7 ملاحظات جوهرية على مسرحية تعديل وزراء حكومة الانقلاب

- ‎فيتقارير

كتب- يونس حمزاوي
وافق مجلس نواب العسكر على التعديل الوزاري الذي قدمه عبدالفتاح السيسي، قائد الانقلاب، اليوم الثلاثاء 14 فبراير، وذلك بعد ولادة متعسرة امتدت عدة أسابيع؛ على خلفية الاعتذارات الكثيرة عن تولي منصب وزاري في ظل الأوضاع الراهنة.

وتضمن التعديل الوزاري 9 حقائب و4 نواب لوزراء المجموعة الخدمية. وجاءت الأسماء كالتالي:
د. عبدالمنعم عبدالودود محمد البنا – وزير الزراعة
المستشار عمر الخطاب مروان عبدالله عرفة – وزير شئون مجلس النواب
د. سحر أحمد عبدالمنعم نصر- وزير الاستثمار والتعاون الدولى
د. علي السيد علي مصليحى – وزير التموين والتجارة
د. محمد هشام زين العابدين الشريف – وزير التنمية المحلية
د. هالة حلمى السعيد يونس – وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري
د. خالد عاطف عبدالغفار- وزير التعليم العالى والبحث العلمى
د. طارق جلال شوقى أحمد شوقى- وزير التربية والتعليم الفنى
المهندس هشام عرفات مهدى أحمد- وزير النقل

أما عن نواب وزيرى الزراعة والتخطيط فهم:
د. محمد عبدالتواب حسن السيد- نائب وزير الزراعة وشئون الاستصلاح الزراعى
د. منى محرز علي حسنين – نائب وزير الزراعة لشئون الثروة الحيوانية والسمكية والدجاج
د. صفوت عبدالحميد الحداد أحمد حماد- نائب وزير الزراعة لشئون الخدمات والمتابعة
د. صلاح عبدالرحمن أحمد عبدالرحمن – نائب وزير التخطيط للإصلاح الإدارى.

وفي هذا التقرير نرصد أبرز الملاحظات الجوهرية على التعديل الذي تمت الموافقة عليه، ومن المرتقب أن يقسم الوزراء الجدد اليمين أمام قائد الانقلاب غدا الأربعاء.

ظاهرة الاعتذارات الكثيرة

أبرز الملاحظات هي ظاهرة الاعتذارات الكثيرة التي واكبت هذا التعديل، ما تسبب في تأخيره عدة أسابيع.

وحاولت تقارير إعلامية موالية للعسكر تبرير هذه الظاهرة، بأن بعض المرشحين للمناصب الوزارية اعتذروا لضعف رواتب الوزراء!، ولكن شريف إسماعيل، رئيس الحكومة، نفى ذلك جملة وتفصيلا.

وبحسب مراقبين، فإن المنصب الوزاري فقد بريقه بعد انقلاب 3 يوليو 2013، وتفاقم الأزمات بصورة كبيرة، حتى بات الوزراء مرمى لسهام النقد والتجريح بدلا من رئيس الانقلاب، المسئول الأول عن كل الكوارث في البلاد.

بل إن بعض الوزراء تمت محاكمتهم أحيانا إذا تكشفت بعض روائح الفساد جراء صراعات الأجنحة داخل النظام ذاته، كما جرى مع وزير الزراعة السابق صلاح هلال و3 آخرين من قيادات الوزارة، في قضية رشوة لا تزال منظورة أمام القضاء.

غياب معايير الاختيار وعودة رجال مبارك

الملاحظة الثانية هي غياب معايير الاختيار، فلا يدري المواطنون لماذا تمت إقالة من شملهم التعديل أو لماذا تم اختيار هؤلاء الجدد بدلا منهم!.

خرج التعديل بقائمة أسماء لا يعرفها أحد إلا بعض أقارب المرشحين أو ربما بعض أصدقائهم، ولا يوجد لأحد منهم أي تاريخ سياسي ـ باعتبار أن الوزارة عمل سياسي بالمقام الأول ـ كما لا يعرف لأحدهم إنجازات تبرر توليهم الوزارة خلفا لمن سبقوهم، بحسب الكاتب الصحفي جمال سلطان، كما لا نعرف في النهاية لماذا عزلوا فلانا ولماذا أتوا بعلان مكانه، بل إن علي مصيلحي، وهو من تراث مبارك الإداري، طلبوا منه الاستقالة من مجلس النواب لأنه مرشح لتولي وزارة، وقال إنهم أخبروه باختياره في الحكومة الجديدة لكنهم لم يخبروه حتى الآن- صباح اليوم- عن الوزارة التي سيتولاها، على طريقة: "أهي وزارة والسلام!".

ما الهدف من التعديل؟

الملاحظة الثالثة هي الهدف من التعديل الوزاري، فهل أبان قائد الانقلاب للشعب الهدف من التعديل بدقة؟ أم أنه يمضى على خطى منهجه في "فنكوش" تفريعة قناة السويس التي برر إهدار عشرات المليارات عليها لرفع الروح المعنوية للشعب؟!.

