رغم حرب الإبادة المتواصلة الي تشنها قوات الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، وقتل وإصابة نحو 180 ألف فلسطيني، إلاّ أن المقاومة الفلسطينية تؤكد كل يوم أنها ستواصل مواجهة الاحتلال، وتكبيده خسائر فادحة ومنعه من تحقيق أهدافه، سواء استعادة الأسرى الصهاينة أو تدمير حركة حماس أو احتلال القطاع .
مواجهة المقاومة للاحتلال الصهيوني لا تتوقف على الحرب العسكرية فقط، بل تشمل الحرب الدعائية والنفسية وإرهاب العدو بكل الوسائل، وفي هذا السياق نجحت المقاومة في تحريك الشارع الصهيوني، خاصة أهالي الأسرى ضد حكومة الاحتلال، حيث يطالب أهالي الأسرى بوقف الحرب وعقد صفقة مع حركة حماس من أجل اعادة الأسرى الصهاينة، وهو ما يجعل حكومة الاحتلال والمتطرفين الصهاينة وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو في موقف حرج أمام الداخل والخارج .
كان آلاف الصهاينة قد تظاهروا أمس في تل أبيب، مطالبين بإنهاء الحرب واستعادة الأسرى، ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بإبرام صفقة تبادل مع المقاومة الفلسطينية، كما رددوا شعارات تندد بسياسة حكومة نتنياهو في هذا الملف.
طريق مسدود
من جهتها، قالت هيئة عائلات الأسرى الصهاينة: إن "الحرب والمخاطرة بحياة الرهائن والجنود لن تؤدي إلى إعادتهم، معتبرة أن إنهاء الحرب هو السبيل الوحيد ليس لإنقاذ الأسرى فقط، بل لإنقاذ دولة الاحتلال".
وانتقدت هيئة عائلات الأسرى موقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قائلة: إن "معارضته لأي اتفاق يعيد الأسرى تأتي بدوافع سياسية وشخصية وهي ضد إرادة الإسرائيليين".
ودعت المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف إلى التخلي عن مقترح نتنياهو، وتقديم مقترح جديد، بعد ما قالت إن الوضع وصل إلى طريق مسدود.
متان تسنجاوكر
جاءت الاحتجاجات بعد أن وجّه أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، "نداء عاجلا لمن يهمه الأمر"، محذرا من أن قوات الاحتلال تحاصر مكانا يوجد فيه الأسير الصهيوني متان تسنجاوكر.
وأوضح أبو عبيدة أن العدو لن يتمكن من استعادة الأسير حيا، وفي حال مقتله خلال محاولة استعادته فإن جيش الاحتلال هو المتسبب في ذلك .
وقال : "حافظنا على حياة الأسير تسنجاوكر مدة عام و8 أشهر، وقد أُعْذِرَ مَنْ أُنْذِرَ .
وفي وقت سابق، كانت كتائب القسام قد نشرت صورة لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو مع عبارة "مصالح نتنياهو السياسية ستقتل أسراكم"، وذلك باللغتين العربية والعبرية.
بنيامين نتنياهو
وفي نهاية أبريل الماضي، كشفت عيناف تسنجاوكر والدة الأسير متان، أن نتنياهو يريد الانتقام منها شخصيًا، بسبب انتقادها المستمر له.
وقالت عيناف: تحدثت مع مسئولين رفيعي المستوى، وفهمت منهم أن نتنياهو يخطط للانتقام مني شخصيًا بسبب انتقاداتي له، فهو يتجه لإبرام صفقة جزئية انتقائية، وسيترك ابني متان عمدًا في غزة .
كانت عيناف قد وجهت رسالة إلى حركة "حماس" قالت فيها: "أتوجّه إلى قادة القسام في خانيونس، وإلى حراس أبنائنا، أرجوكم، اعتنوا بهم حتى تتم الصفقة، وأطلب من حُراس ابني أن يصوّروا لي فيديو له، وأتمنى منكم أن تتيحوا لأبنائنا مشاهدة هذا الفيديو".
واتهمت عائلات الأسرى الصهاينة مرارا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مؤكدة أنه هو العقبة أمام إحراز أي اتفاق وإعادة الأسرى دفعة واحدة.
ملف الرهائن
في هذا السياق أكد الدكتور جهاد حرب، مدير مركز الثبات للبحوث واستطلاعات الرأي، أن الفيديوهات التي تنشرها حركة حماس بشأن الأسرى الصهاينة تُعدُّ أداةً دعائية ونفسية مؤثرة تستهدف تحريك الشارع فى دولة الاحتلال للضغط على حكومة بنيامين نتنياهو، خاصة في ظل تصاعد الاحتجاجات ضد استمرار الحرب وفشل صفقات التبادل.
وأوضح حرب، في تصريحات صحفية أن تلك الفيديوهات، خصوصًا حين ترتبط بالكشف عن مصير الرهائن أو الإشارة إلى خطر يهدد حياتهم، تُحدِثُ تأثيرا مباشرا في عائلاتهم وتدفعهم إلى التظاهر، كما حدث مرارا خلال الأسابيع الماضية، عقب نشر فيديوهات جديدة من داخل غزة .
وأضاف: حكومة الاحتلال تستخدم ملف الرهائن ذريعة لمواصلة عملياتها العسكرية في القطاع، لكنها فعليا تخلّت عنهم، ولا تُوْلِيهم أيَّ اهتمام حقيقي، واستمرار القصف وهدم البنية التحتية يعرض حياة الأسرى للخطر، وهو ما تتحمل مسئوليته حكومة الاحتلال، التي اختارت المسار العسكري بدلًا من السعي إلى صفقة تبادل .
وأشار حرب إلى أن هذه السياسات تعكس أهدافًا أيديولوجية وسياسية تتجاوز استعادة الأسرى، في مقدمتها بقاء نتنياهو في الحكم، وفرض وقائع جديدة على الأرض عبر احتلال أجزاء من قطاع غزة، وتهجير سكانه قسرا، في إطار مشروع أيديولوجي عبّرت عنه حكومة الاحتلال مرارا.
وأوضح أن قيادة الاحتلال الحالية، بما فيها نتنياهو ووزراؤه المتطرفون، لا تضع ملف الأسرى على جدول أولوياتها، بل تعتبر استمرار العمليات العسكرية فرصة لتحقيق مكاسب سياسية وأيديولوجية، ولو على حساب أرواح الجنود الأسرى أنفسهم.