كتب رانيا قناوي:
لم يفق المواطن البسيط في مصر من كارثة إلا ويدخل في أخرى، حيث وجه نظام الانقلاب صفعة جديدة موجعة على وجه الغلابة برفع سعر الدواء مرة أخرى، رغم الزيادات التي كسرت ظهر المواطنين في الآونة الأخيرة، سواء في سعر السلع الغذائية والاستراتيجية من وقود وغذاء ومواصلات، أو سعر الدواء، حينما خاطبت وزارة الصحة في حكومة الانقلاب شركات الأدوية لرفع أسعار الأدوية 10% للمستورد، و15% للمحلي.
واعتبر الدكتور علي الغمراوي، المدير الفني لغرفة صناعة الدواء، أن قرار وزارة الصحة لموافقتها على رفع أسعار الأدوية عمل يستحق الثناء، ولا عزاء للمواطن الغلبان الذي لم تبحث حكومة الانقلاب من أين سيوفر فرق هذه الزيادات المستمرة، رغم انتشار الفقر والبطالة وركود حركة الرواتب.
وأشار الغمرواي -في تصريحات صحفية أمس الأربعاء، إلى أن تعويم سعر الجنيه جعل زيادة أسعار الدواء ضرورة، بل طالب بزيادة 30% من أصناف الأدوية، متسائلا أيهما أفضل نرفع الأسعار أم لا نجد الأدوية؟".
رفع السعر بزعم توفير الأدوية
فيما كشف الدكتور جمال الليثي، عضو غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، عن أنه يقترح زيادة أسعار 30% من الأدوية كل عام بنسبة 50%، حتى يتم رفع الأسعار تدريجيًا كي لا يحمل عبئًا على المواطنين، ومن الممكن تقسيمها بحيث يتم رفع 15% من المنتجات الدوائية كل 6 أشهر، بعد تحرير سعر الصرف وبعد ارتفاع سعر الدولار بنسبة 100%.
وأضاف "الليثي"، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "من الآخر"، على قناة "روتانا مصرية"، مع الإعلامي محمد العقبي، أن وزارة الصحة اقترحت على كل شركات الأدوية تقديم 10% من الأصناف المصنعة لها من أجل زيادتها بنسبة 50%، مع وعد بتقليل بعض التكاليف غير المباشرة التي تتحملها الصناعة كالغاز والمياه والكهرباء والقيمة المضافة.
وزعم عضو غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات، أن الهدف من تلك الزيادة هو توفير الأدوية للمواطنين داخل الاسواق، وتوفير الراحة لشركات الأدوية، قائلًا: "لابد من أن يكون سعر البيع أعلى من سعر التكلفة كما هو مطبق في الأسواق العالمية، لضمان توفير السلع".
الغلابة يدفعون الثمن
وبذلك تحولت مشاكل قطاع الأدوية بمصر من الارتفاع "الجنوني" في أسعارها، إلى أزمة جديدة تهدد حياة غالبية المرضى المصريين والتي تمثلت في اختفاء عدد كبير من الأصناف الدوائية.
ووفقاً لعاملين في قطاع الأدوية المصري، فإن الأزمة لا تتمثل في شح الدولار لتوفير الأدوية، ولكن في تحرير سعر الصرف وتكبد غالبية الشركات الأجنبية التي تعمل في قطاع الأدوية المصري خسائر حادة، خاصة أن الفترة الحالية تشهد تحويل أرباح هذه الشركات إلى الخارج.
وأوضحت مصادر خاصة في تصريحات صحفية أن غالبية الشركات الأجنبية بدأت منتصف الشهر الماضي تحويل أرباحها من الجنيه المصري إلى الدولار، تمهيداً لتحويل هذه الأرباح إلى الشركات الأم في الخارج. وظهر من خلال تحويل العملة وجود خسائر قياسية في أرباح هذه الشركات التي كانت في السابق تقوم بتحويل الجنيه إلى الدولار مقابل أقل من 9 جنيهات.
لكن في الوقت الحالي يتم تحويل الجنيه إلى الدولار بما لا يقل عن 18 جنيهاً، ما يعني وجود عجز يقدر بـ50% في إجمالي أرباح الشركات بعد تحويل أرباحها من الجنيه المصري إلى الدولار.
نقص الأدوية الهامة
ووفقًا للمصادر فإن أكثر من 148 صنفًا دوائيًا اختفى بشكل تام من الأسواق، من بينها أدوية الأمراض المزمنة مثل القلب والفشل الكلوي والكبد وأدوية أمراض الدم.
وأعلنت الشركة المصرية لتجارة الأدوية التابعة للشركة القابضة للأدوية بمصر، أن الدفعة الأولى من الأدوية الناقصة التي أسندت الحكومة ممثلة في وزارة الصحة والسكان استيرادها للشركة، ستصل خلال أيام.
وأوضحت أن الدفعة الأولى تتكون من مشتقات الدم الناقصة في السوق، في ظل النقص الشديد في أدوية تخثر الدم فاكتور 8 و9 والـ "إم تي آر إتش"، مؤكدة انتهاء إجراءات استيراد الشحنة، وتنتظر الشركة وصولها للموانئ وإنهاء إجراءات الإفراج الجمركي وتوزيعها مباشرة بعد وصولها.
ونفت الشركة وجود أي مشاكل فى توفير الاعتمادات الدولارية لاستيراد تلك الأدوية، مؤكدة أنها تشمل أنواعًا كثيرة سيتم استيرادها على مراحل لحل مشكلة النقص في الأدوية.
وقال أمير يوسف، مدير صيدلية بالجيزة، إن الأزمة لم تعد تقتصر على ارتفاع أسعار الأدوية بشكل جنوني، ولكن الأزمة الكبرى تتمثل في اختفاء عدد كبير من الأصناف وظهور سوق سوداء للأدوية، وتجار يتحكمون في هذه السوق بعيدًا عن رقابة وزارة الصحة، موضحًا أن هناك شركات أدوية ترفض توريد بعض الأصناف في الوقت الحالي، وتترقب رفع أسعارها خلال الأيام المقبلة، لكنها تنتظر موافقة وزارة الصحة على رفع أسعار هذه الأصناف.
وأشار إلى أن أسعار الأدوية ارتفعت بنسب تصل إلى 50% خلال الأيام الماضية، وهناك أصناف ارتفعت أسعارها بنسبة 100%، ومع ذلك أصبحت غير موجودة في الصيدليات وتباع في السوق السوداء.