كتب سيد توكل:
في وقت يجتهد فيه الانقلاب العسكري حتى لا يجد المصريون الخبز، ويعاني 3 أطفال من كل 10 من "التقزم" لأنهم لا يحصلون على الطعام الكافي، تتبخر مئات المليارات التي ارتفع بها الدين العام الخارجي والمحلي، ومليارات أخرى نهبت ولم تطالب بها الدولة، ومليارات على شكل منح من الخليج والغرب ضاعت على الدولة، ومليارات تم إنفاقها على ما لا تحتاجه الدولة، في حين وقف رئيس الانقلاب يزعق في شعبها قائلا: "يا ريت حد يقولكم أننا فقرا أوي"!
في غضون ذلك هرول رئيس حكومة الانقلاب المهندس شريف إسماعيل صباح اليوم الاثنين، ليفتتح أوكازيون 2017 للتسول العسكري، تحت شعار مؤتمر مجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب حول الإرهاب والتنمية الاجتماعية "أسباب ومعالجات"، الذي يعقد في شرم الشيخ يومى 27 و28 فبراير الجاري، بمشاركة عدة وفود خليجية تحمل الرز للجنرالات.
وذرًا للرماد في العيون ومنعًا للحسد، زعم المهندس شريف الشهير بالصايع الضايع، أن المؤتمر يأتي إدراكًا لدور التنمية الاجتماعية فى تعزيز جهود القضاء على ظاهرة الإرهاب، في الوقت الذي أكد فيه مراقبون أن السيسي وراء بحار الدم في سيناء، وتفجيرات الكنائس في القاهرة، واغتيال قيادات من الجيش، ولو أنه كان جادًا فلماذا لا ينهي ملف "الدولة الإسلامية" في سيناء كما فعل مع المعتصمين السلميين في رابعة والنهضة، الذين أحرقهم بلا ذنب، وبلغ القتلى في يوم واحد زهاء الـ5000 آلاف شهيد وأضعاف ذلك من المصابين.
ويشهد مؤتمر التسول 2017، عددا من جلسات "الشحاتة" تحت لافتات مثل أثر الإرهاب، وتداعياته على التنمية الاجتماعية، ودور المجتمع الدولى والإعلام التنموى فى مكافحة الإرهاب، وكذا دور المنظمات الدولية والإقليمية وعلى رأسها جامعة الدول العربية فى هذا الإطار، إلى جانب أهمية دور الشباب والمرأة لمواجهة الفكر المتطرف، وأثر الخطاب الدينى المعاصر فى مواجهة العنف وتنمية فكر التسامح فى المجتمع!
الإرهاب سبوبة العسكر!
ويتخذ الانقلاب من فزاعة الإرهاب "سبوبة" يبرر بها بقاءه في السلطة، ويمنح بها نفسه شرعية مزعومة، بينما يجلس رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، الشهير بالجنرال "بلحة" بين حاشيته وصبيانه في مؤتمر تكلف عشرات الملايين، واحتفى الإعلام بتصوير البذخ في مواكب مسئوليه والحديث عن فنادقهم الفاخرة، ليحدث الشعب المصري عن فقر بلادهم الشديد.
يبدو مشهد السيسي كاريكاتوريا بالفعل، شخص من المفترض أنه رئيس دولة يخاطب الشعب قائلا: "بيقولولك أنه أنه مش سائل فيك وأنه مش بيأكلك ولا بيعلمك"، بالطبع.. كلمة (أنه) عائدة على السيسي نفسه بينما المخاطب هو المواطن المصري!
وهنا يتخيل السيسي المواطن المصري شحاذا يتسول من بيت والدته الطعام والشراب ومصروفات التعليم، لا يرى السيسي مصر دولة يملكها الشعب ويعمل هو فيها خادما عنده، يتقاضى راتبه من جيوبهم، بينما الأموال التي يغرق فيها هو وأهله وحاشيته وحكومته من أموال هذا الشعب المنهوب.
كوميديا سوداء
نعود ثانية للمشهد الكاريكاتوري المبتذل الذي يتقن تجسيده ببراعة "عبدالفتاح السيسي"، يواصل كلامه بغضب شديد: لكن محدش قالك إنك فقير أوي.. ثم يرفع صوته منفعلا، بنبرة لا علاقة لها بأحاديث الرجال ويكررها: محدش قالك إنك فقير أوي (مع ترقيق الصوت بشدة في كلمة أوي) ثم يعيدها بصوت أعلى وبغضب أشد: لأ يا ريت حد يقولكم إننا فقرا أوي، ثم يشيح بوجهه للخلف زاعقا بأسلوب (سائقي التكاتك): "اسمع الكلام".
جدير بالذكر أن مصر لا تزال تقارير ودراسات دولية تصفها بأنها واحدة من أغنى أراضي العالم بأنواع عدة ومختلفة من الثروات الطبيعية والبشرية، ما بين بحار تحدها بطول آلاف الكيلو مترات، وشواطيء ساحرة، وثلث آثار العالم، ونهر يجري بطولها، وأراض زراعية عالية الخصوبة، وحقول بترول وغاز طبيعي ومعادن ومحاجر ومناجم ذهب، وثروات استولت عليها عصابة من عسكر حكموا مصر منذ عام 1952 فحولوها من دولة دائنة لإمبراطورية بريطانيا العظمى لدولة مدينة لطوب الأرض.