كتب سيد توكل:
اختلفت مشاعر المصريين إزاء انفجار الكنيسة بين الصمت والاستنكار، ولكنها توحدت بالسعادة إزاء ما تعرض له مرتزقة إعلام الانقلاب أمام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ليكشف حجم غضب المصريين من نظام السيسي، وما وصل إليه إعلامه من مصداقية في الشارع.
وأثارت حفلة ضرب مرتزقة الإعلام العديد من التساؤلات، حول مستقبل أذرع السيسي الإعلامية، في ظل الرفض الشعبي لها، واستعداد النظام لاستبدالها بوجوه إعلامية جديدة، في ظل الغضب الشعبي من الوجوه القديمة.
وعلى الرغم من أن حفلة الضرب كان الفاعل فيها من المسيحيين، الذين يعتبرون أكثر الفئات تأيدا للسيسي، إلا أن إعلاميي السيسي خرجوا في اليوم نفسه، بعضهم ليهاجم المسحيين، وآخرون يبررون، أو ينفون الاعتداء الذي سجله العشرات بكاميرات هواتفهم.
إعلام السيسي يصف المسيحيين بـ"الأوباش"
أحد الذين نالهم الصفع في حفل الغضب بمحيط الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، مقدم البرامج أحمد موسى، الذي قال إن من حاول الاعتداء عليه مسيحيون ضد تواضروس، ودخلاء على المِصْريين والكنيسة، مؤكدًا أن المِصْريين الحقيقيين نجحوا في حمايته ممن وصفهم بـ"الأوباش" الذين يهتفون ضد الدولة المصرية، ويحاولون استغلال الأحداث لإثارة الفتنة بين الشعب المصري.
وأضاف موسى، خلال تقديمه برنامج "على مسئوليتي"، على قناة "صدى البلد" أنه تلقى تحذيرات كثيرة قبل ذهابه إلى الكنيسة البطرسية، لكنه أصر على الذهاب ومشاركة المسيحيين أحزانهم، زاعمًا أن من حاول الاعتداء عليه وعلى ريهام سعيد ليسوا مصريين وإنما مندسون لإثارة البلبلة بين المواطنين.
وزعم أن المصريين لن يقبلوا المساومة والابتزاز أو التراجع، والدولة باقية ولن يستطيع أحد أن يسقطها.
من حر الصفعة قالوا: "مندسين"
وعرضت الإعلامية الموالية للانقلاب لميس الحديدي صورة للشاب الذي احضتنها، خلال اعتداء محتشدين عليها في محيط الكاتدرائية المرقسية، أمس الأحد، قائلة: "مابتكسفش أني أعرضها، لولا 4 شباب معرفش اسمهم أنقذوني، كان زماني مت في الاعتداء".
وقالت الحديدي: "الشباب دخلوني عربية، والمفاجأة إن السيارة اللي ركبت فيها، كانت لأب رايح يغسل كلى لابنته في مستشفى الدمرداش، لكن للأسف معرفش بسبب التدافع والازدحام، ووصلني البيت ومرضيوش ياخدوا أي حاجة".
وقالت "الحديدي" إن الهدف من الحادث الإرهابي الغادر هو مصر والمصريين جميعهم وليس المسيحيين فقط.. كما أنها ورقة جديدة لإثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، قائلة: "الذين تعدوا اليوم عليّ هم عناصر مندسة موجودون دائما في أي حدث ليفقدونا ثقتنا بأنفسنا ولتهديدنا".
زوج لميس "زعلان"
وأعرب الإعلامي عمرو أديب الموالي للانقلاب زوج لميس الحديدي، عن استيائه بسبب تعرض بعض الإعلاميين للاعتداء خلال وجودهم بمحيط الكنيسة البطرسية، ومنهم زوجته لميس الحديدي.
وقال أديب، خلال برنامجه "كل يوم" عبر قناة "on e" "الاعتداء شيء مؤلم جدا، والضرب في مصر أصبح هو طريقة التعبير عن الغضب"، مطالبًا الذين يغضبون من بعض الإعلاميين، بمشاهدة زملائهم الآخرين، فهناك نحو 20 برنامج توك شو، مؤكدًا أنه يرفض إلقاء اللوم على ثورة 25 يناير بأنها سبب تغير سلوك المصريين.
ماكياج ريهام سعيد
وفي محاولة بائسة لإخفاء غضب المصريين من إعلام الانقلاب، كذبت الإعلامية ريهام سعيد الموالية للعسكر واقعة التعدي عليها خلال وجودها أمام الكنيسة البطرسية، وزعمت أن الأمر كان عبارة عن تدافع المواطنين، والبعض كان يقدم لها شكاوى أو يطلبون خدمات أو يرغبون في التسجيل معها.
