تقدمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ببلاغ للنائب العام قالت: إنه "تُوفي 7 محتجزين بقسم العمرانية في غضون عام يوجب إيقاف ضباطه وفتح تحقيق جنائي عاجل".
وقالت المبادرة المصرية: "مع إيقاف ضباط قسم شرطة العمرانية عن العمل مهم لحين انتهاء التحقيق وإحالة المسؤولين للمحاكمة الجنائية حال ثبوت مسؤوليتهم عن هذا الرقم المفزع من الوفيات".
قُيد بلاغ المبادرة المصرية -بوصفها ممثلاً قانونيًا عن المحتجزين- برقم 42850 لسنة 2025 (عرائض النائب العام)، وأُرسل إلى نيابة العمرانية "لاتخاذ اللازم قانونًا" بتاريخ 14 يونيو الجاري.
الجديد الذي كشفه المبادرة المصرية هو استمرار احتجاز أفراد بأقسام الشرطة رغم صدور أحكام نهائية بحقهم، بجانب احتجاز مريض بأوضاع صحية حرجة لم يتلق الرعاية اللازمة، يُعد انتهاكًا صارخًا للقوانين المحلية والمواثيق الدولية الملزمة لمصر.
ولذلك طالبت المبادرة نائب الانقلاب ، باستخدام صلاحياته القانونية والأمر بالنظر العاجل في البلاغ المقدم من قِبل المبادرة المصرية، ومحاسبة من تثبت مسؤوليته، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية جميع من لا يزالون على قيد الاحتجاز في هذا القسم، ومنع تكرار هذه الانتهاكات الجسيمة.
5 بقضية واحدة
وأشارت المبادرة إلى أن 5 من 7 المحتجزين المقتولين كانوا من المحكوم عليهم في قضية واحدة تعود إلى يناير 2023، أحدهم يبلغ من العمر 25 عامًا، وقد توفي بعد 17 شهرًا من احتجازه بقسم العمرانية نتيجة التهاب رئوي أصيب به في الحجز ونقل للمستشفى للحصول على الرعاية الطبية بعد تدهور حالته.
وأضافت أن المحتجز الثاني 36 عامًا، توفي بعد حوالي 14 شهرًا من احتجازه بالقسم متأثرًا بنزيف داخلي لم ينقل على إثره للمستشفى – نُقل مرة واحدة ثم أُعيد للقسم، وبعد تدهور حالته مجددًا لم يُنقل مرة أخرى ليلقى حتفه داخل القسم.
وأن المحتجز الثالث قضاء كان بعمر 23 عامًا، وتوفي بعد حوالي 19 شهرًا من تاريخ بداية احتجازه في قسم العمرانية ولم تعرف ملابسات وفاته.
وتوفي متهمان بنفس القضية، كانا يبلغان من العمر عند القبض عليهما في عهدة قسم العمرانية 22 عاماً و44 عاماً، ورغم انتهاء مراحل التقاضي في تلك القضية وصدور حكم نهائي بات بالحبس 3 سنوات للمحتجزين على ذمتها، استمر احتجاز متهميها في قسم الشرطة بدلًا من نقلهم إلى أحد مراكز الإصلاح والتأهيل العمومية؛ مما حرمهم من حقوقهم الأساسية بما فيها الحق في التريض والرعاية الصحية، بالمخالفة المادة الثالثة من قانون تنظيم السجون، والتي تنص على أن ينفذ المحكوم عليهم بعقوبات الحبس لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر بمركز إصلاح وتأهيل عمومي – وليس قسم شرطة- ما لم تكن المدة المتبقية من الحكم تقل عن ثلاثة أشهر ولم يسبق إيداعه في مركز إصلاح وتأهيل عمومي. وتنطبق جميع تلك الشروط على هذه القضية، حيث كان متبقيًا لهم من الحُكم النهائي أكثر من عام منذ صدور حكم محكمة النقض، ومع ذلك استمر احتجازهم بشكل غير قانوني داخل قسم الشرطة.
محتجز بقضية منفردة
وأضافت أنه في القضية الثانية التي تعود إلى عام 2025 الجاري، توفي متهم محتجز على ذمتها يبلغ 44 عامًا بعد أقل من شهر من القبض عليه واحتجازه داخل قسم العمرانية، ولم يُعرف سبب الوفاة حتى الآن، وكان المتهم صدر بحقه حكم درجة أولى بالحبس سنة قبل أن تنقضي الدعوى أمام محكمة الاستئناف لوفاته.
