تحالف “إبراهام”.. دعاية تطبيعية جديدة تتصدر تل أبيب وتكشف خريطة التحالفات العربية الخاضعة

- ‎فيسوشيال

 

في مشهد دعائي غير مسبوق، تصدّر إعلان ضخم في شوارع "تل أبيب" صور عدد من زعماء الدول العربية، تحت شعار: "تحالف إبراهام – الشرق الأوسط الجديد"، في محاولة إسرائيلية مكشوفة لإعادة بعث مشروع التطبيع العربي مع الاحتلال، رغم إخفاقاته المتراكمة منذ اندلاع "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023.

الإعلان الذي أثار موجة من الغضب والسخرية عبر مواقع التواصل، حمل وجوه قادة عرب بارزين، أبرزهم محمد بن سلمان، عبد الفتاح السيسي، ميشال عون، ومحمود عباس، إضافة إلى اسم جديد لافت في الصورة: الرئيس السوري المفترض "أحمد الشرع"، ما يعزز شكوكا متزايدة بشأن توجهات مستقبلية لتوريط دمشق في موجة التطبيع المتسارعة.

وراء الحملة الدعائية يقف ما يُعرف بـ"الائتلاف الإسرائيلي للأمن القومي"، والذي يسعى – وفقًا لإعلام الاحتلال – إلى استغلال نهاية الحرب مع إيران لإحياء مشروع "اتفاقيات أبراهام" وتوسيعه ليشمل السعودية وسوريا وعُمان ولبنان، تمهيدًا لـ"شرق أوسط جديد" يخدم المصالح الصهيونية الأمريكية.

الصفقة الجديدة.. تطبيع مقابل الوهم

الإعلام العبري كشف أن المقايضة المطروحة في الكواليس هي وقف حرب الإبادة في غزة، مقابل تعهدات عربية وإسلامية جديدة بالتطبيع، تحت غطاء "حل الدولتين" الذي يبدو كغطاء هشّ لتكريس ضم الضفة الغربية والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس وأجزاء من الأراضي الفلسطينية.

المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، صرّح بأن "دولاً جديدة ستنضم لاتفاقيات أبراهام قريباً"، ملمحًا إلى مفاوضات متقدمة مع السعودية ونظام الأسد، إضافة إلى "مباحثات غير معلنة" مع لبنان.

لوحة دعاية أم مشروع استراتيجي؟

نشطاء وخبراء حذروا من أن اللوحة الإعلانية لم تكن مجرد "صورة رمزية"، بل جزء من حملة دعائية متكاملة تستهدف تغيير الوعي الجمعي، وتطبيع وجود الاحتلال في المنطقة تحت شعارات "السلام والتعاون الاقتصادي"، وهو ما وصفه الباحث محمود سالم الجندي بأنه "إيحاء استعمارى يبدأ دائماً بهذا الشكل… باختراق العقول قبل الحدود".

ويؤكد حزب "الحراك الجزائري السلمي العالمي" في بيان له، أن "تحالف إبراهام" هو مشروع أمريكي – صهيوني لإعادة رسم خرائط الولاءات في المنطقة، وتحويل النخب الرسمية إلى أدوات طيّعة لخدمة المشروع الصهيوني، مقابل مكاسب اقتصادية ومناصب ورضا خارجي.

هجوم مضاد على وعي الشعوب

في مقابل الدعاية الصهيونية، تصاعدت الأصوات الشعبية والباحثين والنشطاء العرب الذين وصفوا "إبراهام" بأنه "ورقة محروقة" سقطت شرعيتها بفعل ما كشفه الطوفان الفلسطيني من كذب وزيف شعارات السلام.

وقالت الناشطة "ياسمين" إن "غزة أعادت تشكيل الوعي، وأسقطت وهم التطبيع إلى الأبد"، فيما حذّر الكاتب ياسر الزعاترة من مسلسل التنازلات العربية، الذي بدأ من "المبادرة العربية" عام 2002، مرورًا بصفقة القرن، وصولاً إلى الترويج الحالي بأن وقف الحرب في غزة مشروط بتوسيع التطبيع.

وأضاف الزعاترة أن "المنطقة دخلت مرحلة غير مسبوقة من الانحدار الرسمي العربي"، بينما "الشعوب لم تُستشر، ولن تُخدع"، مشيرًا إلى أن أي حديث عن سلام دون إنهاء الاحتلال هو "خداع تاريخي".

ختاما..

بين صخب الإعلانات في تل أبيب ودماء الأطفال في غزة، يقف "تحالف إبراهام" مجددًا كرمز للتضليل السياسي والتخلي الرسمي العربي، لكن الواقع الشعبي المقاوم، كما أثبتته غزة، يشير إلى أن طريق التطبيع مهما بدا مفروشًا بالدعاية والضغوط، لن يغيّر من حقيقة أن فلسطين لا تزال في وجدان الشعوب، وأن الاحتلال إلى زوال، مهما تجمّلت تحالفاته بأسماء الأنبياء.