وأضافت سعيد، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "على هوى مصر"، على فضائية "النهار one" أن هناك أشخاص كانت ملامحهم غريبة و"ليسوا مسيحيين" أو أقارب الضحايا.
وتابعت: "كان فيه عناصر موجودة بتعمل غسيل مخ للناس اللى واقفة"، مشيرة إلى أنها نبهت أفراد الأمن والشرطة في مكان الانفجار بأن يتوخوا الحذر من العناصر المجهولة.
الوعي ينضج بشكل كبير
وقال مجدي حمدان، نائب رئيس حزب "الجبهة الديمقراطي"، وعضو "جبهة الإنقاذ الأسبق"، إن "الوعي الوطني للشعب المصري بدأ ينضج بشكل كبير، وهذا مؤشر على أن إعلام تغييب الوعي والكذب لم ينجح في التأثير على المواطنين، وإن القنوات الخارجية أقوى في تأثيرها على المواطن، لأن معظمها لديه المصداقية والمهنية والحرفية في التعاطي مع الموضوعات بشكل كبير".
وأضاف حمدان "المواطن المصري نفر وكره تلك القنوات والبرامج التي طردوا مذيعيها، لأنهم أصحاب هوى ورؤية كاذبة مبنية على تعليمات ومحاولات لتجميل الوجه القبيح للأمور".
وأشار إلى أن "كثرة كذب تلك القنوات أفقدها أي مصداقية، لذا عقاب الشعب أتى سريعا ومع أول مشكلة وحادثة حقيقة، وبعد أن أدرك أن جل اهتمام الإعلاميين الذين حضروا إلى مكان الحادثة هو التجميل بعيدًا عن الحقيقة فآثر أن يتعاملوا معهم بطريقتهم البسيطة وهي طردهم".
إعلام السيسي عشوائية وفوضى
الدكتور حسن عماد مكاوى، وكيل المجلس الأعلى للصحافة، أوضح أن تلك الاعتداءات تمثل تعبيرًا من الشعب عن عدم رضائه عن الأداء الإعلامي في الفترة الأخيرة، حيث تسود العشوائية والفوضى، والاهتمام بقضايا هامشية على حساب قضايا أساسية، ما يجعل المشاهد يشعر بأنه في واد والإعلام في واد آخر، بعيدًا عن القضايا التي تخص صالح البلد.
وأشار إلى أن هناك وجوه إعلامية ظهرت في كل العصور، حتى فقدت مصداقيتها، وجاءت محاولات طرد الإعلاميين من موقع انفجار كنيسة العباسية ليكون رسالة خشنة من الشعب لهم، بأنهم قد ملّوا من وجههم، وأنهم ليسوا في حالة انتظار لقيامهم بأدوارهم.
من جانبه قال الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن تلك الاعتداءات جاءت نتيجة الصورة السلبية المأخوذة عن عدد كبير من الإعلاميين، إذ جاءت تغطيتهم في برامجهم في أحيان كثيرة لصالح بعض الشخصيات، وتجاهلت المواطن البسيط.
واستطرد: "هي تعبير عن حالة عدم الرضا عن قرارات اقتصادية يؤيدها الإعلاميين والناس غير قادرة على أن تعيش في ظلها، واكتمل الأمر بأحداث إرهابية".
وتابع: "ربما يكون موقف الإعلامية لميس الحديدي من أزمة شركة هاينز، سببًا فيما عاشته اليوم، إذ وجد المشاهد أنها لا تقف في صالح المستهلك إنما مع بعض المستثمرين".
المواطنون ضربوا الحكومة!
قال الدكتور أحمد الششتاوي، خبير إعلامي، إن حالة الغضب التي انتابت المواطنين، فور رؤيتهم لـ"موسى"، ترجع إلى تأييده المطلق للحكومة بشكل عام والداخلية بشكل خاص، بالرغم من الأداء السيئ للداخلية والعمليات الإرهابية والتي تحدث بين الحين والآخر.
أضاف الششتاوي، أن المواطنين حملوا أحمد موسى وريهام سعيد، فشل الحكومة في توفير حياة اجتماعية كريمة لهم، وتدهور الحالة الاقتصادية والأمنية، خاصة أن "موسى" دائم "التهليل" لجميع قرارات الحكومة حتى الخاطئ منها، حتى الفئة القليلة التي كانت تتابع "موسى" وتصدقه، بدأت تنفض من حوله، حينما اصطدموا بالواقع من ظروف أمنية واقتصادية سيئة وتيقنوا أن ما يقوم بطرحه بعيد كل البعد عن الواقع.