حسين علام
قال الكاتب الصحفي وائل قنديل، إن نظام عبد الفتاح السيسي يعلم جيدا أن قضيتي التخابر مع قطر وحركة حماس، محض هراءٍ وتهريج، وأن الرئيس محمد مرسي، وكل المتهمين بهذه القضية المضحكة، أبرياء، كما يعلم أيضا الرئيس مرسي والمتهمون أن نظام عبد الفتاح السيسي يعلم أنهم أبرياء، ونعلم جميعاً أن سلطة الانقلاب تعلم أن القضية ليست أكثر من وسيلةٍ للمناكفة السياسية والابتزاز الاقتصادي.
وتساءل قنديل خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الاثنين، "ما سر هذه الاحتفالات الصاخبة في دولة "السيسيتان" لمناسبة صدور أحكامٍ بالإعدام والسجن المؤبد في قضية أعطوها اسم "التخابر مع قطر"؟.
وأجاب قنديل أن الحكاية، باختصار، تبدأ وتنتهي في الكيان الصهيوني الذي يحصدُ، الآن، ثمار ما زرعه في مصر قبل ثلاثة أعوام، من نظام صنعوه بأعينهم وثبتوه، وانطلق يعربد في التاريخ والجغرافيا، فيحذف اسم "إسرائيل" من قائمة الأعداء، ويعبث في مناهج التعليم، على النحو الذي يرضيها، ويمنحها صوته في المحافل الدولية، ويقوم بدور "الجرّار" لقافلة التطبيع، ويسعى إلى توسيع "عملية السلام"، وتدفئتها وتسخينها، وإدخال أطرافٍ عربية جديدة فيها، ويتصّل برئيس الحكومة الصهيونية، مرّة على الأقل أسبوعياً، لتلقي "الأوردرات" وتنفيذها، في الوقت الذي يسجل هذا النظام الانقلابي سابقة تاريخية في سجل العلاقات العربية/ العربية بوضع واحدةٍ منهم في لائحة الاتهام بالتخابر والتجسّس على دولةٍ عربية شقيقة.
وأوضح أن هذه هي النقطة المحورية في الموضوع وهي إلغاء تصنيف الكيان الصهيوني عدواً، وإقحام قطر و"حماس" مكانه، الأولى عقاباً لها على إعلام مهني محترم، يتبنى أحلام وتطلعات شعوب الربيع العربي، والثانية لأنها لا تزال تقاوم، وترفض الانصياع لإغواء الدخول إلى مخدع المشروع الصهيوني للمنطقة، لافتا إلى أنه من الناحية القانونية، تبدو القضية مهلهلة، من أولها إلى آخرها، إذ تبرئ المحكمة الرئيس مرسي ومساعديه من تهمة التخابر، فينطق الحكم "ببراءة كل من محمد محمد مرسي عيسى العياط، وأحمد محمد محمد عبدالعاطي، وأمين عبدالحميد الصيرفي، وخالد حمدي عبدالوهاب رضوان، ومحمد عادل حامد كيلاني، وأحمد إسماعيل ثابت إسماعيل، وكريمة أمين عبدالحميد الصيرفي، وأسماء محمد الخطيب، في اتهامهم بالحصول على مستندات بغرض تسليمها لجهاتٍ أجنبية".
وقال إنه على الرغم من إقرار المحكمة ببراءة المتهمين الرئيسيين من الحصول على مستنداتٍ بغرض تسليمها لجهاتٍ أجنبية، فإنها تعاقب المتهمين الذين يأتون في المراكز المتأخرة من لائحة الاتهام بالإعدام، الأمر الذي يرجّح أن المستهدف في هذه الدراما العبيطة كلها أن يدشّن نظام عبد الفتاح السيسي عصراً إسرائيلياً جديداً، يتهم في العرب بعضهم بعضاً بالتجسّس والتخابر، بينما في خلفية الصورة مطرب استراتيجيٌّ بائس يغني نصاً شائها على إيقاعات صهيونية شاذة، يقول "إسرائيل لم تعد عدواً لمصر.. إسرائيل لا تشكل خطراً".
وأضاف قنديل أنه بموازاة ذلك، يصدمنا استسلام بعض الأصوات لإغراء وضع المتهمين بالتخابر مع قطر في سياقٍ واحد مع حكاية الجاسوس الإسرائيلي، عزام عزام، مؤكدا أنه لا يصحّ أن يوضع مصريون، تعلم المحكمة نفسها، أنهم أبرياء ومواطنون محترمون، في مقارنة غير مباشرة مع حالة جاسوسٍ يحمل الجنسية الإسرائيلية، كما أن هذا السرد التاريخي لا مردود له سوى أنه يحشر قطر مع إسرائيل، في مقارنةٍ صامتة.
وتساءل قنديل في سخرية: " من يضيّع وقته في التجسس على دولة، جيشها يبيع الخرّوب، ويسرح بالمعجنات في الشوارع، ويسمح لفيالق من متقاعديه، بعد وضع ملصق "خبير استراتيجي معتمد" ببيع الحكايات والأسرار والأرقام كل ليلة على نواصي الفضائيات، وفي سراديب "التوك شوز"؟.. من يتجسّس على دولة لديها "عباس" ملك التسريبات؟!".