الشرطة إذ توزع “البونبون” في ذكرى قتل الثوار

- ‎فيأخبار

كتب إسلام محمد:

الأوضاع في مصر لا يستوعبها عقل، هذه حقيقة مؤكدة.. إلا أن هناك بعض المواقف التي لا يمكن استيعاب معقوليتها أو أن يفكر أحد في تنفيذها على الإطلاق، ومن تلك المواقف ما قامت به مديرية أمن أسيوط التي وزع أفرادها الحلويات والشيكولاتة على الأهالي الذين تم استيقافهم عبر أكمنة ثابتة؛ ابتهاجا بأعياد الشرطة التي تحتفل بها الوزارة، وحدها، في مثل هذا اليوم، 25 يناير من كل عام. على الرغم من أنهار الدم التي سالت على أيدي هؤلاء الأفراد في مثل هذا اليوم من 6 سنوات، وما بعدها.

ويحدث ما يحدث وكأن داخلية الانقلاب تخرج ألسنتها للمواطنين، المضطرين إلى قبول الهدية، ليس لأن النبي قبلها بل لأنه لن يجرؤ أحدهم على رفضها، حيث توزع عليهم حلويات مغموسة بدماء أبنائهم.

ففي مشهد مليودرامي لا يخلو من تحد واستفزاز بالغين قامت قوات أمن أسيوط أمس، ليلة الذكرى السادسة لثورة يناير، بتوزيع شيكولاتة وحلويات على قائدي السيارات المارين في الشارع، وكأن ثورة على الشرطة لم تقم، متناسين أن ثورة يناير، اندلعت شرارتها بسبب جرائم تلك المليشيات ضد المصريين على مدى سنوات طويلة، أفرزت غضبا شعبيا غير محدود ضد التعذيب والقهر الذي كان يمارس بشكل اعتيادي في أقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز والسجون ومقار أمن الدولة، وهو التعذيب الذي يعرفه المصريون بلا استثناء، واكتوى بناره الآلاف عبر سنوات طويلة كان يمارس فيها التعذيب بشكل منهجي منظم.

عمرو أديب، الإعلامي الذي حصل خلال الفترة الأخيرة على توكيل الدفاع المستميت عن الانقلاب بمؤسساته المختلفة، أشار، أمس عبر برنامجه بقناة "أون تي في"، إلى أن السكر الذي يشربه المصريون مغموس بدم ما وصفها بالتضحيات التي تقدمها مؤسسات الدولة، إلا أن الواقع يكشف أن المغموس بالدم هي الشيكولاتة التي وزعها الضباط وأمناء الشرطة والجنود في شوارع أسيوط وغيرها، بعد أن سالت دماء الآلاف في غرف التعذيب أو في الشوارع.

ولم تكن دماء محمد عواد "ضحية السجن الحربي" وسيد بلال وخالد سعيد ومسعد قطب إلا نماذج بسيطة لعدد غير محدود من الجرائم التي ارتكبت على يد أفراد الشرطة منذ سنوات طويلة وحتى اليوم.

ومن الصعب أن يتمكن "البونبون" الذي وزعه أفراد الشرطة في شوارع أسيوط في إزالة طعم التعذيب الذي لم يفارق الضحايا، أو تأثير الكرابيج التي جلدت ظهورهم، أو الدموع التي حفرت أخاديد في وجود أهالي المكلومين.