جميل نظمي
في إطار عسكرة الاقتصاد، وتولي غير المتخصصين لشئون البلاد المالية، والذين لا هم لهم سوى تنفيذ الاوامر العسكرية، ظنا منهم أن الرئيس يعرف أكثر، وأن البيادة قد تقود الاقتصاد.. قرر البنك المركزي برفع أسعار الفائدة 100 نقطة أساس، يوم الخميس الماضي، الامر الذي اعتبره اقتصاديون سيكون له انعكاسات سلبية على تكلفة الاقتراض التي تعد أحد عوامل جذب الاستثمارات.
وكان البنك المركزي قرر، الخميس الماضي، رفع سعر الفائدة على الودائع والقروض البنكية نقطة مئوية (100 نقطة أساس) لكبح جماح التضخم، ليصل إلى 11.75% للإيداع و12.75% للإقراض، وهو أعلى مستوى في عشر سنوات على الأقل.
وصف محمد الدماطي العضو المنتدب للشركة العربية للصناعات الغذائية "دومتي"، في تصريحات صحفية "القرار بأنه غير مشجع للاستثمار"
وقال الدماطي "المشكلة أن البنك المركزي ليس أمامه حلول كثيرة للتعامل مع مشكلة الأسعار.. لكن نتمنى أن هذا القرار لا يؤثر على رغبة المستثمرين في التوسع خلال الفترة المقبلة".
زيادة تكلفة الإنتاج
وبحسب الخبراء فإن رفع أسعار الفائدة "يزيد الأعباء على الشركات في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها الاقتصاد". بل إن رفع أسعار الفائدة يشجع أي شخص يمتلك مبالغ أن يودعها في البنوك بدلا من المخاطرة في مشروع صناعي أو حتى في مشروعات أخرى.
زيادة أسعار لا كبح للتضخم
وأشار حمدي عبد العزيز، رئيس شركة أتوكول لصناعة تكييفات السيارات، ورئيس غرفة الصناعات الهندسية، في تصريحات صحفية، إلى أن "التمويل جزء من تكلفة الإنتاج، وكلما زادت التكلفة زاد السعر النهائي للمنتج، وهو ما يعني أن الأسعار قد تزيد ولا تقل على عكس الهدف من القرار".
ومن المؤكد فإن ارتفاع تكلفة الاقتراض الناتج عن رفع أسعار الفائدة سيؤدي إلى تراجع معدلات الاستثمار وبالتالي النمو.
زيادة فوائد الديون
كما من المتوقع أن تسهم الخطوة في زيادة نفقات الدولة على فوائد ديونها التي تقدر الحكومة أن تمثل 31% من مصروفات الموازنة العامة للدولة في 2016-2017.
وتقول إيمان نجم، محللة الاقتصاد الكلي ببنك الاستثمار برايم، إن "قرار المركزي الأخير سيزيد من نفقات الدولة على فوائد الديون التي تتوقع الحكومة أن تبلغ في موازنة العام المقبل نحو 292 مليار جنيه، ولكنها فعليا ستتعدى 300 مليار جنيه".
وتعتبر الحكومة أن نفقات فوائد الديون التي كانت متوقعة في مشروع موازنة 2016-2017 قبل قرار الفائدة الأخير، مرتفعة بما "يؤثر على قدرة توجيه موارد الدولة إلى المجالات التنموية والاجتماعية المستهدفة"، بحسب البيان المالي لمشروع الموازنة.
وتشمل نفقات فوائد الديون الفائدة المستحقة على أدوات الدين المحلية والخارجية سواء قصيرة أو طويلة الأجل، أو على قروض لتمويل مشروعات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى فوائد ديون سابقة.
وتمثل فوائد سندات الخزانة، ديون محلية طويلة الأجل، النسبة الأكبر من نفقات الفائدة الحكومية في العام المقبل، بنسبة 34%، تليها فوائد مسددة للبنك المركزي، بنسبة 28%، ثم فوائد أذون الخزانة الحكومية، ديون قصيرة الأجل، بنسبة 24%، تبعا للبيان المالي لمشروع موازنة 2016-2017.
دائرة مفرغة
وترى إيمان نجم أن الدولة دخلت في دائرة مفرغة، حيث سيسهم قرار رفع الفائدة في زيادة تكاليف الديون الحكومية وزيادة العجز بالتبعية، وسيسهم العجز بدوره في زيادة التضخم.
وكانت الحكومة حذرت، في البيان المالي لمشروع موازنة العام المالي 2016-2017، من تزايد حجم الاستدانة لتمويل الإنفاق العام، وقالت إن هذا الأمر "يعد من أهم المخاطر المالية في مشروع الموازنة".
وتتوقع الحكومة أن يبلغ إجمالي الدين الحكومي في العام الذي سيبدأ يوليو المقبل 3.1 تريليون جنيه بما يعادل 97.1% من الناتج المحلي الإجمالي.
وقفز معدل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين في المدن إلى 12.3% في مايو مقابل 10.3% في أبريل، وفقا لآخر بيانات معلنة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء.
كما سجل التضخم الشهري أعلى زيادة منذ يوليو 2014 حيث ارتفع بنحو 3.2% في مايو مقارنة بشهر أبريل.
وصعد معدل التضخم الأساسي، المعد من قبل البنك المركزي، بنحو 3.15% في مايو مقارنة بأبريل، مسجلا أعلى زيادة شهرية منذ يناير 2008.
وانخفض معدل النمو في الناتج المحلي إلى 4.5% خلال النصف الأول من العام المالي الجاري مقابل 5.5% في نفس الفترة من العام الماضي.
وخفضت الحكومة توقعاتها لمتوسط النمو خلال العام المالي الجاري إلى نحو 4.4% مقابل نحو 5% في تقديراتها السابقة.