مع الارتفاع الجنونى فى الأسعار انتشرت الأدوية المغشوشة ومنتهية الصلاحية والتى تباع بأسعار أرخص من تلك التى تباع فى الصيدليات..وأصبحت مواقع التواصل وسيلة لترويج هذه الأدوية وبيعها وتوصيلها إلى أى مكان فى محافظات الجمهورية .
أزمة الأدوية المغشوشة وصلت إلى حد غير مسبوق حيث تحولت إلى صناعة لها ورش ومصانع تحت بير السلم ويشتري القائمون عليها خطوط إنتاج قديمة ويعيدون تأهيلها، كما يستخدمون مواد خطرة أو منتهية الصلاحية ويعيدون طرحها بعد تغيير عبواتها ولهذه المصانع مندوبون يقومون بتجميع الأدوية منتهية الصلاحية واعادة تصنيعها ثم بيعها للجمهور .
مجموعات فيسبوك
يشار إلى ان هناك تجارة نشطة للأدوية منتهية الصلاحية عبر مجموعات على فيسبوك مخصصة لتداول هذه الأدوية، إلى جانب صفحات وحسابات تابعة لكيانات مجهولة تدّعي العمل في مجال الدواء، مثل لايف فارم، الحمد فارما، المصطفى، أوفرسيز لتبديل الإكسبير.
وينشر مندوبو هذه الكيانات، إضافة إلى حسابات مجهولة، منشورات داخل مجموعات خاصة بالصيدلة وتجارة الأدوية ، يعرضون فيها شراء عبوات ألبان الأطفال، والمكملات الغذائية، ومستحضرات التجميل، والأدوية التالفة التي ترفض شركات التوزيع استرجاعها. يتم ذلك مقابل استبدالها بمنتجات أخرى، مثل المنشطات الجنسية (الفياجرا، إريك، فايركتا، نابي فيت) أو مستلزمات صيدلية (سرنجات، فرش أسنان)، إضافة إلى أدوية شائعة مثل (بنادول، كتفلام، باي ألكوفان، ديكسا، زوركال، أوبلكس، فوار فواكه، أقراص استحلاب، فيتاسيد ج).
ورغم رفض بعض الصيادلة لهذه العروض وتحملهم الخسائر المادية الناجمة عن إعدام الأدوية منتهية الصلاحية، فإن آخرين يتجاوبون مع المندوبين، ويبرمون صفقات لبيع هذه الأدوية بخصومات تصل إلى 75% أو استبدالها بمنتجات أخرى. وبعضهم يبحث داخل مجموعات الصيدلة عن مشترين لهذه الأدوية، إما مقابل مادي أو لاستبدالها بمنتجات تدر ربحًا للصيدلية.
منشورات تحذيرية
كانت هيئة الدواء المصرية قد أصدرت منشورات تحذيرية بين أعوام 2021 و2024، بلغ عددها 152 منشوراً تحوي وقائع غش دوائي وتفاصيل سحب أدوية من الأسواق،،
شملت تلك المنشورات 242 صنفا من العقاقير، واحتلت المضادات الحيوية المركز الأول ضمن الأنواع المغشوشة، تليها مستحضرات العناية بالبشرة والشعر ثم أدوية الجهاز التنفسي، وتأتي أدوية العيون والمكملات الغذائية في نهاية القائمة،
وأشارت المنشورات إلى أن مصانع غير مرخصة أنتجت الأدوية المزيفة وطرحتها في الأسواق على أنها أصلية، إذ تحمل ذات الاسم والتفاصيل وشكل العلبة الخارجية والداخلية، ولكن مع فروق بسيطة لا يكشفها سوى الخبراء ، مثل حجم الخط أو بعض العلامات اللغوية على الغلاف الخارجي أو زجاجة الدواء ذاتها وكذلك لون المستحضر المختلف بين الأصلي والمغشوش.
تجارة
حول هذه الأزمة كشف الدكتور على عبدالله، مدير المركز المصرى للدراسات الدوائية، إن الصيادلة يعانون من مشكلة مزمنة وهى عدم القدرة على إعادة الأدوية منتهية الصلاحية للشركات، مشيرا إلى أن الشركات لديها استعداد تبيع بمليارات الجنيهات يوميا، لكنها لا تريد استرجاع دواء منتهى الصلاحية قيمته 10 أو 20 جنيها، رغم أن ذلك مسئوليتها فى الأساس.
