6 سنوات من الخراب والدماء منذ “جمعة التفويض”

- ‎فيتقارير, غير مصنف

في مثل هذا اليوم، وبعد أيام قلائل من الغضب الشعبي المندلع في شوارع مصر وبيوتها وميادينها إثر الانقلاب العسكري الغاشم على إرادة المصريين وثورتهم بعزل قسري للرئيس الشرعي محمد مرسي، وفي إطار تطبيق سيناريو نشر الرعب والخوف في أوساط المصريين لإسكاتهم عن المطالبة بحقوقهم، دعا قائد الانقلاب العسكري المصريين إلى النزول للميادين والتظاهر، وإعطائه تفويضًا لمواجهة الإرهاب المحتمل.

ونزل العشرات من المخدوعين الذين جرى شحنهم من قبل أجهزة الأمن ومرشديهم مقابل وحبة غذائية، و100 جنيه من أعضاء برلمان حسني مبارك في 2010، وبعض رجال الأعمال القتلة، كفرج عامر وأحمد فؤاد أباظة وزكريا عزمي وأحمد عز، وبعض فلول نظام مبارك الذين أرادوا الانتقام من شباب ثورة يناير، وثبات الإخوان المسلمين وشبابهم في ميادين التحرير لخلع مبارك في 2011.

وطالب السيسي في 24 يوليو 2013، في خطاب بمقر عسكري، المصريين بالنزول للشوارع، فيما سُمي بجمعة “التفويض” 26 يوليو 2013 لمواجهة ما أسماه “الإرهاب المحتمل”.، والذي تحول إلى إرهاب فعلي. يومها نزل الميادين مؤيدون يرفعون صورة السيسي، عدتهم وسائل إعلام مؤيدة له وقتها “ملايين”.

دماء

وعقب جمعة التفويض أُهدرت دماء المصريين بصورة غير مسبوقة وغير معهودة، من مذبحة شارع رمسيس ومسجد الفتح التي استشهد فيها مائة شخص، لمجزرة “الحرس الجمهوري” ضد الساجدين بشارع صلاح سالم التي قتل فيها 75 شخصا، لمجزرة المنصورة بمحافظة الدقهلية في دلتا النيل، وقتل فيها البلطجية والأمن 11 متظاهرا ضد الانقلاب.

ومجزرة “مسجد القائد إبراهيم” في الإسكندرية، التي أسفرت عن استشهاد عشرة أشخاص وإصابة 400 بطلقات خرطوش ورصاص حي.

ومجزرة “المنصة” بمدينة نصر في القاهرة، التي قتل فيها 130 من معتصمي رابعة العدوية، وذلك بعد ساعات من تجمع أنصار السيسي بميدان التحرير ومنحه التفويض الذي طلبه منهم.

ومجزرة “فض اعتصام، رابعة العدوية بمدينة نصر بالقاهرة، واعتصام “النهضة” بالجيزة، على يد قوات الجيش والشرطة، ومقتل 3000 على الأقل من أنصار الشرعية وفقا لأرقام منظمات حقوقية، وتحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب الداعم للرئيس محمد مرسي.

ثم مجزرة “رمسيس الثانية” وسط القاهرة، التي كانت حصيلتها استشهاد 103 متظاهرين من رافضي الانقلاب، واستخدم فيها الجيش المدرعات والطائرات والرصاص والغاز والخرطوش.

ومجزرة سيارة ترحيلات سجن “أبو زعبل”، التي استشهد فيها 37 معتقلا من جماعة الإخوان المسلمين بعد اختناقهم بقنبلة غاز ألقاها أفراد أمن الانقلاب داخل السيارة.

بجانب مجزرة وقعت في الذكرى الأربعين لنصر أكتوبر 1973، التي استشهد فيها 51 رافضا للانقلاب برصاص الأمن أثناء التظاهر في القاهرة ومعظم المحافظات، وكان أكثرها عنفا بمنطقتي الدقي بالجيزة، ورمسيس بالقاهرة.

كوارث مجتمعية

وشهدت مصر منذ الانقلاب العسكري على الرئيس الشرعي محمد مرسي، كوارث وأزمات أنهكت المصريين، تمثلت- حسب مراقبين- في حوادث تحطم للطائرات، وقتل أجانب، وانتحار مواطنين، وغرق في نهر النيل، وزيادة في وتيرة أعمال العنف، وأحكام إعدام، ومجازر قتل وتصفية خارج إطار القانون للمعارضين.

وتنوعت الكوارث أيضا، ما بين أزمة مياه النيل وسد النهضة الإثيوبي، و”التنازل” عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وذبح المصريين في ليبيا، وحوادث طرق أودت بحياة الآلاف، وانهيار “كباري” حديثة الإنشاء، وغيرها من الكوارث التي اعتاد المصريون على سماعها يوميا منذ انقلاب عبد الفتاح السيسي.

وشهد عام 2014 وحده بعد التفويض مباشرة ما يقرب من 300 كارثة محلية حلت بالمصريين، بحسب تقارير صحفية، وسجل المراقبون عدة حوادث في أبريل 2014، منها تسمم الأهالي في محافظة الشرقية بمياه الشرب، وانهيار كوبري المنصورة، وتصادم قطاري مترو أنفاق العباسية، وحريق مخزن قطارات محطة مصر، وتفجير برجي كهرباء السد العالي.

وكشفت منظمة الصحة العالمية في يناير 2015، عن أرقام مفزعة شهدها عام 2014 حول حوادث الطرق، التي راح ‏ضحيتها حوالي 13 ألف قتيل و60 ألف مصاب في مصر، الأمر الذي وضعها على رأس قائمة الدول ‏الأسوأ عالميا في حوادث الطرق.‏

وأدى التفويض إلى كوارث جمة على المصريين، إلا أن الغريب أنه في فبراير 2018، عاد السيسي ليهدد المصريين، بل وقيادات نظامه وبعض أذرعه العسكرية والأمنية بإمكانية طلبه التفويض مجددا من المصريين، بعد تصاعد الغضب الشعبي والسياسي تجاه سياساته الجهنمية، قائلا: “أنا مش سياسي، وأي حد يفكر يقرب منها، لأ.. هقول للمصريين انزلوا تاني ادوني تفويض قدام الأشرار.. أي أشرار.. لو الأمر استمر كده وحد فكر يلعب في مصر وأمنها هطلب منكم تفويض تاني”.

وهكذا تأتي الذكرى السادسة للتفويض لتعيد تذكير المصريين بجرائم السيسي الدموية ضد معارضيه وضد كل المصريين، الذين بات عليهم التوحد ضد العسكر لإسقاط الحكم العسكري من جذوره.