مع توالى الهجمات الإيرانية على الأراضى المحتلة فى إطار عملية الوعد الصادق 3 تعيش دولة الاحتلال أجواء نكسة يونيو التى كان الانقلابى الأول جمال عبدالناصر قد تسبب فى أن تعيشها مصر فى العام 1967 .
الصهاينة بدأوا يدركون أنهم أضعف بكثير مما كانوا يتصورون وأن أمريكا والغرب لن يستطيعوا انقاذهم من أيدى العرب والمسلمين وآنه آن الأوان لرحيل الصهاينة وعودة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطينى.
كما أدرك الصهاينة أن الرئيس الأمريكى الإرهابى دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال يوجهان دولة الاحتلال إلى نقطة النهاية الحتمية .
كان الحرس الثوري الإيراني قد أعلن عن تنفيذ "عملية الوعد الصادق 3" بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية على الأراضى المحتلة، مستهدفا عشرات المواقع العسكرية، في أعنف رد إيراني مباشر على الأراضي المحتلة منذ تأسيس دولة الاحتلال.
وأكد الحرس الثورى أن الهجمات الإيرانية سوف تتواصل على الأراضى المحتلة وستجعل الكيان الصهيونى يعيش فى كابوس لا يعرف له مثيلا فى العالم كله .
صدمة عميقة
حول الهجوم الايرانى وانعكاساته داخل الأراضى المحتلة قال الباحث في الشأن الإسرائيلي عادل شديد إن الهجوم الإيراني الواسع، الذي استهدف العمق الصهيونى برشقات صاروخية متعددة، أحدث تغييرا جذريا في المزاج العام داخل دولة الاحتلال، وخلق صدمة عميقة داخل المجتمع والنخبة السياسية والعسكرية على حد سواء.
وكشف شديد في تصريحات صحفية أن دولة الاحتلال انتقلت خلال ساعات من حالة نشوة وغرور بعد الضربات التي وجهتها إلى طهران، إلى حالة من الذهول والارتباك مع توالي الصواريخ الإيرانية التي أصابت أهدافا حساسة ومراكز تعد رموزا لهيبة دولة الاحتلال .
وأشار إلى أن النقاش العام في دولة الاحتلال خلال الساعات التي سبقت الرد الإيراني كان مفعما بالتفاخر بقدرة دولة الاحتلال على الوصول إلى العمق الإيراني، وتنفيذ عمليات نوعية شملت اغتيال قادة بالحرس الثوري وتدمير مواقع إستراتيجية، دون أن تتعرض لرد مؤلم.
وأضاف شديد : لكن مع حلول الليل، انقلبت الصورة تماما، وأصبح الحديث في الإعلام الصهيوني يتركز على الفشل الأمني واهتزاز صورة دولة الاحتلال وعجز منظوماتها الدفاعية عن التصدي لصواريخ دقيقة ضربت قواعد مركزية مثل "رمات ديفيد" و"نيفاتيم" ومجمع "الكرياه" الأمني.
هلع وارتباك
وشدد على أن الحدث غير مسبوق في ذاكرة الصهاينة، خاصة أن هذه المرة الأولى منذ عام 1948 التي يجد فيها الصهاينة أنفسهم محاصرين بالصواريخ في مدنهم، ويضطرون للتعامل مع قتلى تحت الأنقاض، ومصابين عالقين في المباني المنهارة.
ولفت شديد إلى أن رمزية الضربات التي طالت عمق دولة الاحتلال كانت قاسية نفسيا على الجمهور الإسرائيلي الذي لم يكن يتوقع هذا الكم من الدمار ولا دقة الصواريخ الإيرانية، التي قُدّر بعضها بأنه يحمل رءوسا حربية تزيد على 600 كيلوجرام.
وقال إن المشهد الصباحي داخل المجتمع الصهيونى كان مشبعا بالهلع والارتباك، مشيرا إلى أن وسائل الإعلام العبرية تحولت بالكامل لتغطية مشاهد المصابين وأخبار العالقين وتقييم حجم الخسائر، بدلا من خطاب القوة والردع الذي ساد أمس.
وأشار إلى أن المتابع للنقاشات داخل استوديوهات القنوات الصهيونية يلاحظ تغيرا جوهريا، إذ انتقل التركيز من خطاب النصر والردع إلى الحديث عن تفاصيل المصابين، والدمار في الشارع، والمباني التي انهارت، والأسَر التي شُرّدت، والانهيار المعنوي العام.
الخطوط الحمراء
وحذّر السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، من خطورة التصعيد العسكري في المنطقة، مؤكدًا أن دولة الاحتلال خرجت عن قواعد الإقليم وتجاوزت أطر السلام، ما ينذر بعواقب يصعب احتواؤها في المدى القريب.
وقال العرابي فى تصريحات صحفية إن العمليات الجارية لم تعد تخضع لقواعد الاشتباك التقليدية، بل باتت مفتوحة بلا ضوابط، وهو ما يهدد بإشعال المنطقة بالكامل.
وأوضح أن ما يحدث ليس وليد اللحظة، بل نتيجة خطة ممنهجة لتقليم نفوذ الأذرع الإيرانية، بدأت باغتيالات لقيادات بارزة في "حزب الله"، وامتدت لاحقًا إلى الداخل الإيراني نفسه، في محاولة لإضعاف القدرات العسكرية والنووية والاقتصادية لطهران.
وأشار العرابي إلى أن إيران ترد بعمليات عسكرية في العمق الصهيونى وقد تغلق مضيق هرمز أو تستهدف قواعد أمريكية في بعض الدول العربية، محذرًا من أن أي تصعيد في هذا الاتجاه ستكون له تداعيات إقليمية ودولية مباشرة، من بينها التأثير على ملف الغاز، واحتمال تقليص الإمدادات وارتفاع أسعار الطاقة عالميًا.
وأكد أن دولة الاحتلال وجهت ضربة قوية لإيران، لكنها في المقابل تجاوزت الخطوط الحمراء المتعارف عليها إقليميًا، مما يعكس سلوكًا خارج أطر السلام، ويكشف عن توجه استراتيجي يهدد الاستقرار.
وشدد العرابي على أن هذا النهج الصهيونى سيؤدي إلى فقدان دولة الاحتلال للقبول السياسي والشعبي في المنطقة، ويعيد طرح التساؤلات حول مدى جدوى اعتبارها شريكًا موثوقًا في أي مسار سلمي مستقبلي.