وأوضح عبدالله فى تصريحات صحفية أن بروتوكول التخلص من الأدوية منتهية الصلاحية قبل قرار سحبها من السوق، كان متروكا بين الصيدليات والشركات مع التأكيد على أن الأمر علاقة تجارية بين طرفين لا علاقة لحكومة الانقلاب بها، وبالتالى التخلص من الأدوية كان متوقفا على مدى قوة الصيدلية مع الشركة المنتجة للدواء .
وأكد أنه كانت هناك صيدليات تستطيع إجبار الشركة على إرجاع الدواء المنتهى الصلاحية بسبب قوتها فى التعامل معها، بينما العديد من الصيدليات الصغيرة لا تستطيع إجبارها، وبالتالى تتحمل خسائر تصل إلى مليارات الجنيهات .
وأشار عبدالله إلى أنه نتيجة لهذا الوضع ظهرت فى الخلفية تجارة الأدوية منتهية الصلاحية، حيث ترسل شركات الأدوية التى رفضت فى البداية استرجاع الأدوية من الصيادلة، مندوبيها إلى الصيدليات لشراء هذه الأدوية لكن بـ20% من قيمتها فقط ثم تقوم بإعدامها.
وحذر من تناول الأدوية منتهية الصلاحية، لأنها قد تكون فاسدة وتضر بصحة المريض، ويجب على الصيدلى التخلص منها ومنع بيعها وإعادتها للشركات.
وكشف عبدالله أنه لا توجد إحصائية دقيقة لحجم الأدوية منتهية الصلاحية فى السوق المصرى، لكن البعض قدرها بنسبة 2 أو 3%، أى نحو 6 مليارات جنيه من حجم السوق الذى تعدى 300 مليار جنيه.
خطورة بالغة
وقال الدكتور محمد عزّ العرب، رئيس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد ، الدواء المغشوش أي عقار يتم تداوله بغرض الاستشفاء دون أن يصرح بإنتاجه وتداوله من هيئة الدواء المصرية .
واوضح عز العرب فى تصريحات صحفية أن تلك الأدوية المزيفة إما أن تصنع من مواد فعالة مخففة عدة مرات لتستخدم في إنتاج عدد كبير من العلب، أو يجري خلطها بمواد مجهولة، وقد تفتقر للمادة الفعالة كلياً وتحتوي مواد مغشوشة مثل مسحوق السيراميك المكون من مواد كالطين والسيليكا والألومينا (أكسيد الألومنيوم) .
وحذر من أن هذه الأدوية تشكل خطورة بالغة على صحة من يتناولها.
مصانع بئر السلم
وأكد أخصائي التغذية العلاجية نبيل زيتون أن مصانع "بئر السلم" اعتادت تصنيع منتجات مغشوشة ومقلدة بالمادة ذاتها المحظورة دولياً للتخسيس ليتم تداولها على أنها مستوردة من الخارج بل وتزعم بعضها تصنيعها من أعشاب علاجية ليس لها أعراض جانبية .
وقال زيتون فى تصريحات صحفية : من بين العقاقير المصنعة بالسيبوترامين: فيتارم بلو، نيو هارفا، تيربوسليم، فيا أناناس، سليم لايت، إيه بي سليم، أيزوسليم وعقار فيتونكس الذي كان من بين الأصناف المضبوطة في مصنع غير مرخص بمدينة بدر.
وحول الآثار السلبية لتلك العقاقير أكد أن هذه الأدوية تتسبب في غلق مركز الجوع بالجهاز العصبي، وتدفع متعاطيها للدخول في حالات اكتئاب وعدم القدرة على تناول الطعام، وقد يؤدي تناولها لحدوث جلطات وتولد أفكار انتحارية، وزغللة في العين، مع إمساك شديد، وجفاف الحلق وتوقف في عضلة القلب، وتؤدي الجرعات الزائدة منها للوفاة،
وكشف زيتون أنه رغم ذلك ينصح بعض استشاريي التغذية بها بل يبيعونها للمرضى في عياداتهم بمبالغ خرافية على أنها مستوردة، ويروجون لها عبر شبكات التواصل الاجتماعي .