كتب سيد توكل:
يوما بعد يوم تطفو على سطح الحقيقة.. وجريمة جديدة من جرائم الانقلاب العسكري، بتصفية القتل خارج القانون، وقتل لمعتقلين بالإهمال الطبي "المتعبد"، واعتداءات على أهاليهم، ومحاكمات باطلة لا تمت للعدل بصلة، وأخيرًا رسالة مؤلمة تروي فصولا جديدة من القمع داخل زنازين أحرار الوطن في سجون العسكر، يرويها المستشار أيمن الوردانى، رئيس محكمة استئناف طنطا والعضو البارز بحركة «قضاة من أجل مصر».
يقول "الورداني": "وصلتنى مؤخرا عن حال أخى الحبيب الأستاذ الدكتور عبدالله شحاتة أستاذ وخبير الاقتصاد الشهير، والذى غادر بريطانيا التى منحته فيلا له ولزوجته وأولاده، وتأمين شامل لكل أسرته وراتب يربو عن الثلاثين ألف دولار شهريا.. ترك كل هذا ليعود إلى وطنه مصر ليعمل مستشارا ماليا لوزير المالية فى عهد الرئيس مرسي، فكان مصيره بعد الانقلاب الاعتقال والتعذيب حتى أصبح لا يعرف من هول التعذيب والسجن الانفرادى ولا يزال يعانى بالمعتقل بعد أن اتهمه الانقلاب بمساعدة الإرهاب..".
ويتباع: "وقعت فى يدي تلك الرسالة المؤلمة من الأستاذ الفاضل عبدالله النجار.. نزيل سجن طره أرجو أن تقرؤها بعقولكم وقلوبكم لا بأعينكم فقط.. لتعلموا فُجر عصابة الانقلاب.. وحسبنا الله ونعم الوكيل".
رسالة من معتقل بسجن استقبال طره
المشهد الأول:
الساعة السادسة صباحا. داخل زنزانة في سجن طره. يوم 28نوفمبر2015 صوت المفتاح يوضع في الباب ويدخل ضابط مباحث السجن وينادي بصوته العالي:طلعولى واحد من الأوضة دي بسرعه!!
يدخل اثنان من المخبرين فيوزعوا ابصارهم على القابعين في الزنزانة ثم يمسك احدهم بملابسي ويقول: قوم يلا تعلى معانا انت!!
بدأت أسأله: إيه في إيه؟؟! فلم يجب ولكن سحبني كما يسحب البعير للنحر !! خرجت من الزنزانة فإذا بخلق كثير من كل الزنازين وكلهم مسحوبين كحالي بالضبط . تم اقتيادنا إلى مكان فسيح داخل السجن.
المشهد الثاني:
عربات ترحيلات ينزل منها ما لا يقل عن 300 مجند امن مركزي ملثمين ومسلحين ومعهم كلاب الحراسة.. يتم اقتيادنا أمامهم مكبلين بالأغلال ثم تأتي سيارة مرسيدس سوداء فيقف جميع المجندين انتباه وكأنهم على رؤوسهم الطير . ينزل من السياره مساعد وزير الداخلية لمصلحة السجون وبيده سلاحه الميري تلك الطبنجة عيار 9ملم!!
في هذه اللحظة احسست بأنه ينوي تصفيتنا رميا بالرصاص ولكن نزل الباشا واخذ يدور حولنا ثم بدأ يوجه خطابه لنا:-انتوا بقى السياسيين اللي مش عاجبكم النظام ! اديكم بقيتوا هنا تحت جزمتنا وهنطلع دين اهلكوا كلكوا!
رد أحد الإخوة وقال: متسبش الدين يا باشا!
فرد الباشا: دين مين يا ابن دين ال*** دا انا هطلع ******* وأشار لبعض المجندين فأخذوا الأخ وانهاروا عليه ضربا بكل الطرق.. ثم أمر الباشا بنقل السجين إلى سجن العقرب! ولمن لا يعرف سجن العقرب فقط ابحث عن اسمه!!!!!
ثم أكمل الباشا قائلا: انا عندي استعداد اصفيكم كلكم دلوقتي وانتوا ملكمش ديه! إحنا في إدينا القوة كلها محدش يقدر يوقفنا ومعانا رئيس خلى العلم كله يركعله!!
هنا تذكرت قول الله تعالى: {واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون} فقلت له: ولكننا لم ولن نركع لغير الله تعالى.
فنظر لي نظرة متجهمة وقال: أنا هوريك ازاي تركعوا!! ثم وفي لحظ البصر انهال المجندين علينا جميعا بالضرب والسب ثم بعد ساعة كاملة من الضرب والباشا ينفخ سيجاره.. أمرهم بأن يعيدونا إلى زنازيننا!
المشهد الثالث:
داخل الزنزانة الساعة التاسعة صباحا بعد حفلة الضرب دخلت وأغلق الشاويش الباب ثم مرت نصف ساعة وإذا بالباب يفتح مرة أخرى ويدخل ما لا يقل عن 15مجند بأسلحتهم ويأمروننا جميعا بالخروج من الزنزانة ثم يأمرونا جميعا بخلع ملابسنا !!
وبعد بعض المناوشات الكلامية سحبوا كل واحد على حدة وتم تقطيع ملابسنا بالقوة ووقف كلا منا بملابسه الداخليه السفليه فقط!!!
المشهد الرابع:
العساكر يأخذوا كل شيء موجود في الزنزانة وأخدوا البطاطين والأطباق والملابس وكل شيء في الزنزانة ثم أمر العساكر بإدخالنا ونحن عراة!!!!
زنزانة 4×3 بها10 أشخاص عراة بلا أي شيء مطلقا.. تم تجريدنا من كل أشيائنا التي أرسلها أهلنا لنا!!!
بعد حوالي 3 ساعات ويرموا لنا كل واحد طقم ميري خفيف لنلبسه في عز هذا الشتاء والبرد!!
ولا حول ولا قوة إلا بالله
وحسبنا الله ونعم الوكيل
وتناشد الرسالة كل مصري حر يرفض الظلم بالقول: "إلى كل إنسان في كل مكان.. لا تسكت على الظلم وانشر قضيتنا فنحن لم ندخل السجن إلا من أجل كلمة واحدة وهي: لا إله إلا الله!!!".
وتتابع: "لا يكفيهم أنهم سلبونا حريتنا وحبسونا دون ذنب ولا جريمة اقترفناها ولكن هذا أقل ما يحدث معنا في السجن.. وهناك الكثير والكثير ولكن لا داعى للحديث!!!".
ويختتم "النجار" رسالته بهذه الكلمات: "فقط اعلموا وليعلم العالم كله أن لكم إخوانا في السجون يسامون سوء العذاب.. ولا ملجأ لهم سوى الله تعالى.. أخوكم: عبدالله النجار".