وبحسب سلطان، فإنه يتم تغيير الوزارات في العالم الثالث المتخلف للتغطية على فشل القيادة السياسية صاحبة القرار، وهروبا من تحمل صاحب القرار مواجهة مشكلات متفاقمة، اقتصادية أو اجتماعية، فيقوم الحاكم بتحميلها للوزير والوزارة، فيقوم السلطان بعزل الوزارة أو عزل جزء منها، حسب تقديره للعائد المعنوي من ذلك، ويقوم بتعيين وزراء جدد ربما يكونون أسوأ كثيرا ممن سبقوهم، لا بأس، المهم أن الرسالة تصل إلى الشعب بأن "الحكومة الفاشلة" التي كانت سببا في الفساد وانهيار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وفشلت في تحقيق طموحات السلطان وأفكاره الخلاقة تمت الإطاحة بها، وعلى الناس التفاؤل بالجديد!.

الوزراء مجرد سكرتارية

ومن الملاحظات المهمة أيضا وهي الرابعة، ما بات معلوما من الواقع بالضرورة في ظل حكم العسكر الممتد إلى 6 عقود، أن رئيس الحكومة والوزراء والمحافظين هم في النهاية مجرد سكرتارية عند الرئيس أو قائد العصابة. فلا هم أصحاب قرار ولا يحزنون، لا يملكون حق وضع تصور أو خطة لوزاراتهم التي يضعها قائد الانقلاب عبر أجهزته الأمنية، الحاكم الفعلي للبلاد.

لذلك لا يمكن تصور أن تغيير جزء من الوزارة أو تغيير الوزارة كلها سيغير شيئا، بحسب سلطان، بل إن العادة جرت- في العالم الثالث أيضا!- أن الوزير أو المسئول إذا كان ناجحا وبدأ الناس يشيرون إلى نجاحه وبروزه يتم عزله والإتيان بجديد فاشل، لأن القاعدة- في العالم الثالث أيضا- أنه من أجل أن يضيء نجمك لا بد أن تطفئ كل الأنوار من حولك، حتى لو كانت تلك النجوم قادرة على تحقيق الأفضل لبلادها وشعبها.

في ظل الحكم الديكتاتوري تكون الحكومات عادة مجرد جهات تنفيذية "سكرتارية" لا تملك قرارها، ولا تملك سياسات يمكن أن تضعها، ولا تملك ثقة في إمكانية أن تكمل أي عمل، ولا تملك الجرأة على الإبداع والتطوير، هي دائما في انتظار التعليمات والتوجيهات، كما أن الوزير لأنه لم يأت بإرادة شعبية وإنما بقرار من الحاكم الفرد، فإن ولاءه الكامل يكون لهذا الحاكم وليس للشعب، لأن الشعب لم يملك قرار منحه الوزارة كما لا يملك عزله.

الفشل مستمر بعد إجهاض الديمقراطية

خامسا: من الملاحظات الجوهرية كذلك أن الفشل سيستمر ويتواصل في غياب الديمقراطية ومؤسساتها وثقافتها وتوازناتها والتداول السلمي للسلطة؛ ففي النظم الديمقراطية يأتي الوزير ممثلا لحزب سياسي أو كتلة برلمانية، كلاهما يأتي بإرادة شعبية واختيار شعبي حر، ويمكن عزله بنفس الطريقة، لذلك يكون للمواطن الفرد كرامة وهيبة عند الوزير أو المسئول؛ لأنه ولي نعمته الحقيقي، وصاحب قرار حاسم في توليه الوزارة أو عزله منها.

برلمان شكلي

سادسا: من الملاحظات كذلك أن البرلمان في العالم الثالث عندما يكون هناك برلمان فهو في النهاية إطار شكلي، والأمور يتم إقرارها بعيدا عنه، وتمر عليه لمجرد التصديق الشكلي، حيث لا يملك إرادة مستقلة.

وهو ما جرى بالفعل، حيث تم تصديق البرلمان على التعديل جملة واحدة "شيلة واحدة"، وليس كما يجب التصديق على كل وزير على حدة، فمنهم من يحظى بالموافقة والقبول، ومنهم من يتم رفضه والبحث عن بديل، ولكن ما جرى هو تأكيد شكلية البرلمان لتبقى الحكومة الفعلية التي تدير البلاد وتتخذ القرارات هي قيادات الأجهزة الأمنية، وما الحكومة والبرلمان إلا مجرد شكل وديكور، ولا فرق كثيرا من حكومة لأخرى، فهي في النهاية منزوعة الصلاحية.

فشل وزير التموين العسكري

سابعا: لعل أبرز الملاحظات في التعديل الذي جرى اليوم، هو إقالة اللواء محمد علي المصيلحي، وزير التموين، الذي لم يمض على توليه الوزارة عدة شهور، شهدت أكبر أزمات ومشكلات في كل الملفات المتعلقة بالوزارة.

وتكفي هذه الشهور التي أمضاها الجنرال للتأكد من أن العسكر فشلة في كل شيء إلا إذا احترموا أنفسهم وتخصصهم، وهو حماية حدود البلاد لا حكمها بالحديد والنار وقمع الشعب وسحق المعارضين.