة والدفاع والتعاون الاقتصادي أجندة مباحثات ترامب خلال قمة الرياض وقال موقع إكسيوس : "تعكس أول رحلة خارجية رسمية للرئيس الأميركي الأهمية المتزايدة التي توليها إدارته للتعاون بين الولايات المتحدة ودول الخليج".
ورأت أن زيارة ترامب للسعودية كشفت أنه "حينما تُشترى السياسة بالشيكات، فمن يدفع يُرحّب به أولًا، ومن يملك المال يصنع المشهد".
وأن "ابن سلمان" يجدد رهانه على الدعم الأميركي، ويبحث عن "صك شرعية" جديد يثبّت به أركان حكمه، أما ترامب، فهو لم يأتِ بدافع الصداقة أو الأخوة، بل جاء ليقبض ثمن الصورة، ويمنح إشارات دعم لمن يملك قدرة الدفع.