بعد تأميم الإعلام التقليدي.. لماذا يُرهب السيسي رواد التواصل بحبس ناشر فيديو “خطف طفل” بالشارع؟

- ‎فيتقارير

في تصعيد جديد يضرب ما تبقى من هامش الحريات في مصر، قررت النيابة العامة  بسلطة الانقلاب حبس مواطن أربعة أيام على ذمة التحقيق بعد نشره مقطع فيديو يُظهر واقعة اختطاف طفل من والدته في الشارع، وهي الواقعة التي أثارت ضجة واسعة على مواقع التواصل، ودفع ثمنها هذا المواطن بتهمة "تكدير السلم العام".

الأمن… إنجاز لا يُسمح بالتشكيك فيه

منذ انقلاب 2013، يحاول عبد الفتاح السيسي ترسيخ فكرة أن "الأمن والاستقرار" هما منجزاه الأهم، مستخدمًا هذا السرد كغطاء لتبرير القمع وتبرئة نفسه من الأزمات الاقتصادية والمعيشية. 

ويبدو أن النظام يعتبر أي محتوى ينقل صورة مخالفة لهذه الرواية بمثابة تهديد يستوجب الردع الفوري.

ويؤكد مراقبون أن هذه الحادثة ليست سوى رسالة مباشرة من النظام لكل مواطن يستخدم مواقع التواصل، ’إياك ونشر أي مشهد حقيقي قد يُفسر كدليل على تدهور الوضع الأمني’.

يقول الباحث الحقوقي بهي الدين حسن:
"ما يجري ليس فقط قمعًا، بل هو محاولة لصياغة واقع افتراضي عبر القهر، بينما الواقع الملموس يعجُّ بالجريمة والفقر والانهيار المؤسسي".

تأميم الإعلام ... ومطاردة الواقع على الإنترنت
بعد سيطرة المخابرات العامة عبر "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية" على الصحف والقنوات الخاصة، أصبحت وسائل الإعلام الرسمية مجرد أدوات ترويجية للنظام، وبهذا، لم يتبقَ أمام المواطنين سوى منصات التواصل الاجتماعي للتعبير، وهو ما يحاول النظام الآن القضاء عليه بشكل تدريجي.

ويعلق الصحفي المصري المقيم في الخارج أحمد جمال زيادة:
"في مصر اليوم، نشر فيديو جريمة يجعلك في قفص الاتهام، بينما مرتكبو الجرائم أنفسهم قد يُفلتون بسهولة إن لم يحرجوا الدولة".

عنف قانوني باسم "السِلم العام"

بحسب بيان النيابة، فإن المتهم نشر الفيديو بقصد "تحقيق أرباح مادية"، رغم علمه بأن الواقعة قديمة وتعود إلى خلافات أسرية، وهو تبرير رأى فيه مراقبون محاولة لتجريم النشر بعد وقوع الضرر السياسي لا القانوني، خاصة أن السلطات لم تعتقل أي متورط في الحادث، بل من فضحه.

ويُحذر المحامي الحقوقي خالد علي من أن المادة 188 من قانون العقوبات تُستخدم بشكل تعسفي، إذ لا توضح بشكل قاطع ما هو "سوء القصد"، وتمنح سلطات إنفاذ القانون مساحة واسعة لقمع النشر حتى لو كان حقيقياً.

فيديو الخطف… شاهد بنفسك

لم تكن الواقعة خيالًا أو افتراءً، بل موثقة بالصوت والصورة، ويمكن مشاهدة الفيديو الأصلي عبر الرابط التالي:
[رابط يوتيوب - لحظة خطف الطفل من والدته](https://www.youtube.com/watch?v=QX4kgMrz8RE)
ورغم أن وزارة الداخلية قالت لاحقًا: إن "الشخص الظاهر في الفيديو هو زوج السيدة، فإن الفيديو بحد ذاته يعكس حالة من الفوضى، وغياب الثقة، ويكشف هشاشة المشهد الأمني الذي يريد النظام تسويقه باعتباره مستقرًا".