كتب: يونس حمزاوي
في إصرار على الخيانة والالتفاف على الحكم المرتقب للمحكمة الإدارية العليا، يوم 16 يناير المقبل، أحالت حكومة الانقلاب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية إلى مجلس النواب بعد الموافقة عليها، اليوم الخميس، وهي الاتفاقية الموقعة منذ أبريل الماضي، وتنازلت بموجبها القاهرة عن جزيرتي "تيران وصنافير"، الواقعتين في البحر الأحمر، إلى الرياض.
وكانت تعليمات جهات عليا وأجهزة أمنية قد صدرت لنواب ائتلاف دعم الدولة، المحسوب على الدائرة الاستخباراتية الرقابية لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بفتح ملف عدم إرسال الحكومة للاتفاقية، رغم توقيعها منذ عدة أشهر، بالمخالفة لنصوص الدستور.
ونصت المادة (151) من دستور الانقلاب على تمثيل رئيس الجمهورية للدولة في علاقاتها الخارجية، وإبرام المعاهدات، والتصديق عليها بعد موافقة مجلس النواب، مع دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف، وما يتعلق بحقوق السيادة، وعدم جواز إبرام أي معاهدة يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة.
وتقدم عدد من نواب ائتلاف الأغلبية، بالتزامن، بطلبات إحاطة وبيانات عاجلة، هذا الأسبوع، إلى رئيس البرلمان علي عبد العال، لمطالبة رئيس الحكومة شريف إسماعيل، ووزير الخارجية سامح شكري، بسرعة إرسال الاتفاقية إلى مجلس النواب.
واتهم سبعة نواب في طلباتهم، الحكومة بالتراخي لمدة تزيد عن تسعة أشهر، بشأن إرسال الاتفاقية، بما يعد سلبا لسلطات البرلمان التي حددها الدستور، وغلّ يده عن ممارسة اختصاصاته المحددة، ما وضع أعضاء البرلمان في حرج شديد أمام ناخبيهم والرأي العام، بحسب مزاعمهم.
وحجزت المحكمة الإدارية العليا طعن هيئة قضايا الدولة، واستشكالين آخرين من نفس الجهة على حكم القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية، للحكم بجلسة 16 يناير المقبل، بعد أن أصدرت محكمة القضاء الإداري حكما غير نهائي ببطلان الاتفاقية، في يونيو الماضي.
«3» أسباب وراء إصرار السيسي على الخيانة
وبحسب مراقبين، فإن هناك 3 أسباب وراء هذا الإصرار المدهش والغريب. ويفسر مراقبون تمسك الحكومة بـ"سعودية الجزيرتين" رغم سوء العلاقات بين البلدين، بأن "تأييد حكم أول درجة في جميع الأحوال سيكون له أضرار وخيمة على النظام السياسي، بغض النظر عن العلاقة المباشرة بالسعودية، إذ ستكون المحاكم قد فرضت رقابتها نهائيا على مسألة ترسيم الحدود البحرية، ما يسمح مستقبلا بإلغاء اتفاقات أخرى وقعها -أو سيوقعها- السيسي مع قبرص واليونان تحديدا، كما ستكون المحاكم قد أخضعت لرقابتها أيضا مسألة إبرام الاتفاقيات الدولية، ما قد يسمح بالطعن باتفاقيات هامة، كالاقتراض من روسيا لتمويل محطة الضبعة".
والسبب الثاني لتمسك الحكومة بموقفها، أن "تأييد حكم أول درجة سيكون قدحا مباشرا في الذمة السياسية للسيسي، لدرجة احتمال توجيه اتهامات له بالخيانة السياسية والتفريط بأراضي الدولة، فضلا عن مخالفة الدستور، ما قد يمثل خطرا عليه على الأمد الطويل بعد تركه الحكم، أو دعما للمعارضين له خلال حكمه، وخصوصا أن حكم أول درجة أفرط في انتقاد قرار توقيع الاتفاقية".
أما السبب الثالث، فهو أن مصر ما زالت تراهن على إمكانية تغيير الموقف السعودي منها إذا تم حل مشكلة الجزيرتين، بغض النظر عن تغيّر الموقف من الملف السوري أو الخلاف بين رؤية البلدين لإمكانية التعاون مع قطر وتركيا والتيارات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين.