أعلن صندوق النقد الدولي عن دمج المراجعتين الخامسة والسادسة ضمن برنامج دعم مصر بقيمة 8 مليارات دولار، لتوفير المزيد من الوقت لاستكمال الإصلاحات الهيكلية، وهي خطوة قد تؤجل صرف الشريحة الجديدة بما يصل إلى ستة أشهر.
وقال الصحفي الاقتصادي مصطفى عبد السلام إن صندوق النقد الدولي يؤجل صرف الشريحة الخامسة من قرضه الحالي لمصر، والبالغ قيمتها 1.2 مليار دولار، إلى نهاية العام، وضم مراجعة الشريحة الخامسة مع الشريحة السادسة لإتاحة المزيد من الوقت أمام الحكومة لإتمام الإصلاحات الاقتصادية وتنفيذ التعهدات الواردة في البرنامج المتفق عليه وعلى رأسها تحرير سعر الصرف، وبيع الشركات العامة وتقليص دور اجهزة الدولة في إدارة الاقتصاد".
ورأى صندوق النقد الدولي أن حكومة مصر تبطئ تنفيذ بعض الإصلاحات المتفق عليها وأبرزها التخارج من أصول اقتصادية.. وقالت ثلاثة مصادر مطلعة، اليوم، لـ"رويترز" إن صندوق النقد الدولي قد يدمج مراجعتيه الخامسة والسادسة لبرنامج الدعم الذي يقدمه لمصر بقيمة 8 مليارات دولار، بسبب تقدم البلاد ببطء في إجراء إصلاحات هيكلية، ما قد يؤخر صرف دفعة جديدة من القرض لمدة 6 أشهر.
وذكرت مصادر "رويترز" أن فريقًا من الصندوق وصل إلى مصر في مايو لبدء المراجعة الخامسة، لكنه لم يعلن موافقته بعد، موضحًا أن الصندوق غير راضٍ عن التقدم البطيء الذي تمضي به مصر في الإصلاحات الهيكلية التي تمثل محور التسهيل، ومنها التخارج من أصول مملوكة للدولة.
نشأت الديهي وعبر منصته على إكس أشاد بصندوق النقد الدولي إلا أن المخبر الصهيوني أيدي كوهين علق ساخرا "الف مبروك 165 مليار دولار ديون خارجية .. اي رأس ستبيعون الآن؟" في إشارة لبيع رأس الحكمة ورأس شقير ورأس جميلة..
وتعليقا على التأجيل، قال د. كريم عادل رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية: "..من الخطأ تسبيب قرار صندوق النقد الدولي حال تأجيل صرف الشريحة الخامسة لموقف مصر السياسي في الإقليم ، ودلالة ذلك تَزامُن صرف الشريحة الرابعة مع فترة كان للدولة المصرية موقف سياسي مُعلن ومُعارض للإدارة الأمريكية.".
وأضاف ".. لذا يجب أن نكون أكثر مصداقية وشفافية ، وعلينا مراجعة السياسات النقدية والمالية والاقتصادية ليس إرضاءً للصندوق وصرف الشرائح، ولكن ليصبح لدينا اقتصاد قوي حقيقي".
3 أسباب
وقال مراقبون إن التعثر مع الصندوق سببه؛ التحفظ على تأخر حكومة السيسي في برنامج الطروحات أو الخصخصة من جهة، وتثبيت سعر الصرف.
وأشار مراقبون إلى أن حكومة السيسي تلتزم بالمحور المالي من خلال؛ الرفع المتواصل لأسعار الوقود والكهرباء والتقليص المستمر للإنفاق الحقيقي على القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم.
أما محور تثبيت سعر الصرف (المحور النقدي) فتدرك حكومة السيسي أن تقلبات سعر الصرف تخلق اضطرابات مباشرة في الأسعار وذات مردود اجتماعي واقتصادي سلبي فضلا عن صعوبة السيطرة على مضاربات التقلبات السريعة أو الكبيرة في سعر الصرف.
وبخصوص التخارج من الأصول الاقتصادية، وإعادة هيكلة الطروحات، فالتباطؤ سببه اشتمال ذلك على شركات للجيش، كما أن طرح شركات الدولة عمليا هو بيع هذه الشركات للمستثمر الخليجي كطرف وحيد!
وعن تحرير سعر الصرف (سعر الدولار) يتزامن معه تقلبات السعر عالميا بل وتقلب الفائدة العالمية، فضلا عن تلال من الديون الدولية مع توسع في الاستدانة، وزيادة الضرائب، وضغوط استيرادية واضطرابات بالتحويلات ومصادر الدولار مثل القناة والسياحة.
وفي ديسمبر 2022 طرحت حكومة السيسي ورقة (ملكية الدولة)، لتنظيم ما أسمته بتخارج الحكومة من بعض القطاعات وبقائها في قطاعات أخرى.
وبحسب منصة "الموقف المصري"، ".. الورقة أولا لم تتضمن خططا بقدر ما تضمنت مجرد خطوط عريضة أو أفكار، مع إعلانات متكررة عن قوائم بشركات، وكذلك لم تتضمن أفكارا واضحة عن الخيارات الاستثمارية للطرح ده، هل هنقدر نجتذب جهات استثمارية مختلفة لتدعيم موقفنا التفاوضي ولا لأ؟".
وأضافت، "الورقة لم يتم نقاشها قبل إصدارها لا في البرلمان ولا خارج البرلمان، وإنما تعاملت معها الحكومة كالعادة بمنطق القرار الفوقي".
وعن شركات الجيش أوضحت المنصة أن الحكومة تحاول إخفاء ما يسمى "اقتصاد الجيش"، حيث غير معروف حجمه، "وإيه القطاعات اللي بيشتغل فيها، وإيه أهدافه؟.. "
وأضافت "المطلوب فيما يخص اقتصاد الجيش مش مجرد التفكيك والبيع، لأن حتى في محاولة بيع شركة الوطنية للبنزين ظهر قد إيه إن اقتصاد الجيش ده بيعاني من مشكلات داخلية واضحة لازم حلها أولا.".
وأشارت إلى أهمية الحاجة إلى خضوع شركات الجيش كما شركات الحكومة، "للمراجعة والمحاسبة وقواعد الشفافية والنزاهة، من قبل مؤسسات الدولة الأخرى والمجتمع المدني، زي الجهاز المركزي للمحاسبات.".
والقرض الذي تأجلت شريحته الخامسة اتفقت عليه حكومة السيسي مع صندوق النقد في أواخر 2022، بقيمة 3 مليارات دولار، وتم صرف الشريحتين الأولى والثانية منه خلال 2023 في ظل أزمة طاحنة لم يساعد القرض وقتها بأي شكل على تخفيفها، قبل أن يتم رفع قيمته إلى 8 مليارات دولار، بعد صفقة رأس الحكمة في فبراير 2024.
وبعد الاتفاق الجديد مع الصندوق تم صرف الشريحتين الثالثة والرابعة من القرض، وبلغت قيمة ما حصلت عليه مصر من القرض إلى الآن 3.3 مليار دولار.
وبدأت المراجعة الرابعة للقرض في أكتوبر 2024 وانتهت في ديسمبر الماضي، بعد أن شهدت نفس الشد والجذب بين الحكومة والصندوق، حول نفس الملفات تقريبا.