وفاة مريض بالسرطان
وفي القضية الثالثة، توفي شخص يقارب عمره 42 عامًا أثناء حبسه احتياطيًا على ذمتها، وهو مريض بالسرطان والتصلب المتعدد (مرض مناعي يؤثر على الجهاز العصبي والحركة)، وتوفي المحبوس بعد أسابيع قليلة من القبض عليه، مع العلم أن قسم الشرطة ليس مكان احتجاز معد لتوفير الحد الأدنى من الرعاية اللازمة التي تتطلبها حالته.
إجمالي المتوفين
وقالت المنظمة الحقوقية: إنه "توفي السبعة -الموزعين على ثلاث قضايا جنائية- أثناء احتجازهم في عهدة قسم شرطة العمرانية خلال الفترة بين مارس 2024 ومايو 2025، بعد فترات احتجاز متفاوتة، وسط مؤشرات مقلقة على الغياب الكامل للرعاية الصحية ولأي شكل من أشكال الرقابة القضائية على أماكن الاحتجاز".
وأضافت أنه بالنظر إلى الوفيات، تراوحت أعمار المتوفين بين أوائل العشرينيات و أواسط الأربعينيات، من بينهم من كان يعاني من أمراض خطيرة، مما يعني أنه كانوا في احتياج لرعاية صحية محترفة وعاجلة.
ولم يتضح بحسب التقرير الحقوقي إن كانت باقي الوفيات نتيجة مضاعفات صحية مفاجئة غير معلوم أسبابها، أو لمضاعفات صحية كانت معروفة ولم يتم التعامل معها طبيًا في الوقت المناسب.
وأشار التقرير إلى أن عدد من المتوفين ظلوا قيد الاحتجاز بالقسم رغم صدور أحكام نهائية باتة، لم ينقلوا بموجبها إلى مركز إصلاح وتأهيل عمومي كما يقتضي القانون.
وأوضحت أن مراكز الإصلاح والتأهيل هي الأماكن التي تتمتع ببنية تحتية (بحسب المعلن) أفضل للتعامل مع الأزمات الصحية، ما يزيد من الشكوك حول وجود نمط من الإهمال الجسيم أو الانتهاك الممنهج لحقوق المحتجزين.
تكرار مريب بقسم واحد
وأضاف التقرير أن تكرار حالات الوفاة داخل قسم شرطة العمرانية خلال فترة زمنية قصيرة، ووقوعها في ظروف متشابهة تحمل شبهات قوية من الإهمال الطبي وغياب الرقابة، يكشف عن نمط خطير من الانتهاكات والاستهانة بحياة المحتجزين والسجناء الذين تقع مسؤولية حماية حياتهم ورعايتهم صحيًا على وزارة الداخلية. كما يؤشر هذا العدد الضخم إلى أن أوضاع الاحتجاز في هذا القسم قد تدهورت بالشكل الذي أصبح يمثل خطرًا جسيمًا على حياة وسلامة المحتجزين به.
وتنص المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية، على "لكل من علم بوقوع جريمة أن يُبلغ النيابة العامة دون حاجة إلى شكوى أو طلب". واشارت إلى أن بلاغ المبادرة يطالب النيابة العامة باستخدام صلاحيتها المنصوص عليها في المادة 85 من قانون تنظيم السجون، والتي تمنح أعضاء النيابة سلطة دخول أماكن الاحتجاز والاطلاع على أوضاع المحبوسين والاستماع إلى شكاواهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة في وجود مخالفات أو حالات احتجاز "غير قانوني" أو تعرض للخطر.
وشددت على أن حدثًا بجسامة وفاة 7 محتجزين في قسم شرطة واحد يوجب تحركًا عاجلاً وجادًا لا يجب أن يقل عن الوقف الفوري عن العمل لمأمور وضباط القسم القائمين على حجز المتهمين وإحالتهم للتحقيق تمهيدًا لمساءلة من تثبت منهم مسؤوليته عن هذه الفاجعة، فضلًا عن اتخاذ الإجراءات الفورية اللازمة لضمان سلامة باقي المحتجزين.